الانتقام الصيني من واردات الخام الأمريكي يرفع تكلفة البرميل 3 دولارات .. يهدد بتصفير الصادرات
أدت حالة الارتباك في الأسواق وضبابية آفاق الطلب النفطي بعد اشتعال الحرب التجارية مجددا، إلى إنهاء الخام الأمريكي الأسبوع منخفضا 1.3 في المائة، بينما صعد برنت 1.2 في المائة على مدار الأسبوع، فيما لا يزال تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها يحاول احتواء التداعيات السلبية للحرب التجارية على استقرار سوق النفط، من خلال التأهب لتباطؤ اقتصادي عن طريق مزيد من تضييق المعروض النفطي للحفاظ على تماسك الأسعار وتوازن العرض والطلب.
في هذا الإطار، أكدت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن تراجع أسعار الخام يرجع في الأساس إلى تخطيط الصين فرض تعريفة جمركية جديدة على النفط الأمريكي المستورد، ما أدى إلى تصاعد وتيرة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن التعريفات الجديدة على استيراد النفط الأمريكي لمصلحة الصين ستؤدي إلى تكلفة إضافية بنسبة 5 في المائة في سعر البرميل أو ما يقدر بنحو ثلاثة دولارات لاستيراد برميل أمريكي إلى الصين، مؤكدا أن هذا يكفي لجعل مبيعات الولايات المتحدة إلى الصين غير قادرة على المنافسة وسيؤدي الأمر بدوره إلى تصفير الواردات، وفقا لتحليلات "بلاتس".
وشهدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين فصلا جديدا من التصعيد بعد فرض بكين رسوما انتقامية على بضائع أمريكية من بينها النفط الخام، قابلها إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن استهداف واردات صينية برسوم جمركية إضافية بنسبة 5 في المائة، ردا على ما سماه "تحركا صينيا بدوافع سياسية" لفرض رسوم على صادرات أمريكية بقيمة 75 مليار دولار.
وقال تقرير حديث للوكالة المعلوماتية الدولية "إن انخفاض أسعار النفط بنهاية الأسبوع جاء متوقعا، في ظل تجدد المخاوف من أن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين يمكن أن تضعف نمو الطلب العالمي على الطاقة".
وأشار إلى تراجع أسعار العقود الآجلة للنفط بعد أن أعلنت الصين عن خطط لفرض تعريفة جمركية بنسبة 5 في المائة على واردات الخام الأمريكي اعتبارا من 1 أيلول (سبتمبر) المقبل، وتعد هذه الخطوة جزءا من جولة جديدة من التعريفات على واردات السلع الأمريكية بقيمة 75 مليار دولار التي ستُنفذ على دفعتين اعتبارا من بداية الشهر المقبل و15 كانون الأول (ديسمبر) المقبلين.
ونوه التقرير بتأكيد وزارة المالية الصينية أن التعريفات تعد بمنزلة انتقام لتعريفة الحكومة الأمريكية بنسبة 10 في المائة على ما قيمته نحو 300 مليار دولار من البضائع الصينية التي أعلنت منتصف الشهر الجاري.
وذكر التقرير أن انخفاض العقود الآجلة للنفط بشكل ملموس جاء بعد سلسلة تغريدات للرئيس الأمريكي دونالد ترمب كتب فيها "لسنا بحاجة إلى الصين، وبصراحة سيكون الوضع أفضل بدونهم"، مشيرا إلى أن "المبالغ الضخمة من الأموال التي سرقتها الصين من الولايات المتحدة عاما بعد عام ستتوقف، ويجب أن تتوقف".
ولفت التقرير إلى تأكيد محللين دوليين أن تواصل التركيز على المخاوف من قضايا التجارة وتأثيرها في الطلب العالمي سيؤدي إلى اتساع المخاوف من أن الأزمة التجارية لن تنتهي.
وذكر التقرير أن تأثير التعريفة الجمركية في المنتجين الأمريكيين غير واضح، لافتا إلى أن بكين ستحتاج إلى شراء براميل أخرى، وهذا سيفتح فرصا للمبيعات غير الأمريكية، ما يؤدي إلى ضعف الطلب على الخام الأمريكي في العقود الآجلة.
وتوقع التقرير أن يبلغ متوسط صادرات الولايات المتحدة إلى الصين 56 ألف برميل يوميا في الشهر الجاري، منخفضا عن الذروة الأخيرة التي بلغت 279 ألف برميل يوميا في أيار (مايو) الماضي.
وعَدَّ التقرير خطط الصين لفرض تعريفة جمركية بنسبة 5 في المائة على واردات الخام الأمريكي اعتبارا من الشهر المقبل تسببت في انخفاض أسعار الخام القياسية يوم الجمعة الماضي ما عرّض شحنات الخام الأمريكي المنقولة بحرا إلى الصين للخطر، إضافة إلى الحد من الاهتمام بشراء الخام الأمريكي من المصافي الصينية.
بحسب التقرير، فإن هذه هي أول مجموعة من التعريفة الجمركية التي تفرضها الصين على الخام الأمريكي حتى الآن، موضحا أن منتجات الطاقة الأمريكية الرئيسة الأخرى مثل الغاز الطبيعي المسال تواجه بالفعل تعريفة بنسبة 25 في المائة من قبل بكين منذ بدء النزاع التجاري العام الماضي.
