توقعات باستمرار تقلبات أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري .. وسحب المخزونات يدفعها للصعود
يتوقع محللون استمرار تقلبات أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري بعد أن سجل الخامان القياسيان مكاسب على مدار الأسبوع مع صعود برنت 1.8 في المائة والخام الأمريكي 1.7 في المائة، وتعود المكاسب الأسبوعية إلى تزايد آمال بانحسار التوترات التجارية بين أكبر بلدين مستهلكين للنفط في العالم.
وأوضح المحللون أن الأسعار تتلقى دعما من اتفاق خفض الإنتاج، الذي يقوده تحالف "أوبك+" والممتد إلى آذار (مارس) المقبل، مع احتمال تعميق التخفيضات في ضوء بيانات لوكالة الطاقة الدولية ترجح حدوث وفرة كبيرة في الإمدادات خلال العام المقبل.
ويعتقد محللون أن السحب السريع من المخزونات يدفع أسعار النفط للصعود، وهو نتاج جهود تحالف المنتجين في "أوبك+" في تقييد المعروض علاوة على تركيز السعودية على خفض صادراتها إلى السوق الأمريكية، بالتزامن مع تبني الولايات المتحدة والصين لإجراء مفاوضات لإخماد فتيل الحرب التجارية.
في هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، إن فرص نمو أسعار النفط صارت أكبر بعد حدوث مبادرات ترجح حدوث انفراجة في مفاوضات التجارة بما يهدأ القلق من الركود والانكماش الاقتصادي، ومن ثم تزاح المخاوف النسبية المتعلقة بالنمو والطلب على النفط.
وأضاف كيندي أن "أوبك" تواصل جهودها المكثفة لخفض الإنتاج بنسبة مطابقة مرتفعة سجلت بحسب أحدث البيانات 136 في المائة، وسط تخفيضات طوعية وامتثال كبير وأكثر من المطلوب من جانب السعودية، إضافة إلى التراجعات الحادة في إنتاج فنزويلا وإيران، على الرغم من حدوث ارتفاعات نسبية في إنتاج نيجيريا والعراق خلال الشهر الماضي، لافتا إلى أن المؤشرات الحالية ترجح قطع خطوات جيدة على طريق استعادة الاستقرار والتوازن في السوق النفطية.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن تأثير العقوبات الأمريكية على إيران يتزايد وأدى إلى إلحاق خسائر فادحة في إنتاج إيران، حيث عانى خسارة تبلغ 50 ألف برميل يوميا خلال الشهر الماضي، فيما جاء الموقف الأمريكي صارما خاصة مع تأكيد مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي أنه تم خفض 2.7 مليون برميل يوميا من سوق النفط منذ فرض عقوبات على إيران لأول مرة.
وأشار كروج إلى أن تحركات الأسعار قد تسجل تقلبات جديدة خلال الأسبوع الجاري بعدما حققت أسعار النفط أكبر مكاسب أسبوعية لها منذ تموز (يوليو) مشددا على أن السوق ما زالت تتسم بعدم اليقين واستمرار مخاوف الطلب بسبب إعصار دوريان، الذي ضرب ولاية فلوريدا وتسبب في انخفاض الأسعار، معتبرا أن المكاسب الأسبوعية لأسعار النفط جاءت بسبب انخفاض درجة التوتر في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، علاوة على هبوط مخزونات النفط.
من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ماثيو جونسون، المحلل في شركة "أوكسيرا" للاستشارات، إن سوق النفط تواجه تقلبات في ضوء وجود إعصار كبير يتجه إلى جنوب شرق الولايات المتحدة، الذي يجيء بالتزامن مع توقعات ضعف الطلب جراء تصاعد الحرب التجارية على الرغم من التهدئة الواضحة في الفترة الراهنة.
وأضاف جونسون أن التعريفة الجمركية المعلنة بدأ بالفعل تنفيذها أمس الأحد، وفى ضوء ذلك لا يمكن اعتبار الزخم الصعودي للأسعار أمرا مفروغا منه، حيث ستستمر حالة التقلبات الناجمة عن عدة عوامل رئيسية منها مخاوف الركود، التي تلقي بظلالها على معنويات السوق، ما لم يتم إحراز تقدم كبير ومؤثر في ملف العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين.
بدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، إكسوي ساهي المحللة الصينية والمختصة في شؤون الطاقة، إن الإنتاج الأمريكي يواجه تحديات ومن الصعب الاستمرار في وتيرة التنامي المتلاحقة، مشيرة إلى حالات الإفلاس بين شركات النفط الصخري، حيث سجلت 26 حالة إفلاس هذا العام، مقابل ما يقرب من 28 حالة إفلاس في عام 2018، وبعض التقارير الأمريكية تشير إلى فقدان المستثمرين الثقة بقطاع النفط الصخري.
