أسعار النفط دون 66 دولارا للبرميل
مالت أسعار النفط أمس إلى الانخفاض نسبيا متأثرة بحالة الترقب التي تسبق اجتماعين دوليين مهمين أولهما اليوم في مدينة أوساكا باليابان، حيث تنطلق اجتماعات مجموعة العشرين وسط حالة من المتابعة المكثفة والخاصة لنتائج مباحثات الرئيسين الأمريكي والصيني ومدى تأثيرها في حل النزاعات والحروب التجارية بين البلدين.
وتترقب الأوساط الاقتصادية العالمية نتائج الاجتماع الوزاري لدول أوبك وخارجها التي تبدأ في فيينا الإثنين المقبل وتستمر يومين، ومن المتوقع أن تحسم الجدل المثار حول سياسات الإنتاج ومدى التقيد بخفض الإنتاج خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وتسيطر حالة من التقلبات السعرية على أسواق النفط بسبب تضارب التوقعات بشأن الطلب وفرص احتواء الحرب التجارية واستمرار ارتفاع مستوى المخاطر الجيوسياسية المؤثرة في السوق على ضوء تصاعد التوتر في الشرق الأوسط والتهديدات المحيطة بالممرات المائية لتجارة النفط العالمية في الشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن الأنظار تتجه إلى إمكانية حدوث تقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على هامش قمة العشرين، لافتا إلى أن حدوث ذلك سيكون أكبر داعم لنمو الاقتصاد العالمي والعكس صحيح.
وأشار ماندرا إلى أن تعثر المفاوضات مرة أخرى سيرفع مستوى المخاطر في الاقتصاد العالمي وسيؤدي ذلك إلى ضعف النمو ومن ثم هبوط أسعار الخام إلى مستويات مقلقة، ما يدفع المنتجين المشاركين في اجتماع "أوبك+" للتفكير جيدا في مزيد من تضييق المعروض النفطي للحيلولة دون تهاوي الأسعار خاصة في ضوء توقع بعض البنوك الدولية بهبوط الأسعار إلى مستوى 30 دولارا للبرميل إذا اشتعلت الحرب التجارية على نحو متصاعد.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، بيل فارين برايس مدير شركة "بتروليوم بوليسي إنتلجنس" الدولية، أن الحرب التجارية ليست في مصلحة الاقتصاد العالمي ولا أي طرف خاصة مع احتمال تخفيض الصين لليوان لتعزيز صادراتها لمواجهة الحرب التجارية ولكن ذلك في الوقت نفسه سيرفع تكلفة النفط المقوم بالدولار في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، ما يضعف مستويات الطلب العالمي.
وذكر برايس أن الأسعار تتلقى دعما قويا من تصاعد التوتر السياسي بين الولايات المتحدة وإيران مع عدم وضوح أفق تطورات هذا الصراع مشيرا إلى أن العقوبات على إيران تتجه إلى مزيد من التشدد، ما هبط بالإنتاج الإيراني بشكل حاد بينما يحاول الإنتاج الأمريكي تعويض المعروض العالمي بمزيد من إمدادات النفط الصخري.
ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس الدولية، إن الاستثمارات النفطية تعافت نسبيا بعد الركود الواسع الذي مرت به بين الأعوام 2014 و2016، ولكنها ما زالت أقل من الطموحات لافتة إلى أنه بحسب تقديرات مورجان ستانلي تسببت تقلبات السوق وتراجع الأسعار أخيرا في خفض توقعات نمو الإنفاق الاستثماري من 8 إلى 6 في المائة حتى عام 2022.
وأضاف جوتير، أن إنعاش الاستثمارات وإعادتها إلى مستوى ما قبل الأزمة التي حدثت في منتصف عام 2014 يتطلب جهودا دولية أوسع وتعزيز لشراكة المنتجين في "أوبك +"، وهو ما توليه منظمة أوبك وعديد من المؤسسات المعنية جهودا كبيرة في المرحلة المقبلة.
وبدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، إكسيوي ساهو المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة، إن أسواق النفط دون شك على أعتاب أسبوع حاسم بسبب التأثير القوي المتوقع لكل من اجتماعي مجموعة العشرين في اليابان والمؤتمر الوزاري لدول أوبك وحلفائها في فيينا، مشيرة إلى أن النتائج الإيجابية للاجتماعين ستكون بمنزلة قوة دفع للاقتصاد العالمي في ظل هذه المرحلة الحرجة التي تختلط فيها عوامل السوق بالمخاطر الجيوسياسية.
