أسعار النفط مرشحة لمواصلة المكاسب .. وبيانات الاقتصاد الأمريكي تعزز نمو الطلب
توقع مختصون ومحللون نفطيون، مواصلة أسعار النفط الخام مكاسبها خلال الأسبوع الجاري، بدعم من بيانات قوية للاقتصاد الأمريكي عززت توقعات نمو الطلب، إلى جانب استمرار المخاوف على الإمدادات من الشرق الأوسط.
يأتي ذلك بعد أن اختتمت أسعار النفط الأسبوع الماضي على مكاسب بنحو 1.7 في المائة لخام برنت، و1.2 في المائة للخام الأمريكي.
وأشار المختصون إلى أن أسعار النفط الخام تتلقى دعما جيدا من تخفيضات الإنتاج التي تقودها دول "أوبك" وخارجها، إلى جانب تأثير العقوبات الأمريكية في كل من إيران وفنزويلا، في ظل توقعات حدوث انكماش في الإنتاج الصخري الأمريكي.
وقالوا لـ "الاقتصادية"، إن الأوساط المالية والنفطية في العالم تترقب مفاوضات التجارة في جولتها الجديدة بين الولايات المتحدة والصين التي تنطلق غدا في مدينة شنغهاي الصينية وتستمر يومين وسط ارتفاع سقف الطموحات في نزع فتيل الحرب التجارية، والتوصل الى تسويات فعالة تقدم دعما قويا للنمو الاقتصادي العالمي.
وأشار المختصون إلى أن النزاعات التجارية أدت إلى إضعاف الصادرات والاستثمار التجاري في الولايات المتحدة خلال الربع الثاني، حيث باتت هناك رغبة دولية مشتركة لاحتواء الأمر وجعل الاقتصاد العالمي يتفادى أزمة قد تطول كل الدول.
وقال روس كيندي؛ العضو المنتدب لمجموعة "كيو اتش اي" لخدمات الطاقة، إن أسعار النفط الخام على الأرجح ستحقق مزيدا من الصعود في ضوء انحسار المخاوف على الطلب بعد بيانات جيدة للاقتصاد الأمريكي وجهود الاقتصاد الصيني للانتعاش مرة أخرى بزيادة الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية.
وأكد أن العوامل الجيوسياسية مازالت تلقي ظلالها بقوة على الأسعار رغم استبعاد احتمالات المواجهات العسكرية في الشرق الأوسط، في ظل رغبة الأطراف كافة في الاعتماد على المفاوضات لتسوية الخلافات.
من جانبه، أوضح سيفين شيميل؛ مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن صعود الأسعار متوقع على نحو جيد في ضوء جهود تقييد المعروض التي يقودها تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها الذي يأتي بالتزامن مع توقعات تباطؤ وتيرة الحفر في الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الإنتاج الأمريكي لا يمكن أن يستمر على الوتيرة الحالية نفسها التي تتسبب في وفرة واسعة في الإمدادات، خاصة مع تركيز الصناعة في الولايات المتحدة على الإنفاق الرأسمالي المنضبط، مبينا أن حالة من هدوء وتيرة النمو قد تحدث –بحسب تقديرات شركات دولية عملاقة، مثل "هالبورتون" و"شلومبرجر"– بحلول الربع الرابع من العام الجاري ويتمثل ذلك في انكماش إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري الزيتي.
من ناحيته، قال ماركوس كروج؛ كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن مخزونات النفط التي مازالت مرتفعة قد تحد من تحقيق مكاسب سعرية أوسع، ولكن هناك مؤشرات إيجابية عن تسارع وتيرة السحب من المخزونات وتحركها صوب العودة إلى المستوى المتوسط في خمس سنوات في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وهو الهدف الرئيس الذي يسعى تحالف المنتجين الوصول اليه.
وأوضح أن النفط الصخري الأمريكي يحتاج إلى مزيد من الإنفاق من أجل منع الإنتاج من الانخفاض، وهو ما قد يكون مهمة صعبة بالنسبة لقطاع كبير من الشركات بسبب ارتفاع تكلفة التنقيب والإنتاج، خاصة بعد استنزاف البقع ذات التكلفة الأقل والانتقال إلى مناطق أخرى تحتاج إلى مضاعفة الإنفاق، وذلك بحسب تقديرات شركات بحثية دولية مثل "وود ماكنزي"، مشيرا إلى أن رفع ميزانيات رؤوس الأموال حاليا أمر غير عملي.
بدورها، أكدت المحللة الصينية أكسوي ساهو؛ أن حالة من التقلبات تهيمن على أسعار النفط الخام بسبب الشكوك المحيطة بالطلب حيث تترقب السوق جولة جديدة من مفاوضات التجارة خلال يومين بين الولايات المتحدة والصين في مدينة شنغهاي، ويأمل كثيرون في التوصل إلى اتفاق ينهي المخاوف من الصراعات والنزاعات التجارية ويقدم دعما قويا للنمو الاقتصادي العالمي ومن ثم لآفاق الطلب على النفط الخام.
وذكرت أنه رغم حالة الضبابية والتقلبات التي تهيمن على السوق إلا أن الأسعار تميل إلى الاتجاه الصعودي بتأثير من المخاطر الجيوسياسية واستمرار تعقد الصراعات والتوترات في الشرق الأوسط وتداعياتها المتوقعة على الإمدادات من النفط الخام إلى الأسواق العالمية؛ حيث تنتج المنطقة نحو ثلث المعروض العالمي من النفط.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت يوم الجمعة الماضي؛ لتختم الأسبوع على صعود بعد بيانات أقوى من المتوقع للاقتصاد الأمريكي حسنت النظرة المستقبلية للطلب على الخام؛ فضلا عن بواعث القلق بشأن سلامة نقل النفط حول مضيق هرمز بما قد يهدد المعروض.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت سبعة سنتات ليتحدد سعر التسوية عند 63.46 دولار للبرميل. وختمت الأسبوع مرتفعة نحو 1.7 في المائة.
وأغلق الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط عند 56.20 دولار للبرميل، بزيادة 18 سنتا. وزاد سعر الخام 1.2 في المائة على مدار الأسبوع.
وتباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي دون المتوقع في الربع الثاني من العام مع طفرة في الإنفاق الاستهلاكي؛ ما عزز توقعات استهلاك النفط.
وقال جون كيلدوف؛ من "أجين كابيتال مانجمنت": "البيانات كانت إيجابية في محصلتها. الناتج المحلي الإجمالي فاق التوقعات. إنفاق المستهلكين اخترق السقف، لكن إنفاق الشركات كان سيئا بقدر ما كان إنفاق المستهلكين جيدا".
وقد يتسبب تباطؤ اقتصادي أوسع نطاقا، لا سيما في آسيا وأوروبا، في إضعاف الطلب على الخام خارج الولايات المتحدة وهو ما كبح مكاسب الأسعار.
وقال جين مكجيليان؛ نائب الرئيس لأبحاث السوق لدى "ترادشن إنرجي" في ستامفورد بولاية كونيتيكت "ثمة معركة في السوق حاليا بين من يعتقدون أننا سنرى تباطؤا اقتصاديا سيضر بالطلب.. وآخرون (يركزون على) ما يحدث في الخليج العربي؛ فضلا عن خفض الإنتاج".