بتأثير من رسالة المنتجين .. برميل النفط يلامس 64 دولارا
قال لـ"الاقتصادية" مسؤولون وخبراء في شركات طاقة، إن تحركات "أوبك" ستنتشل السوق النفطية من الصعوبات التي تواجهها، عادين تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر، قراءة سليمة لتطورات السوق التي تعاني تبعات التباطؤ الاقتصادي العالمي.
ومالت أسعار النفط الخام إلى الاستقرار النسبي فوق 62 دولارا للبرميل بتأثير من رسالة المنتجين إلى السوق تؤكد رغبتهم في التعاون المتواصل لضبط المعروض النفطي والتغلب على فائض المخزونات النفطية الحالية واستخدام كل الآليات التي تدعم الاستقرار والتوازن في السوق.
وأشاد محللون نفطيون بتصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي أكد فيها عدم قلق المنتجين في "أوبك" وخارجها من النمو السريع للإنتاج الأمريكي، خاصة مع تحول الولايات المتحدة لتكون أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، عادا الإنتاج الأمريكي يمثل إضافة إلى السوق في ضوء توقعات النمو المتسارع لاحتياجات الطاقة في السنوات المقبلة.
وعد المحللون أن دعوة الفالح للمنتجين الأمريكيين إلى الجلوس للتفاوض والانخراط في تعاون مشترك هي دعوة موضوعية لتوسيع دائرة التنسيق وترسيخ المسؤولية الجماعية لكل المنتجين عن دعم الاستقرار في السوق، وهو ما يؤكد مرونة "أوبك" وحلفائها وانفتاحهم على كل الأطراف لمصلحة نمو الصناعة وازدهارها.
ولفت المحللون إلى أن اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة خفض الإنتاج في أبوظبي في أيلول (سبتمبر) المقبل سيكون حدثا مهما لتقييم ومراجعة وضع السوق وبحث آليات تفعيل جهود المنتجين، لضبط الأداء في السوق في ضوء التطورات المتلاحقة في بيانات العرض والطلب وتداعيات العوامل الجيوسياسية.
وفى هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" جون هال مدير شركة " ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، إن اجتماعات "أوبك" كانت مكثفة ومطولة حتى يتم الخروج بتوافق جماعي كامل بين كل المنتجين وهو ما حدث بالفعل، حيث جاء مد العمل بتخفيضات الإنتاج لتسعة أشهر إضافية لمواجهة وفرة الإمدادات الأمريكية وعلاج فائض المخزونات.
وأوضح أن الأسعار مالت إلى الاستقرار مع صدور بيانات تؤكد انخفاض المخزونات بشكل مفاجئ، معتبرا أن التعاون بين "أوبك" وخارجها يكتسب مزيدا من الثقة والنضج بمرور الوقت ويعد العامل الأبرز في دفع الأسعار نحو التعافي وضمان حالة من التوازن بين العرض والطلب.
من جانبها، ذكرت لـ"الاقتصادية" حليما كروفت المدير الإداري لشركة "آر. بي. سي. كابيتال ماركتس"، أن "أوبك" منظمة قوية وقادرة على التغلب على التحديات الراهنة في السوق وتتمتع بالمرونة والقدرة على التطور وتدار بنزاهة وشفافية، ولا شك أن الشراكة الاستراتيجية والتعاون مع روسيا أضافت كثيرا لثقل المنظمة في الوقت الذي يحاول كثيرون الترويج لأن تأثير "أوبك" يضعف ولكنها تفاجئ دائما السوق بخطوات جديدة ومؤثرة.
وأشارت إلى أن إعادة انتخاب الأمين العام لـ"أوبك" محمد باركيندو لثلاث سنوات مقبلة هو أمر إيجابي للغاية، خاصة أن الرجل أسهم في إحداث حالة من التوافق وتقريب وجهات النظر بين الدول الأعضاء، ونجح في السنوات الثلاث الماضية في قيادة مفاوضات مؤثرة أسفرت عن تسهيل التوصل إلى اتفاق الجزائر وإعلان التعاون بين المنتجين في "أوبك" وخارجها في عام 2017.
من ناحيتها، أوضحت لـ"الاقتصادية" أرفي ناهار، مختص شؤون النفط والغاز في "أفريكان ليدرشيب" الدولية، أن تمسك "أوبك" بخفض الإنتاج بالتعاون مع روسيا وبقية المنتجين في خارج "أوبك" هو قراءة سليمة لتطورات السوق، خاصة إذا أخذ في الاعتبار الطفرة الواسعة والمتلاحقة في الإمدادات الأمريكية.
وأشارت إلى أن خروج اجتماعات "أوبك" بإجماع 100 في المائة بحسب تأكيدات الأمين العام هي رسالة إيجابية للسوق، التي يتخوف البعض فيها من تصاعد الصراعات الداخلية وهو ما نفاه باركيندو بشكل حاسم، مؤكدا أن قرارات المنظمة دوما تنبع من التفاوض والرؤى والمصالح المشتركة.
بدوره، بين لـ"الاقتصادية" ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن قضايا رئيسة مثل التوترات في الشرق الأوسط والعقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا ألقت بظلال قوية على الاجتماعات، لكن المنتجين نجحوا في تجاوز العقبات والخروج بتوافق على أهمية دعم الأسعار من خلال التمسك بتقييد الإنتاج للتغلب على وفرة الإمدادات ونمو المخزونات، التي ما زالت أعلى بكثير من مستوى المتوسط في خمس سنوات.
وأضاف، أنه لا يوجد أي طرف ينكر أن قرار "أوبك" بث حالة من التفاؤل في السوق، حيث يرى التجار أن الوضع في السوق جيد، وأن سعي "أوبك" لدعم السعر سيكلل بالنجاح قياسا على تجارب ودورات اقتصادية سابقة أسهمت فيها قرارات "أوبك" باستعادة التوازن والتعافي السريع للسوق.
وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط أمس بعد تراجع حاد في الجلسة السابقة، بدعم من تمديد اتفاق "أوبك" وحلفائها لخفض الإنتاج رغم المخاوف من أن يؤدي تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى كبح الطلب، وتلقت الأسعار دعما أيضا من بيانات أظهرت انخفاضا أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية.
وبحلول الساعة 06:13 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم أيلول سبتمبر 12 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة لتسجل 62.52 دولار للبرميل. وصعدت عقود الخام الأمريكي تسليم آب (أغسطس) 16 سنتا أو 0.3 في المائة ليصل سعر البرميل إلى 56.41 دولار.
وهبط الخامان أكثر من 4 في المائة يوم الثلاثاء بفعل بواعث القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وقال محللون من "سيتي للأبحاث"، إن تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط لتسعة أشهر سيستنزف مخزونات النفط في النصف الثاني من العام، ما سيعزز الأسعار.
من جانب آخر، انخفضت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 63.95 دولار للبرميل يوم الثلاثاء مقابل 65.71 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق، وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 65.05 دولار للبرميل.