أطول انكماش لمخزونات النفط منذ يناير 2018 .. مؤشر جيد لتوازن السوق وارتفاع الأسعار

أطول انكماش لمخزونات النفط منذ يناير 2018 .. مؤشر جيد لتوازن السوق وارتفاع الأسعار

سجلت مخزونات النفط تراجعا للأسبوع السادس، في أطول انكماش منذ يناير 2018، ما يعد مؤشرا جيدا لتوازن السوق وارتفاع الأسعار التي واصلت مسيرة الصعود وحصد المكاسب السعرية الجيدة.
واستمرت أسعار النفط في تحقيق مكاسب سعرية أوسع، في ظل توقعات حدوث تباطؤ ملموس في الاقتصاد الدولي جراء النزاعات التجارية، وتأثيره المباشر في كبح نمو الطلب على النفط الخام، إضافة إلى تأثير الوتيرة المتسارعة في الإمدادات الأمريكية من النفط الصخري.
وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، "إن الأنظار تتعلق بمفاوضات التجارة الأمريكية الصينية، التي ستستأنف في نهاية الشهر الجاري في مدينة شنغهاي الصينية، التي يرجح أن تسهم في تقدم نسبي نحو إنهاء النزاعات التجارية، التي يتزايد تأثيرها السلبي في النمو الاقتصادي وفي مستويات الطلب على النفط الخام.
وأوضح المختصون، أن تصاعد التوتر في الشرق الأوسط له تأثيرات واسعة في استقرار السوق النفطية، خاصة في ظل تفاقم الأزمة بين إيران وواشنطن مع اتساع الأزمة، لتشمل الصين أيضا، لأن العملاق الآسيوي لا يزال أكبر مستورد للنفط من إيران، على الرغم من القرار الأمريكي بإنهاء التنازلات لمشتري النفط الإيراني في أيار (مايو) الماضي، وهو الأمر الذي سيلقى بظلال قوية على مفاوضات الحرب التجارية الصينية - الأمريكية المرتقبة.
وقال جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، "إن أسعار النفط الخام تمضي بخطى جيدة ومتواصلة على طريق حصد مزيد من المكاسب بسبب غياب الاستقرار وتصاعد المخاوف على الإمدادات من الشرق الأوسط، علاوة على انخفاض المخزونات النفطية التي كانت العقبة الدائمة أمام انتعاش أسعار النفط الخام".
وأضاف أن "التخفيضات الإنتاجية التي يقودها تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها، جاءت كخطوة مناسبة لتحجيم وفرة الإمدادات التي يقودها الإنتاج الأمريكي وإنتاج بعض الدول الأخرى خارج التحالف ومنها البرازيل والمكسيك"، مشيرا إلى أن هذه الوفرة في الإمدادات من المتوقع أن تمتد إلى العام المقبل 2020 على أقل تقدير، وهو ما يرجح معه المحللون أن يفرض تحالف "أوبك +" مزيدا من القيود على المعروض النفطي.
من جانبه، أكد تورستين أندربو الأمين العام الفخري للاتحاد الدولي للغاز، أن السوق النفطية تواجه تحديات غياب الاستقرار نتيجة الصراعات الحالية، لافتا إلى تحذير صندوق النقد الدولي من أن استمرار حالة التقلب المتزايد في أسعار النفط، إضافة إلى عدم الاستقرار نتيجة المخاطر الجيوسياسية سيؤثران في النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط.
ونوه بأن العقوبات تؤثر بقوة في الاقتصاد الإيراني، الذي دخل في حالة من التدهور المستمر وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى الحديث عن تفاقم تأثير العقوبات ودورها في تفعيل المراجعات الهبوطية للاقتصاد الإيراني، مشيرا إلى أنه في المقابل رجح الصندوق انتعاشا للاقتصاد السعودي، وهو ما يعوض حالة الضعف الواسعة في عدد كبير من اقتصادات المنطقة، مضيفا أنه "يتوقع أن يتعزز القطاع غير النفطي السعودي هذا العام، بزيادة الإنفاق الحكومي وزيادة الثقة، وفي عام 2020 مع تسارع النمو في قطاع النفط".
