قمة العشرين تبث التفاؤل في الأسواق النفطية مع إعلان استمرار اتفاق «أوبك+»
نجحت قمة مجموعة العشرين في اليابان في بث أجواء إيجابية في الاقتصاد العالمي بشكل عام وفي سوق النفط الخام خاصة، حيث شهدت إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مد العمل بتخفيضات الإنتاج لفترة من ستة إلى تسعة أشهر مع تأكيد استمرار التفاهم والشراكة والتعاون مع السعودية.
وتلقت الأسواق دعما من تقارب في مواقف الولايات المتحدة والصين بإعلان هدنة لنزاعهما التجاري في مؤشر قد يكون بداية لاتفاق شامل ينهي الحرب التجارية المتصاعدة بين البلدين، التي تثير المخاوف على نمو الاقتصاد العالمي.
وسجل برنت مكاسب بأكثر من 20 في المائة في النصف الأول من 2019، في حين بلغت مكاسب الخام الأمريكي أكثر من 25 في المائة، كما سجل الخامان القياسيان كلاهما ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب.
وفي هذا الإطار، أكدت وكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية أهمية إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا والسعودية اتفقتا على دعم تمديد اتفاق "أوبك +"، الذي قد يكون ساريا لمدة من ستة إلى تسعة أشهر إضافية.
وأفاد تقرير حديث للوكالة الدولية أن بوتين شدد خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة العشرين في اليابان على وجود تنسيق وتفاهم سعودي - روسي بشأن حاجة السوق إلى تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج لفترة جديدة للتغلب على الصعوبات الراهنة واستعادة التوازن والاستقرار الكامل في الفترة المقبلة. ولفت التقرير إلى أنه بحسب تأكيدات بوتين، فإن فترة تمديد التخفيضات لم تحسم بعد، وقد تكون متروكة لمباحثات دول "أوبك" وخارجها، التي تنطلق في فيينا غدا، لكن على الأغلب ستبقى التخفيضات عند مستواها الحالي وهو 1.2 مليون برميل يوميا والمفاضلة بين فترة ستة وتسعة أشهر لتمديد الاتفاق.
وأشار التقرير إلى أهمية اتفاق الولايات المتحدة والصين على استئناف المفاوضات التجارية ووقف زيادة التعريفة الجمركية في اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا، عادا أن الأمر يمثل تطورا إيجابيا لاستعادة التدفقات التجارية الثنائية للسلع التي تضررت من النزاع التجاري.
ويرى التقرير أن الهدنة ستنعكس إيجابيا على الفور على صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام إلى الصين، حيث إن بكين لم تفرض تعريفة على الخام الأمريكي حتى الآن، وكان الانخفاض الأخير في التدفقات التجارية بسبب تجنب المشترين خطر التعرض لعمليات التسليم الأمريكية.
وأضاف، أن التطورات الأخيرة في السوق شهدت اهتماما متجددا بالنفط الأمريكي بسبب إزالة البراميل الإيرانية والفنزويلية من السوق، بما في ذلك بين المصافي الصينية، مشيرا إلى أن دفع المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين يفتح الباب أيضا لتخفيف التوترات التجارية في الأشهر المقبلة وإجراء التخفيف المحتمل للتعريفات الجمركية على مجموعة من السلع الأخرى، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال وفول الصويا والمعادن والبتروكيماويات.
ونوه التقرير إلى أن الرئيسين الأمريكي والصيني اتفقا على أنه يجب على البلدين استئناف المشاورات الاقتصادية والتجارية على أساس المساواة والاحترام المتبادل، لافتا إلى أن الجانب الأمريكي قال إنه لن يفرض رسوما جديدة على الصادرات الصينية وستناقش مجموعات العمل الاقتصادية والتجارية بين البلدين قضايا محددة.
ولفت التقرير إلى أن إدارة ترمب أشارت إلى أنها قد تختار فرض تعريفة أخرى بنسبة 25 في المائة على الواردات المتبقية من الصين، التي تبلغ 300 مليار دولار، وكان يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التعريفات الانتقامية ومزيد من تجارة السلع المؤثرة بين البلدين.
وبحسب التقرير، فإن الصين تبدو مستعدة لخوض فترة طويلة من الصراع التجاري، ما يثير المخاوف من أن تأثير النزاع في الاقتصاد بشكل عام وعلى الطلب العالمي على السلع الأساسية، قد يكون أكثر أهمية من تدفقات التجارة على المدى القريب.
من جانب آخر، سلط تقرير الوكالة الضوء على مباحثات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك بشأن خيارات تمديد اتفاق خفض الإنتاج، لافتا إلى أن الفالح ونوفاك بحثا بشكل مكثف مجالات التعاون الثنائي بين السعودية وروسيا.
ونوه إلى تأكيد الوزير الفالح بأنه أجرى "مناقشات بناءة للغاية" مع وزير الطاقة الروسي خلال رحلاته إلى سانت بطرسبيرج وموسكو قبل أن يسافر إلى اليابان لحضور اجتماع مجموعة العشرين للطاقة في كارويزاوا في اليابان خلال الفترة من 15 إلى 16 حزيران (يونيو).