وذكر التقرير أن التدابير التي اتخذتها واشنطن أدت إلى التصعيد المستمر للاحتكاكات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، مشيرا إلى أنها أضرت بشدة بمصالح أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم ودول أخرى، كما هددت بشكل خطير النظام التجاري متعدد الأطراف ومبدأ التجارة الحرة.
وأضاف التقرير أن "هبوط أسعار النفط جاء بتأثير من إعلان تعريفة بكين، حيث قام المستثمرون في الطاقة والأسواق المالية بتعديل مراكزهم المالية الطويلة بسبب المخاوف من تباطؤ أوسع في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، مع تصاعد الخلاف التجاري وتأثيره الضار في الطلب النفطي".
وكانت أسعار النفط تراجعت في ختام الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت الصين عن رسوم جمركية انتقامية على بضائع أمريكية بقيمة 75 مليار دولار، من بينها النفط الخام، في تصعيد آخر للنزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
بحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول منخفضة 58 سنتا، أو 1 في المائة، لتبلغ عند التسوية 59.34 دولار للبرميل.
وهبطت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.18 دولار، أو 2.1 في المائة، لتسجل عند التسوية 54.17 دولار للبرميل، وأنهي الخام الأمريكي الأسبوع منخفضا 1.3 في المائة بينما صعد برنت 1.2 في المائة على مدار الأسبوع.
وستفرض الصين رسوما جمركية إضافية من 5 في المائة إلى 10 في المائة على 5078 من منتجات منشؤها الولايات المتحدة بما في ذلك النفط الخام، ومنتجات زراعية مثل فول الصويا، والطائرات الصغيرة.
أثارت الخطوة الصينية غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي أمر الشركات الأمريكية بأن تدرس إغلاق عملياتها في الصين وتصنيع منتجاتها في الولايات المتحدة.
وركز المستثمرون أيضا على كلمة جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي في جاكسون هول، التي قدم فيها قرائن قليلة بشأن إذا ما كان البنك المركزي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل.
وقال جيمس بولارد رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في سانت لويس "إن صانعي السياسة النقدية سيجرون مناقشة واقعية بشأن خفض لأسعار الفائدة الأمريكية بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماعهم المقبل في أيلول (سبتمبر)".
وتفاقمت المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود، إذ سجل قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة أول انكماش شهري في نحو عشرة أعوام.
لكن أسعار النفط تظل تتلقى الدعم من تخفيضات إنتاج النفط التي ينفذها أعضاء "أوبك" وروسيا، وكذلك تراجع صادرات إيران وفنزويلا بسبب العقوبات الأمريكية.
ويعتقد هاري تشيلينجوريان من "بي.إن.بي باريبا" أن السوق تلقت بعض البيانات السلبية، مع زيادة إنتاج روسيا من الخام فوق حصتها بموجب اتفاق "أوبك+" وساعدت شركة النفط الروسية الحكومية روسنفت على شحن نفط فنزويلا إلى الصين والهند.
وسجل عدد حفارات النفط العاملة في الولايات المتحدة أكبر هبوط أسبوعي في نحو أربعة أشهر وتراجع إلى أدنى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) 2018 مع قيام منتجين بخفض الإنفاق على عمليات الحفر.
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن شركات الحفر أوقفت تشغيل 16 حفارا نفطيا في الأسبوع المنتهي في الـ23 من آب (أغسطس)، وهو أكبر خفض منذ الأسبوع المنتهي في الـ26 من نيسان (أبريل) وسابع انخفاض أسبوعي في الأسابيع الثمانية الماضية.
وتراجع إجمالي عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة إلى 754 من 860 حفارا في الأسبوع نفسه قبل عام.
وانخفض عدد حفارات النفط النشطة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الثمانية الماضية مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة، مع تركيزها بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
من ناحية أخرى هبط عدد حفارات الغاز الطبيعي في أمريكا بمقدار ثلاثة حفارات إلى 62 حفارا، وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2017.
وخلال الأسبوع المنصرم، كشفت منظمة أوبك عن تراجع حصتها السوقية في سوق النفط العالمية إلى مستوى 30 في المائة في الشهر الماضي، وسط استمرار جهودها لخفض الإنتاج، مقابل مستوى 34 في المائة منذ عقد من الزمان، ومقارنة بالقمة المسجلة في 2012 عند مستوى 35 في المائة.
وفي الشهر الماضي تراجع إنتاج "أوبك" بمقدار 246 ألف برميل يوميا إلى 29.609 مليون برميل يوميا بقيادة خفض الإمدادات الطوعي من السعودية والعقوبات الأمريكية الصارمة على إيران وفنزويلا.
ورغم أن منظمة أوبك مستمرة في عمليات خفض الإنتاج إلا أن الأسعار تراجعت من أعلى مستوياتها في 2019 التي سجلتها في نيسان (أبريل) عند 75 دولارا للبرميل، إلى أدنى من 60 دولارا للبرميل في الوقت الحالي، ويستمر عمل منظمة أوبك والدول المنتجة للخام من خارجها باتفاق خفض الإنتاج حتى آذار (مارس) المقبل.