ونوهت ساهو إلى أن المفاوضات الأمريكية الصينية تترقبها كل الدوائر الاقتصادية في العالم خاصة إذا أخذنا في الاعتبار ثقل البلدين، مشيرة إلى أن أحدث التقارير الدولية تؤكد أن الصين والولايات المتحدة تشكلان ما يقرب من 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأن ما يقرب من 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لكلا البلدين يعتمد على التجارة، موضحة أن الصين أيضا أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث تبلغ وارداتها من النفط 13.5 مليون برميل يوميا.
من ناحية أخرى، انخفضت أسعار النفط أمس لتبدد بعض المكاسب القوية التي حققتها في الجلسة السابقة، مع ترقب المتعاملين قمة مجموعة العشرين في اليابان واجتماع "أوبك" مع منتجين آخرين للخام لاتخاذ قرار بشأن تمديد تخفيضات الإنتاج.
ونزل النفط أمس إلى أقل من 66 دولارا للبرميل، متأثرا بالمخاوف المتعلقة بما إذا كانت قمة العشرين ستتمخض عن انفراجة في التجارة ودلائل على وفرة المعروض على الرغم من احتمالات استمرار تخفيضات "أوبك" للإنتاج.
وبحسب "رويترز"، تراجعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 56 سنتا إلى 65.93 دولار للبرميل، بينما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 53 سنتا إلى 58.85 دولار للبرميل.
وزادت أسعار النفط ما يزيد على 2 في المائة أمس الأول لأعلى مستوياتها في نحو شهر بدعم من بيانات حكومية أمريكية أظهرت انخفاضا أكبر من المتوقع في مخزونات الخام، مع وصول الصادرات إلى مستوى قياسي مرتفع وتراجع مفاجئ لمخزونات المنتجات المكررة.
لكن بعض المتعاملين يعتقدون أن الأمل في تحقيق انفراجة بشأن التجارة خلال قمة مجموعة العشرين ربما لا يتحقق، وإن بعض القلق بشأن استمرار تخفيضات الإنتاج يعرقل تواصل عمليات الشراء.
وسيجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع نظيره الصيني شي جين بينج في قمة مجموعة العشرين التي تبدأ اليوم في أوساكا باليابان سعيا لتحقيق انفراجة في مفاوضات إنهاء الحرب التجارية التي أثرت سلبا على النمو الاقتصادي العالمي.
وبعد انتهاء قمة العشرين غدا السبت، تجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" الإثنين لبحث تمديد تخفيضات الإنتاج لدعم الأسعار.
وفي اليوم التالي، يجتمع أعضاء "أوبك" مع منتجين آخرين من بينهم روسيا في المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، التي اتفقت في كانون الأول (ديسمبر) على خفض الإمدادات 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من أول كانون الثاني (يناير). وينتهي أجل الاتفاق في 30 حزيران ( يونيو).
وعلى الرغم من ذلك، تظل الإمدادات كافية في أكبر مستهلك للنفط في العالم، وقال كارستن مينكه من "جوليوس باير"، إن " مخزونات الخام الأمريكية ما زالت فوق متوسط خمس سنوات، بما يشير إلى تلقي السوق إمدادات كافية.. الطلب ما زال يبدو ضعيفا، بينما يظل وضع المعروض هشا".
وهبطت مخزونات النفط في الولايات المتحدة بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي بفعل تراجع حاد في الواردات، كما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن مخزونات الخام هبطت بمقدار 12.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 21 حزيران (يونيو)، متجاوزة بكثير توقعات المحللين التي أشارت إلى انخفاض قدره 1.5 مليون برميل.
وأظهرت بيانات الإدارة أن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما انخفضت بمقدار 1.7 مليون برميل، مشيرة إلى أن معدل استهلاك المصافي زاد بمقدار 37 ألف برميل يوميا. وارتفع معدل تشغيل المصافي 0.3 نقطة مئوية.
وتراجعت مخزونات البنزين بمقدار 996 ألف برميل، مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع للرأي أجرته "رويترز" لارتفاع قدره 288 ألف برميل.
وأظهرت البيانات أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، نزلت بمقدار 2.4 مليون برميل مقارنة بتوقعات لارتفاع قدره 522 ألف برميل.
وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من الخام الأسبوع الماضي بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا إلى 2.89 مليون برميل يوميا.
وزاد صافي صادرات الولايات المتحدة من النفط والمنتجات المكررة بمقدار 676 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي، وهي أكبر زيادة أسبوعية مسجلة.
وقفزت صادرات الخام والمنتجات المكررة إلى مستوى قياسي بلغ 9.4 مليون برميل يوميا، بينما صعدت صادرات الخام وحده إلى ذروة جديدة عند 3.8 مليون برميل يوميا.