بدورها أوضحت فالسكا هاف مدير العلاقات العامة في إحدى شركات السيارات، أن الطلب على النفط الخام يتجه إلى التباطؤ النسبي في ظل بيانات عن تسارع وتيرة الاعتماد على السيارة الكهربائية، ورفع كفاءة المحركات في السيارات التقليدية، لكن وتيرة النمو في هذا القطاع ما زالت أقل من المخطط له مسبقا وهو ما دفع وكالة الطاقة الدولية إلى تأخير توقعاتها لذروة الطلب على النفط إلى 20 عاما مقبلا أو أكثر.
وقالت "إن جهود المنتجين في "أوبك" وخارجها، نجحت إلى حد كبير في تقييد المعروض وتقليل حالة الوفرة في الإمدادات النفطية، وهو ما يدعم الأسعار بشكل جيد ويتزامن ذلك مع إعلان الولايات المتحدة والصين استئناف المحادثات في محاولة لإنهاء الحرب التجارية، التي كانت قد أثارت المخاوف بشأن الطلب على نحو واسع".
من جهتها، أفادت أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية، أن الأجواء المحيطة بالسوق إيجابية، وهي مزودة بشكل جيد، ولم تؤثر المخاوف المرتبطة بالصراعات في تعطيل الإمدادات، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، حيث قفزت العقود الآجلة بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة.
وأشارت، إلى أن انخفاض المخزونات هو مؤشر جيد على نجاح خطة تحالف المنتجين في "أوبك +" لتضييق الفجوة بين العرض والطلب، ودعم توازن السوق، لافتة إلى أنه بحسب إدارة معلومات الطاقة، فإن مخزونات النفط المحلية تراجعت للأسبوع السادس على التوالي، وهو أطول انكماش منذ كانون الثاني (يناير) 2018، كما تراجع الإنتاج من الحقول الأمريكية بشكل كبير منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2017، إضافة إلى تأثير انخفاض مخزونات البنزين.
وارتفعت أسعار النفط أمس، في ظل توترات الشرق الأوسط وانخفاض أسبوعي كبير في المخزونات الأمريكية من النفط الخام، لكن المكاسب تكبحها مخاوف بشأن آفاق الطلب في ظل تزايد المؤشرات على تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.
بحلول الساعة 0650 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 28 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 63.46 دولار للبرميل بعد أن تراجعت 1 في المائة في ليل الأربعاء، مسجلة أول هبوط في أربع جلسات.
وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 27 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 56.15 دولار للبرميل بعد أن نزلت 1.6 في المائة في الجلسة السابقة.
ويخيم التشاؤم على المعنويات بصفة عامة في سوق النفط، إذ يشعر المستثمرون بالقلق من أن يؤدي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى ضعف الطلب على النفط.
وفي أعقاب سلسلة من المراجعات النزولية لسوق النفط، خفضت "إف.جي.إي" لاستشارات الطاقة، توقعاتها لنمو الطلب على النفط العالمي في 2019 إلى 740 ألف برميل يوميا في المتوسط في 2019.
في مقابل تلك المخاوف، تأتي التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط حاليا عقب احتجاز قوات إيرانية لناقلة ترفع العلم البريطاني في الخليج الأسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، هبطت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة نحو 11 مليون برميل الأسبوع الماضي لتفوق توقعات المحللين التي أشارت إلى انخفاض قدره أربعة ملايين برميل.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 64.58 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 63.92 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لـ"أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة استقرت تقريبا عند مستوى الأسبوع الماضي نفسه، الذي سجلت فيه 64.60 دولار للبرميل".

الأكثر قراءة