محللون يتوقعون استمرار التقلبات السعرية في أسواق النفط خلال الأسبوع الجاري
يتوقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار الخام خلال الأسبوع الجاري، بعدما تراجعت على أساس أسبوعي وأغلقت على ارتفاع في ختام الأسبوع الماضي وبلغت الخسائر الأسبوعية لخام برنت 5 في المائة والخام الأمريكي 2 في المائة.
وأوضح المحللون أن تقلبات الأسعار ناجمة عن عدد من العوامل القوية ومتضادة التأثير في السوق حيث تدعم تخفيضات الإنتاج التي يقودها تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها صعود الأسعار كما ساعد هبوط المخزونات الأوروبية على دعم الأسعار أيضا.
في المقابل، تواجه الأسعار ضغوطا قوية من تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين واتساع المخاوف على النمو الاقتصادي وتوقعات تراجع نمو الطلب على النفط الخام، بحسب تقديرات أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية.
وأعرب المحللون عن تخوفهم من تراجع النمو الاقتصادي جراء النزاعات التجارية الحالية لافتين إلى أن بعض التقارير الدولية تؤكد أن تدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد يؤدي إلى انخفاض نمو الطلب بمقدار 200 ألف برميل يوميًا إلى مليون برميل يوميًا في عام 2020.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، من المرجح أن تكون التقلبات السعرية هي السمة المسيطرة على السوق في الفترة الراهنة خاصة مع ترقب القرار الأمريكي بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية مطلع الشهر المقبل ومدى تأثيره في الاقتصاد العالمي.
وأضاف كيندي أن السوق تجتاز بالفعل مرحلة من الصعوبات الكبيرة حيث تعد مخاطر الركود الاقتصادي وتصعيد الحرب التجارية الأمريكية الصينية مصدر قلق رئيسا على المدى القريب، مشيرا إلى تساؤلات مهمة طرحتها شركة "ريستاد إنرجي" لتحليلات السوق النفطية عن كيفية تعامل تحالف المنتجين في "أوبك +" مع تلك الحرب المتصاعدة وتأثيرها في تمسك المنتجين بالاستمرار في إدارة الإنتاج، معتبرا أن حالة واسعة من عدم اليقين تحيط بسوق النفط.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، تورستين أندربو الأمين العام الفخري للاتحاد الدولي للغاز، أن الجميع متفق على الوضع المتوتر في الاقتصاد العالمي وفي سوق النفط، موضحا أن توقعات الطلب على النفط في المدى القصير لا تزال ضعيفة بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي وتصاعد وتيرة حرب تجارية قوية بين الولايات المتحدة والصين.
وذكر أندربو أن الوضع الحالي لا ينبئ بحدوث ركود وشيك لكن الجميع قلق من مؤشرات مزعجة مثل تباطؤ الاقتصاد الصيني كما يظهر الاقتصاد في الولايات المتحدة أيضًا علامات على التباطؤ خاصة عقب الإعلان الأمريكي الأخير فرض تعريفة بنسبة 10 في المائة على البضائع الصينية بقيمة 300 مليار دولار التي رد عليها الصينيون بخفض قيمة اليوان.
من ناحيته، يرى ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن الحفاظ على المعنويات الجيدة في السوق أمر ضروري خاصة في ضوء تقرير وكالة الطاقة الدولية عن انخفاض وتيرة نمو الطلب واتساع حرب الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأشار لـ"الاقتصادية"، إلى أن السعودية تقود تحركا مميزا للحفاظ على استقرار وتوازن السوق حيث تكثف اتصالاتها بالمنتجين الآخرين للتوافق على أفضل الآليات المشتركة لمواجهة تراجع الأسعار، كما بدأت السعودية بنفسها باعتبارها أكبر منتج في منظمة أوبك، حيث أبقت مستوى صادراتها من الخام عند أقل من سبعة ملايين برميل يوميا، عادا أن هذه الإجراءات قد تكون كفيلة ببث أجواء إيجابية في السوق وإنعاش الأسعار.
بدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في "أفريكان ليدرشيب" الدولية، إن هناك بالفعل جهودا حثيثة للسيطرة على فائض المعروض وضمان علاقة متوازنة بين العرض والطلب لافتة إلى أن خفض إنتاج "أوبك" ساعد على زيادة أسعار النفط هذا العام، لكن التحدي يكمن في أن هناك كثيرا من الإنتاج يرتفع في دول خارج منظمة أوبك.
