حرب الغاز تشتعل بين موسكو وواشنطن .. مساع أمريكية لعرقلة مشروع «نورد ستريم 2»
رغم أنه قلما اتفق الجمهوريون بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع الديمقراطيين المعارضين بشأن إحدى القضايا، إلا أن هناك حاليا توافقا واسعا بين الحزبين والرئيس أيضا في قضية بعينها، ألا هي رفض إنشاء خط غاز "نورد ستريم 2" عبر بحر البلطيق، الذي ينتظر أن يتم من خلاله نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، متجنبا أوكرانيا، بمجرد الانتهاء من المشروع أواخر العام الجاري.
بحسب "الألمانية"، تهدد الولايات المتحدة منذ فترة بفرض عقوبات بسبب هذا الخط، وازداد احتمال فرض هذه العقوبات الآن.
وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكية بأغلبية كاسحة، الأسبوع الماضي، على مسودة قانون لفرض عقوبات، حيث نالت هذه المسودة القبول لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن المنتظر الآن أن يصوت مجلسا الشيوخ والنواب على المسودة، لكن البرلمان في عطلته الصيفية حاليا، ويحتاج مشروع القانون إلى توقيع ترمب ليصبح ساريا.
إذا كان التصويت داخل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يعكس نسبة الأغلبية في أمريكا إجمالا فمن المتوقع أن تكون هناك فرص جيدة لتمرير المسودة، حيث صوت 20 عضوا في مجلس الشيوخ لمصلحة المسودة، ورفضها عضوان فقط.
وكان السناتور الجمهوري تيد كروز والسناتورة الديمقراطية جان شاهين، هما من تقدما باقتراح القانون، حيث قال كروز، أطالب زملائي في مجلس الشيوخ بشكل ملح بالمسارعة في اعتماد قانوننا والعمل على وقف مشروع نورد ستريم 2". وترى شاهين في خط الغاز "وسيلة أخرى توسع بها روسيا تأثيرها الضار، من خلال استغلال اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية".
وترفض السياسة الروسية الاعتراض الأمريكي على إنشاء الخط، كما ترفض في الوقت ذاته اعتراض بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل بولندا، واعتراض دول البلطيق، عادّة هذا الاعتراض محاولات واضحة لإجبار أوروبا على شراء الغاز الأمريكي المسال و الغاز الذي تستخرجه الولايات المتحدة بطريقة التصديع الهيدروليكي، بأسعار مرتفعة، بسبب المسافات الطويلة التي سيقطعها هذا الغاز.
وترى روسيا أن سياسة العقوبات التي تنتهجها الولايات المتحدة لا تخدم سوى مصالحها الاقتصادية وتركيع روسيا، وتنفي موسكو استخدام سلطة الغاز كوسيلة ضغط.
لكن السناتور كروز يؤكد أنه لا يرى أن العقوبات المنتظرة موجهة ضد حلفاء للولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك، فإن مشروع القانون يحمل العنوان المريب "قانون حماية أمن الطاقة الأوروبي".
وتعد السناتورة شاهين مسودة القانون "ردا من مجلس الشيوخ على أصحاب التحفظات الأمنية المشروعة في أوروبا، ومن بينهم كثيرون في ألمانيا يتعرضون للتجاهل".
وتمتلك شركة جازبروم الروسية العملاقة، من الناحية الشكلية، جميع أسهم شركة "نورد ستريم 2" المساهمة، لكن هناك شركات ألمانية أيضا مشاركة في خط الغاز، من بينها شركة فينتر شال، التي تفضل عدم التحدث كثيرا عن التفاصيل، "حيث إننا نرفض مبدئيا التكهن بشأن أي عقوبات محتملة، أو أي آثار يمكن أن تترتب على هذه العقوبات"، حسب متحدث باسم الشركة.
والتزمت شركة "نورد ستريم 2" هي الأخرى التحفظ في تصريحاتها، حيث اكتفى متحدث باسم الشركة بالقول معلقا على مشروع القانون الأمريكي "نراقب الخطوات التشريعية في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ومبادرات قانونية سابقة، ونقيم هذه الخطوات والمبادرات، ولكن لا يمكننا التعليق عليها"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن شركات طاقة من أوروبا الغربية، من النمسا وألمانيا وفرنسا وهولندا، تشارك في المشروع بنحو مليار يورو لكل منها.
تهدف العقوبات بشكل خاص على مشغلي السفن التي تمد أنابيب الغاز في بحر البلطيق، وهما في الوقت الحالي شركة سويسرية وشركة إيطالية، حيث من الممكن أن تقوم الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بحظر مديري هاتين الشركتين وكبار المسؤولين فيهما من دخول أراضيها، وتجميد أي أرصدة محتملة لهم في أمريكا.
ومن الممكن استبعاد الشركات ذات الصلة بخط "نورد ستريم 2"، من أسواق المال الأمريكية، تماما، وإذا حدث ذلك فستتضرر شركات أخرى تؤمن على السفن العاملة في المشروع، ولا تمتلك روسيا مثل هذه السفن ذات التقنية الفائقة، المشاركة حاليا في مد أنابيب خط "نورد ستريم 2"، حيث إن عددا محدودا جدا من الشركات ذات المستوى العالي هي التي تمتلك هذه التقنية.