النفط يهبط لأدنى مستوى في 7 أشهر بفعل التوترات التجارية وتوقعات بضعف الطلب
هوت أسعار النفط 4.5 في المائة إلى أدنى مستوياتها في سبعة أشهر أثناء التعاملات أمس موسعة خسائرها الحادة التي منيت بها أخيرا، في أعقاب زيادة غير متوقعة في مخزونات الخام الأمريكية ومخاوف من تراجع الطلب على النفط بسبب تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وبحسب "رويترز"، هبطت عقود برنت 4.5 في المائة إلى 56.27 دولار للبرميل بحلول الساعة 15:40 بتوقيت جرينتش وهو أدنى مستوى في سبعة أشهر، وبلغت خسائر خام القياس العالمي أكثر من 20 في المائة منذ أن سجل أعلى مستوى لعام 2019 في نيسان (أبريل)، بينما انخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 5.4 في المائة إلى 50.73 دولار للبرميل.
وجاءت خسائر الأسبوع الماضي بشكل حاد بنحو 9 في المائة أثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تطبيق حزمة جديدة من الرسوم الجمركية ضد الواردات الصينية اعتبارا من أول أيلول (سبتمبر) المقبل وقد قوبل الأمر بإعلان إجراءات مماثلة من الجانب الصيني ما أربك حسابات النمو الاقتصادي العالمي.
وهبطت عقود برنت مع استمرار تأثر السوق بالضرر المحتمل على الاقتصاد العالمي والطلب على الوقود بفعل تصاعد النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة.
في سياق آخر، أشارت بيانات إلى انخفاض أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية وهو ما وفر بعض الدعم لأسعار النفط.
وتتلقى الأسعار في ظل الأجواء الحالية من عدم الثقة بعض الدعم من خطة المنتجين لتقييد المعروض النفطي ومن بيانات عن تراجع فائض المخزونات إلى جانب توقعات انكماش الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري علاوة على التهاوي في إنتاج وتصدير كل من إيران وفنزويلا جراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
ويقول محللون نفطيون إن التفاهمات السعودية - الأمريكية الأخيرة تعطي دفعة جيدة لجهود دفع الأسواق نحو التوازن والاستقرار والتغلب على التحديات الراهنة كافة خاصة توترات الشرق الأوسط والنزاعات التجارية.
وأوضح المحللون أن الطلب على النفط في وضع جيد رغم مخاوف التباطؤ الاقتصادي وأن هناك تحسنا في بيانات الطلب في الصين كما أن النمو في شرق أوروبا يعوض تباطؤ الطلب في غرب أوروبا بسبب تشبع الأسواق والتحول السريع إلى الطاقة المتجددة هناك.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، إن التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تتجه إلى التصاعد بعد تعثر المفاوضات الأخيرة وأيضا بسبب استهداف الولايات المتحدة شركات نفطية صينية عملاقة تخالف العقوبات وتبرم صفقات لشراء النفط الإيراني رغم انتهاء الاستثناءات الأمريكية الممنوحة للمشترين في أيار (مايو) الماضي.
وأضاف جون هال أن وفرة المعروض في الأمد القصير وتوقعات تباطؤ الطلب ترجحان فرص بقاء الأسعار في مستويات منخفضة نسبيا وذلك على الرغم من جهود تحالف المنتجين في "أوبك +" لتضييق المعروض للحفاظ على تماسك الأسعار، لافتا إلى توقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في أحدث تقاريرها حول الطاقة على المدى القصير وجود فرق أضيق بين أسعار خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط لبقية العام وحتى عام 2020.
ومن جانبه أوضح لـ"الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن هناك أهمية كبيرة للمباحثات السعودية - الأمريكية بشأن التعاون لدعم استقرار سوق النفط والتصدي للتوترات الراهنة التي تقودها إيران لزعزعة الأمن في منطقة الشرق الأوسط ردا على العقوبات الاقتصادية الأمريكية المشددة.
وذكر نوبل أن السعودية والولايات المتحدة يسعيان سويا لضمان أمن إمدادات النفط العالمية وسط توترات متزايدة وتصاعد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة لافتا إلى تأكيد خالد الفالح وزير الطاقة السعودي ونظيره الأمريكي ريك بيري على استمرار التنسيق السعودي - الأمريكي بوصفهما من أكبر موردي النفط في العالم من أجل العمل معا لضمان بقاء أسواق النفط العالمية مؤمنة جيدا.
ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، دان بوسكا كبير محللي مصرف "يوني كريديت" البريطاني، إن السوق النفطية تواجه تحديات متنامية في ضوء الحرب التجارية والمخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط والخوف على استقرار الإمدادات من هذه المنطقة الحيوية الرئيسة التي تمثل أكثر من 30 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
وأشار بوسكا إلى أن احتمال استئناف المفاوضات التجارية الأمريكية - الصينية سيكون داعما بشكل كبير للاقتصاد العالمي خاصة إذا تم التراجع عن التهديد بفرض مزيد من الرسوم الجمركية من البلدين لافتا إلى أن الأسعار تتلقى بالفعل دعما من هبوط إنتاج دول "أوبك" إلى أدنى المستويات في عشرة أعوام علاوة على بعض المؤشرات على تعافي الطلب في الصين تدريجيا.
وبدورها، تؤكد لـ"الاقتصادية"، ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكا إنجنيرينج"، أنه يوجد بالفعل قلق على نمو الطلب في ضوء الصراعات التجارية لكن بوجه عام يمكن القول: إن الطلب النفطي لا يزال في مستويات صحية ولن يبلغ ذروته في الأمد القريب.
وأوضحت أكيلو أن الطلب في المستقبل قد لا ينخفض بقدر ما يزعم البعض مشيرة إلى أن النفط لايزال هو المصدر الرئيس للطاقة والنمو الاقتصادي حتى في أوروبا، وذلك بنسبة 1-2 في المائة سنويا لافتة إلى تقديرات وكالة الطاقة الدولية بأن أوروبا ستستمر في استهلاك ما لا يقل عن 12.6 مليون برميل يوميا لعقود مقبلة، كما أن من المتوقع أن تساعد الدول في شرق أوروبا التي ما زالت تنمو على تعويض الانخفاضات في الطلب في الدول الغربية التي تسارع بوتيرة مؤثرة في التحول إلى موارد الطاقة المتجددة.