النفط يستهل الأسبوع على ارتفاع 2 % .. ومحللون: التقلبات المفرطة للأسعار تلاشت نسبيا
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع بأكثر من 2 في المائة، بسبب تصاعد وتيرة التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط واستمرار الاعتداءات على ناقلات النفط بعد احتجاز إيران ناقلة نفط بريطانية.
ويدعم صعود الأسعار أيضا تخفيضات الإنتاج التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها التي تم تمديدها إلى آذار (مارس) 2020 علاوة على التراجعات الحادة في مستوى إمدادات كل من إيران وفنزويلا جراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
ويقاوم الارتفاعات السعرية للخام المخاوف المتنامية على النمو الاقتصادي العالمي جراء النزاعات التجارية خاصة بعد تخفيض بنوك ومؤسسات مالية توقعات نمو الطلب على النفط الخام خلال العام الجاري، وأحدثها بيانات بنك جولدمان ساكس إضافة إلى تأثير ارتفاع المخزونات وتسارع مستوى الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، "إن سوق النفط الخام تواجه تحديات غياب الاستقرار وارتفاع تأثير المخاطر الجيوسياسية إلى جانب انقطاعات الإمدادات في إيران وفنزويلا والتوقفات المتكررة في ليبيا، بينما يحاول الإنتاج الأمريكي تعويض النقص في المعروض، لكن يصطدم بمشكلات ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض ربحية الشركات وعدم ملاءمة الإنتاج الأمريكي الخفيف لكثير من المصافي خاصة الآسيوية".
وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن المخاطر الجيوسياسية خاصة في الشرق الأوسط لها التأثير الأكبر في دفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع، مشيرا إلى أن هذه الارتفاعات تلقى مقاومة من بعض التوقعات المحبطة فيما يخص نمو الاقتصاد العالمي.
وذكر أن وكالة الطاقة الدولية خفضت توقعاتها للطلب على النفط الخام وأيضا بنوكا مثل باركليز وجولدمان ساكس، لافتا إلى أن النزاعات التجارية بدأت تأثيراتها في الاقتصاد العالمي في الاتضاح تدريجيا.
وأشار إلى البيانات السلبية للاقتصاد الصيني، الذي سجل أقل معدل للنمو خلال العقود الثلاثة الماضية.
من جانبه، قال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، "إن التوترات والنزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لم تهدأ بعد"، لافتا إلى أن ضعف النمو الاقتصادي جراء هذه النزاعات أثر بالفعل في سوق النفط الخام وفي خفض توقعات نمو الطلب على النفط الخام على نحو ملموس خلال العام الجاري.
وأشار إلى أن حالة الضبابية وارتفاع المخاطر الموجودة في سوق النفط الخام أدت إلى صعوبة التوقع بشأن تفاعلات وتطورات السوق في المستقبل، لافتا إلى بيانات صدرت عن بنك "أوف أمريكا ميريل لينش" ترجح أن يستمر خام برنت في التداول في نطاق يراوح بين 60 و67 دولارا للبرميل نتيجة العوامل المتضادة التأثير في الأسعار.
من ناحيته، أوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، أن المضاربات في سوق النفط الخام وراء استمرار تقلبات الأسعار، لكن بعض التوقعات الهبوطية أخيرا للأسعار أدت إلى تراجع الاهتمام بالمضاربة.
وذكر أن سوق النفط تتجه إلى تحقيق التوازن النسبي في ضوء استمرار خفض الإنتاج من قبل تحالف المنتجين في "أوبك +" من أجل امتصاص فائض المخزونات وإعادة مستواها في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى مستوى المتوسط في خمس سنوات، مبينا أن المخاطر التي تهدد بارتفاعات أو انخفاضات مفرطة للأسعار أصبحت منخفضة نسبيا.
بدوره، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن الإنتاج الأمريكي بالفعل في أعلى مستوياته، وصارت الولايات المتحدة أكبر منتج في العالم بنحو 12 مليون برميل يوميا، لكنها لا تستطيع الاستمرار على هذه الوتيرة لفترة طويلة لأسباب فنية واقتصادية".
وأوضح أن هناك ضغوطا مالية كبيرة على شركات النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، حيث تأمل الغالبية من الشركات في زيادة الربحية عن طريق خفض التكاليف وتنفيذ قيود الإنفاق من خلال رهانات على عمليات حفر أكثر قوة مع تقليل التكاليف في وقت واحد وهي مهمة صعبة بالفعل ومحفوفة بالمخاطر.
وأشار إلى أن كثيرين يلجأون إلى تكنولوجيا جديدة غير مثبتة ومكلفة، وهو ما يصل بالنفقات الرأسمالية الكبيرة إلى مرحلة خطرة.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط بأكثر من 2 في المائة، على خلفية مخاوف من أن يؤدي احتجاز إيران ناقلة بريطانية الأسبوع الماضي إلى اضطراب في الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 08:40 بتوقيت جرينتش، زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 1.41 دولار أو 2.26 في المائة إلى 63.88 دولار للبرميل.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.13 دولار أو 2.3 في المائة إلى 56.76 دولار للبرميل.
وتراجع الخام الأمريكي أكثر من 7 في المائة وانخفض برنت أكثر من 6 في المائة الأسبوع الماضي.
وفي يوم الجمعة الماضي احتجزت إيران ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في الخليج. وتزيد الخطوة الخوف من اضطرابات محتملة في الإمدادات في مضيق هرمز في مدخل الخليج، الذي يتدفق عبره نحو خمس إمدادات العالم من النفط.
ومما حد من المكاسب، أنباء عن أن حقل الشرارة النفطي الليبي، وهو أكبر حقل نفطي في البلاد، استأنف الإنتاج بنصف طاقته، بعد توقفه منذ يوم الجمعة، ما تسبب في خسارة إنتاج بنحو 290 ألف برميل يوميا.
وخفض "جولدمان ساكس" توقعاته لنمو الطلب على النفط لعام 2019 إلى 1.275 مليون برميل يوميا، مستندا إلى أنشطة اقتصادية عالمية محبطة.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 62.93 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي مقابل 63.10 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سادس انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 67.36 دولار للبرميل".