محللون لـ"الاقتصادية": الطلب على النفط مرشح للتعافي قبل نهاية العام
قال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن تعهد وكالة الطاقة الدولية بتأمين الملاحة في الممرات المائية الرئيسية لحماية تجارة النفط أمر إيجابي وتحرك مهم خاصة في مضيق هرمز الذي يتحكم في نحو 30 في المائة من تجارة النفط العالمية ويتعرض لتهديدات متكررة بسبب تصاعد التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط ومع تكرار اعتراض ناقلات النفط.
واعتبر المختصون أن تخفيض معظم البنوك المركزية في العالم لأسعار الفائدة يعزز وضع الاقتصاد ويدحض المخاوف المتنامية من النزاعات التجارية وأثرها في التشققات في الاقتصاد العالمي واتساع القلق من موجات الركود.
وأكد فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام " الإيطالية للطاقة، أن سوق النفط مزودة بشكل جيد على الرغم من كل الصعوبات التي تواجه العرض والطلب على السواء وهو ما أدى إلى ارتفاع المخزونات بشكل لافت في النصف الأول من العام الجاري وبالتالي كبح جماح صعود الأسعار.
وأشار إلى أن التوترات الجيوسياسية لها التأثير الرئيس في صعود الأسعار إلى جانب تقييد المعروض من فيتحالف "أوبك+"، لافتا إلى أن تعهد وكالة الطاقة الدولية بالعمل على تأمين الإمدادات من الشرق الأوسط يبث أجواء إيجابية في السوق ويحد من اشتعال الأسعار خاصة مع تعهد أطراف دولية عديدة بالعمل على بقاء مضيق هرمز آمنا والأمدادات مستقرة على الرغم من الأزمة السياسية في المنطقة.
من جانبه، قال سيرجي فاكلينكو المستشار في شركة "جازبروم نفت" الروسية، إن بعض التقديرات تشير إلى أن الطلب سيرتد نحو التعافي قبل نهاية العام الجاري وهو ما سيوفر دعما جيدا لمستوى أسعار النفط الخام التي تأثرت إلى حد كبير ببعض بيانات البنوك التي خفضت توقعاتها لنمو الطلب في المرحلة الراهنة.
وذكر أن التعاون بين دول "أوبك" وخارجها يزداد قوة، كما أن كثيرا من الاستثمارات في طريقها إلى القطاع خاصة في مشاريع المنبع وذلك على الرغم من تقلبات السوق الحالية، لافتا إلى أن التعاون بين المنتجين وبعضهم بعضا وبين المنتجين والمستهلكين سيدفع السوق نحو مزيد من الاستقرار والتوازن.
من ناحيته، أوضح دان بوسكا كبير المحللين في بنك " يوني كريديت"، أن الاقتصاد العالمي يكافح من أجل التغلب على تحديات الركود التي تؤثر بقوة في الطلب على النفط الخام، مشيرا إلى أن الصين تخطط لإنفاق أموال ضخمة على مشاريع البنية التحتية باعتبارها آلية فعالة في إنعاش الاقتصاد ومن ثم تفادي الآثار السلبية للحرب التجارية.
وأشار إلى أن السوق النفطية اتسمت بتفوق العرض على الطلب خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث تشير بعض التوقعات إلى أن هذا الفائض سيتسع في العام المقبل، وهو ما يفرض على تحالف "أوبك+" إجراء تخفيضات أعمق، مشددا على ضرورة العمل على وقف تدهور الأسعار بتضييق الفجوة بين العرض والطلب.
بدورها، قالت المحللة الصينية ومختصة شؤون الطاقة أكسوي ساهو، إن تباطؤ الطلب - وفقا لأغلب التقديرات الدولية - أمر عابر وليس سمة أصيلة ومستمرة في السوق، مشيرة إلى بيانات بنك جولدمان ساكس التي تؤكد أن الركود الصناعي مؤقت ومشابه وإن كان أقل إفراطا لأزمة عامي 2015 - 2016.
