النفط يواصل الارتفاع بتأثير التوترات الجيوسياسية .. ومخاوف ضعف الطلب تحد من المكاسب
واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها وسط تصاعد حدة التوترات في الشرق الأوسط، وانخفاضات كبيرة ومؤثرة في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية إضافة إلى تفاؤل نسبي بشأن احتمالية حدوث تقدم في مفاوضات التجارة بين أمريكا والصين، وإن كانت المخاوف من ضعف الطلب حدت من المكاسب.
وتدعم هذه الارتفاعات تخفيضات المعروض النفطي من قبل تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها ويقاوم الارتفاع الوتيرة المتسارعة للإمدادات الأمريكية علاوة على تفاقم المخاوف بشأن ضعف الطلب على النفط الخام خلال العام الجاري.
وقــــــال لـــ"الاقـــتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إن هناك ثلاثة عوامل رئيسة في السوق جميعها تدفع الى صعود الأسعار، وهي توقع تقدم مرتقب في مفاوضات التجارة الأمريكية - الصينية، إلى جانب التوترات الجيوسياسية والمخاوف على أمن الممرات المائية، علاوة على التراجع المفاجئ في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية.
وأوضح جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، أن استمرار حالة التصعيد بين إيران والقوى الغربية كان لها التأثير الأكبر في تحفيز أسعار النفط الخام نحو مواصلة الارتفاع، خاصة بعد الاستيلاء الإيراني على سفينة بريطانية وما ترتب عليه من تجنب الناقلات البريطانية المرور في مضيق هرمز.
وأضاف، أن الهجمات على ناقلات النفط الخام أدت إلى ارتفاع كبير في تكاليف الشحن بسبب تصنيف المنطقة بأنها عالية المخاطر، ولكن المكاسب السعرية المقابلة جاءت أقل كثيرا من المتوقع بحسب تقدير "كومرتس بنك" الألماني، وربما يرجع ذلك إلى المخاوف الخاصة بالنمو الاقتصادي وتأثيره المتوقع في ضعف مستويات الطلب.
من جانبه، قال بيل فارين برايس مدير شركة بتروليوم بوليس أنتلجنس الدولية، إن تأكيد جميع الأطراف الدولية المعنية بالوضع في الشرق الأوسط، أنها لا ترغب في مواجهات عسكرية وتتمسك بالمفاوضات والحلول السلمية، قلل كثيرا من المخاوف وجاءت الارتفاعات السعرية محدودة ولم تحدث حالة الإفراط في الارتفاعات السعرية، التي عادة ما تحدث بالتواكب مع هذه النوعية من التوترات.
وأشار إلى أن تعهد وكالة الطاقة الدولية بتأمين الإمدادات في السوق من خلال مخزوناتها الكبيرة والمؤثرة، أدى إلى طمأنة المستهلكين خاصة الذين يتلقون الإمدادات النفطية عبر مضيق هرمز، الذين يتخوفون من تطورات الوضع هناك، إضافة إلى تأثير عودة الإنتاج الليبي إلى التعافي، وتأكيد أغلب الهيئات الدولية المعنية بسوق النفط أن حالة وفرة المعروض ما زالت مهيمنة على السوق، وستستمر إلى العام المقبل على أقل تقدير.
بدوره، أكد روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن المخاوف المحيطة بالسوق النفطية تتركز على حالة عدم الثقة بشأن تطورات النزاعات التجارية بين أمريكا والصين وتأثيرها الواسع في النمو الاقتصادي العالمي، إضافة إلى ذلك بيانات عن ارتفاع المخزونات النفطية في الصين جراء صفقات غير رسمية لشراء النفط الإيراني، وتخزينه بالتحايل على العقوبات الإمريكية التى تحظر شراء النفط الايراني بشكل كامل اعتبارا من أيار (مايو) الماضي.
وأوضح أن الأسواق الآسيوية ما زالت تتسم بمعدل النمو الأعلى، على الرغم من التباطؤ الصيني، لافتا إلى المنافسة القوية بين كبار المنتجين حول الطلب الآسيوي، خاصة بين روسيا والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الإنتاج الأمريكي يستفيد من تخفيضات الإنتاج، وتراجع إنتاج "أوبك" بصفة خاصة، ويركز على تعزيز حصصه السوقية في عديد من الأسواق الآسيوية الرئيسة خاصة في كوريا وتايلاند واليابان.
من جهتها، أفادت نينا أنيجبوجو المحللة الروسية ومختصة التحكيم الدولي، أن ارتفاع أسعار النفط الخام جاء مدعوما من عدة عوامل معروفة ومؤثرة في السوق على مدار فترة غير قصيرة، مشيرة إلى أن أهمها ربما يكون السحب والتراجع السريع في مستوى مخزونات النفط الأمريكية، إضافة إلى توترات الشرق الأوسط، واستئناف محادثات التجارة الوشيكة بين الولايات المتحدة والصين.
وفيما يخص الأسعار، زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 21 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 64.04 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:19 بتوقيت جرينتش، بعدما صعد نحو 1 في المائة الثلاثاء.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 28 سنتا ما يعادل 0.5 في المائة إلى 57.05 دولار للبرميل، بعدما ارتفع نحو 1 في المائة أيضا في الجلسة السابقة.