وأوضحت ناهار، أنه إذا لم تمدد "أوبك +" أو تعمق تخفيضات الإنتاج في العام المقبل فقد نرى تجدد وفرة المعروض التي تضغط بقوة على الأسعار، عادة أن آراء أغلب المحللين تذهب إلى التوقعات بدور أكبر لتحالف المنتجين "أوبك +" في قيادة السوق وبحسب بعض التقارير الدولية قد تكون هناك حاجة إلى تدخل "أوبك" منذ الربع الأول من عام 2020 لتجنب الاختلالات في سوق النفط.
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في ختام الأسبوع الماضي أكثر من دولار للبرميل بدعم من هبوط في المخزونات الأوروبية والتخفيضات الإنتاجية التي تقودها "أوبك" على الرغم من أن تقرير وكالة الطاقة الدولية أظهر أدنى مستوى لنمو الطلب منذ الأزمة المالية لعام 2008.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول مرتفعة 1.15 دولار، أو 2 في المائة، لتبلغ عند التسوية 58.53 دولار للبرميل.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.96 دولار، أو 3.7 في المائة، لتسجل عند التسوية 54.50 دولار للبرميل. ولقيت أسعار النفط دعما من بيانات أظهرت تراجعا طفيفا في مجمل مخزونات الخام والمنتجات النفطية في 16 دولة أوروبية في تموز (يوليو) مقارنة بالشهر السابق.
لكن أسعار النفط تبقى منخفضة نحو 20 في المائة عن أعلى مستوياتها هذا العام التي سجلتها في نيسان (أبريل).
وأنهى برنت الأسبوع على هبوط بأكثر من 5 في المائة في حين تراجع الخام الأمريكي نحو 2 في المائة بعدما تأثرت الأسواق سلبا هذا الأسبوع بزيادة غير متوقعة في مخزونات الخام الأمريكية ومخاوف من تباطؤ الطلب وسط تصاعد الحرب التجاربة بين واشنطن وبكين.
واتفقت "أوبك" وحلفاؤها بقيادة روسيا، وهو تحالف يعرف باسم "أوبك+" في تموز (يوليو) على تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى آذار (مارس) 2020 في مسعى لدعم أسعار الخام.
وأشارت وزارة الطاقة الروسية إلى أن تقديرات وكالة الطاقة الدولية تتطابق إلى حد كبير مع توقعاتها، مضيفة أن موسكو أخذت بعين الاعتبار إمكانية حدوث تباطؤ للطلب على النفط عندما مددت اتفاق تخفيض الإنتاج مع "أوبك".
وأفاد مصدران مطلعان على بيانات وزارة الطاقة الروسية أمس بأن إنتاج النفط في روسيا زاد إلى 11.32 مليون برميل يوميا في الفترة من أول آب (أغسطس) وحتى الثامن من الشهر نفسه ارتفاعا من 11.15 مليون برميل يوميا في المتوسط في تموز (يوليو).
ويفوق هذا المستوى ما تعهدت به موسكو بموجب اتفاق خفض الإنتاج مع "أوبك"، بخفض إنتاجها عند 228 ألف برميل يوميا من 11.41 مليون برميل يوميا ضختها في تشرين الأول (أكتوبر) 2018.
وتوقع ألكسندر نوفاك وزير النفط الروسي الشهر الماضي أن يبلغ إنتاج النفط الروسي في المجمل ما يراوح بين 556 و557 مليون طن هذا العام، أو 11.17-11.19 مليون برميل يوميا، بما يتماشى مع ذلك التعهد.
وقال مسؤول نفطي سعودي إن المملكة، أكبر منتج للخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، تخطط للإبقاء على صادراتها من النفط الخام عند أقل من سبعة ملايين برميل يوميا في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) لإعادة التوازن إلى السوق والمساهمة في تقليص مخزونات النفط العالمية.
كما قال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي إن بلاده ستواصل دعم إجراءات تحقيق التوازن في سوق النفط.
من جهة أخرى، يواصل إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصعود للأسبوع الثاني على التوالي، متجها بذلك صوب أعلى مستوى في تاريخه.
وكشف التقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن الإنتاج النفطي للولايات المتحدة ارتفع بمقدار 100 ألف برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 2 آب (أغسطس) الجاري ليصل إلى 12.300 مليون برميل يوميا.
ويتبع بذلك إنتاج النفط الأمريكي اتجاها صعوديا للأسبوع الثاني على التوالي، كما يفصله 100 ألف برميل يوميا فقط عن المستوى القياسي الأعلى المسجل على صعيد التقييمات الأسبوعية.