وتوقعت عودة استئناف النمو الاقتصادي بوتيرة جيدة وباعثة للتفاؤل بوضع الاقتصاد العالمي، لافتة إلى تأكيد محللين في البنك أن انخفاض معدلات البطالة وزيادة نمو الأجور سينعكس بالإيجاب على وضع الطلب النهائي ما يتيح استئناف تسارع نشاط التصنيع.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط إلى نحو 63 دولارا للبرميل أمس، مع تلاشي المخاوف في الوقت الراهن من تفاقم توترات في الشرق الأوسط وتأثير ذلك في إمدادات النفط، ليضاف إلى تأثير توقعات بضعف الطلب.
وأذكى احتجاز إيران لناقلة نفط بريطانية الأسبوع الماضي مخاوف حيال تعطيل الإمدادات في مضيق هرمز الذي يعبره نحو خمس نفط العالم، ما دفع الخام للصعود أمس الأول، بحسب "رويترز".
لكن منذ ذلك الحين، تخلت أسعار النفط عن بعض المكاسب. وبحلول الساعة 12:27 بتوقيت جرينتش أمس، هبط خام برنت 31 سنتا إلى 62.95 دولار للبرميل، وانخفض خام غرب تكساس الوسيط 23 سنتا إلى 55.99 دولار للبرميل.
تأتي التوترات بينما تسعى الولايات المتحدة لوقف صادرات إيران النفطية وعلى خلفية خفض الإمدادات الذي تقوده منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" منذ بداية العام لدعم الأسعار.
وفي إطار المساعي الأمريكية، فرضت واشنطن عقوبات على شركة تشوهاي تشنرونج الصينية التي تديرها الدولة بدعوى انتهاكها قيودا مفروضة على قطاع النفط الإيراني.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه على الرغم من تراجع الصادرات الإيرانية وقيود "أوبك" الطوعية على الإمدادات، يتجاوز المعروض النفطي الطلب عليه بسبب نمو قوي في الإنتاج من الولايات المتحدة ومنتجين آخرين من خارج "أوبك".
وخفض جولدمان ساكس توقعاته للطلب على النفط في 2019 يوم الأحد الماضي، ليلحق بركب آخرين مثل وكالة الطاقة الدولية و"أوبك" اللتين خفضتا توقعاتهما لاستخدام الوقود.
وقد يتلقى النفط دعما من توقعات بتراجع جديد في مخزونات الخام الأمريكية. ويتوقع محللون تراجعا 3.4 مليون برميل في مخزونات الخام.
واحتجزت إيران ناقلة بريطانية الأسبوع الماضي، ما أذكى المخاوف من تعطيل الإمدادات من منطقة الخليج الغنية بالنفط.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إنها تراقب التطورات في مضيق هرمز عن كثب، إذ لا تزال العلاقات بين إيران وبريطانيا متوترة.
وأكدت الوكالة استعدادها للتحرك بسرعة وحسم في حالة حدوث تعطل بما يكفل استمرار تلقي الأسواق العالمية إمدادات كافية، مبينة أن فاتح بيرول المدير التنفيذي أجرى محادثات مع حكومات أعضاء الوكالة والدول الشريكة ودول أخرى.
وقالت الوكالة في بيان إن الإمدادات في سوق النفط جيدة في الوقت الحالي، إذ فاق إنتاج النفط الطلب في النصف الأول من 2019، ما دفع المخزونات العالمية للارتفاع 900 ألف برميل يوميا.
والتعطل المحتمل في الإمدادات في الشرق الأوسط يأتي وسط تراجع كبير في معنويات السوق في الأيام الأخيرة، إذ تعتري نظرة المراهنة على انخفاض الأسعار كلا من صناديق التحوط والمنتجين والتجار على خلفية ما يرونه ضعفا في الطلب العالمي.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 64.27 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 62.93 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة، كما أن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع السابق الذي سجلت فيه 66.79 دولار للبرميل.