وأبرز التقرير قول الفالح إن هدفنا هو التأكد من أننا نواصل العمل بشكل وثيق ليس فقط على المستوى الثنائي، لكن مع جميع الأعضاء الآخرين في تحالف "أوبك +"، مشددا على أهمية العمل الجيد الذي قام به المنتجون في "أوبك" على مدار العامين ونصف الماضيين.
وأشار التقرير إلى تأكيد الوزير الفالح أن النصف الثاني من العام الجاري سيشهد مزيدا من المحافظة على قيود العرض لتحقيق التوازن والتغلب على تداعيات النمو والفائض المستمر في المخزونات العالمية من النفط الخام.
وكانت أسعار النفط في ختام الأسبوع الماضي قد انخفضت، لكنها سجلت ثاني أسبوع على التوالي من المكاسب قبيل محادثات تجارية بين الرئيسين الأمريكي والصيني وتوقعات بأن "أوبك" ومنتجين رئيسين غير أعضاء في المنظمة سيمددون اتفاقهم لخفض الإمدادات.
وأغلقت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت تسليم أيلول (سبتمبر)، وهي الأكثر نشاطا في جلسة أمس الأول، منخفضة 93 سنتا لتبلغ عند التسوية 64.74 دولار للبرميل، وأغلقت عقود برنت تسليم آب (أغسطس) بلا تغيير عند 66.55 دولار للبرميل.
وتراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 96 سنتا لتسجل عند التسوية 58.47 دولار للبرميل.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية في الأسبوع الماضي عدد حفارات النفط العاملة لثاني أسبوع على التوالي مع صعود عقود الخام الأمريكي نحو 12 في المائة على مدار الأسبوعين المنقضيين على الرغم من خطط لمعظم المنتجين لخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة هذا العام.
لكن عدد الحفارات يبقى منخفضا بمقدار 92 حفارا، أو 10 في المائة، عن مستواه في بداية العام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر أضافت أربعة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ28 من حزيران (يونيو) ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 793.
وفي الأسبوع نفسه من العام الماضي كان هناك 858 حفارا نفطيا قيد التشغيل، وعلى مدار الشهر انخفض عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة بمقدار سبعة حفارات وهو سابع انخفاض شهري على التوالي.
وهذه هي أطول سلسلة انخفاضات شهرية منذ أيار (مايو) 2016 عندما هبط عدد الحفارات إلى تسعة أشهر متتالية، وعلى مدار الربع الثاني من العام انخفض عدد الحفارات النشطة بمقدار 23 حفارا بعد أن فقد 69 حفارا في الربع الأول.
وجاء تراجع عدد الحفارات، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع تركيزها بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج. وأظهر استطلاع شهري لوكالة "رويترز"، أن أسعار النفط قد تتعثر، إذ إن تباطؤ الاقتصاد العالمي يضغط على الطلب وتغمر الولايات المتحدة السوق بالخام، على الرغم من توقعات بأن تمدد "أوبك" وحلفاؤها اتفاقها لخفض الإنتاج الأسبوع الحالي.
ويتوقع المسح الذي شمل 42 خبيرا اقتصاديا ومحللا أن يبلغ سعر خام برنت في المتوسط 67.59 دولار للبرميل في 2019 في مراجعة بالخفض من تقديرات عند 68.84 دولار للبرميل في أيار (مايو)، بما يزيد قليلا على متوسط سعر خام القياس العالمي منذ بداية العام الجاري البالغ 66.17 دولار للبرميل.
وقال دانييل هاينز المحلل لدى "إيه.إن.زد"، إن "سوق النفط تركز أكثر حاليا على جانب الطلب في ظل تنامي توترات التجارة".
وأضاف هاينز، أن القرار الذي ستتخذه منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجون آخرون بشأن تمديد قيود الإنتاج "سيحدد مسألة المعروض" في النصف الثاني من 2019 وخلال 2020.
ويتوقع محللون نمو الطلب العالمي بما يراوح بين 0.9 و1.3 مليون برميل يوميا في 2019، مقابل توقعات بين 1.2 و1.4 مليون برميل يوميا في أيار (مايو).
وخفضت "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية أيضا توقعاتهما لنمو الطلب إلى 1.14 مليون برميل يوميا و1.2 مليون برميل يوميا على الترتيب.
ويرى محللون أن زيادة إنتاج الولايات المتحدة أيضا قد يبقي الأسعار تحت ضغط، وأوضح أدريا مورون سالميرون الخبير الاقتصادي لدى كايكسا "بنك ريسيرش"، أنه "في الأجل المتوسط إلى الطويل، نعتقد أن نمو الإمدادات الأمريكية سيكبح أسعار النفط ويصبح من المرجح على نحو أقل أن نرى الأسعار فوق 70 دولارا للبرميل في غياب حدوث صدمات للمعروض".