وتضيف ساهي، أن الصين من جانبها تبدي لهجة أكثر ليونة فيما يخص التعريفات لافتة إلى أنه لا تزال الرسوم الجمركية على وشك القفز بدءا من الشهر الجاري، موضحة أن الصين لن ترد على الفور على زيادة التعريفة، التي أعلنها الأسبوع الماضي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وتأمل في استئناف المفاوضات ونجاحها بالتوصل إلى اتفاق ينهي النزاعات التجارية المتسعة بين الاقتصادين الكبيرين.
وكانت عقود النفط قد هبطت في ختام الأسبوع الماضي، وأغلق الخام الأمريكي منخفضا نحو 3 في المائة قبيل إعصار يقترب من ساحل فلوريدا الأمر الذي قد يقوض الطلب، لكن الأسعار سجلت أكبر مكاسب أسبوعية منذ أوائل تموز (يوليو) بدعم من انحسار لهجة التصعيد في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت جلسة التداول منخفضة 65 سنتا، أو 1.1 في المائة، لتبلغ عند التسوية 60.43 دولار للبرميل.
وهبطت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.61 دولار، أو 2.8 في المائة، لتسجل عند التسوية 55.10 دولار للبرميل.
واستجمع الإعصار دوريان قوة، بينما يزحف باتجاه ساحل فلوريدا وهو ما يثير خطرا بأن أجزاء من تلك الولاية الأمريكية ستضربها رياح قوية وأمواج عاتية وأمطار غزيرة لفترة غير قصيرة بعد أن يصل دوريان إلى اليابسة منتصف هذا الأسبوع.
وتراجع إنتاج النفط الأمريكي بمقدار 33 ألف برميل يوميا إلى 12.08 مليون برميل يوميا خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي.
وأظهر التقرير الشهري لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن إنتاج الخام في تكساس زاد بواقع 13 ألف برميل يوميا إلى 4.98 مليون برميل يوميا، في حين ارتفع الإنتاج في نورث داكوتا بواقع 36 ألف برميل يوميا إلى 1.40 مليون برميل يوميا.
وكشف التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة ارتفع إلى مستوى 12.500 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 23 آب (أغسطس) الماضي، مقارنة بمستوى 12.300 مليون برميل يوميا المسجل في الأسبوع السابق له.
وتأتي القفزة في الإنتاج الأمريكي في الأسبوع الماضي، التي دفعته إلى تسجيل مستوى قياسي جديد على صعيد الأرقام الأسبوعية، بعد استقراره عند مستويات مرتفعة نسبيا خلال الأسبوعين الماضيين.
وفقا للتقرير الأسبوعي، فإن صافي واردات النفط الأمريكي تراجع بنحو 1.5 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنقضي مع هبوط حاد في واردات الولايات المتحدة من الخام، الذي تجاوز 1.2 مليون برميل يوميا وزيادة محدودة في الصادرات.
وتراجع صافي واردات النفط الأمريكي في الأسبوع الماضي إلى مستوى 2.909 ملايين برميل يوميا وهو أقل بكثير من مستويات الأسبوع السابق له البالغة 4.415 مليون برميل يوميا.
وشهدت الواردات الأمريكية من النفط، هبوطا بنحو 1.290 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتنخفض إلى 5.928 مليون برميل يوميا.
في حين صعدت الصادرات الأمريكية من الخام خلال الأسبوع الماضي بمقدار 216 ألف برميل يوميا لتصل إلى 3.019 مليون برميل يوميا.
وشهدت المخزونات النفطية في الولايات المتحدة، انخفاضا بمقدار عشرة ملايين برميل في الأسبوع الماضي وهو أعلى بكثير من التوقعات البالغة 2.8 مليون برميل في الاتجاه الهابط، وفي الوقت نفسه، تراجعت مخزونات البنزين بمقدار 2.1 مليون برميل في الأسبوع الماضي.
وأظهر مسح أجرته "رويترز" أن إنتاج "أوبك" من النفط الخام ارتفع في آب (أغسطس) للمرة الأولى هذا العام بفعل زيادة في الإمدادات من العراق ونيجيريا غطت على تراجع الإمدادات وخسائر ناتجة عن العقوبات الأمريكية على إيران.
وأشار المسح إلى أن منظمة البلدان المصدرة للنفط المؤلفة من 14 عضوا ضخت 29.61 مليون برميل يوميا هذا الشهر، بزيادة قدرها 80 ألف برميل يوميا من الرقم المعدل لشهر تموز (يوليو)، الذي كان أدنى مستوى لمجمل إنتاج "أوبك" منذ 2014.
وهبطت أسعار النفط نحو 20 في المائة منذ أن سجلت أعلى مستوى لها لعام 2019 في نيسان (أبريل)، فيما يرجع جزئيا إلى مخاوف بأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تلحق ضررا بالاقتصاد العالمي وتضعف الطلب على النفط.
وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط هذا الأسبوع، وواصل عدد الحفارات العاملة التراجع للشهر التاسع على التوالي ليصل إلى أدنى مستوى منذ كانون الثاني (يناير) 2018 مع قيام معظم المنتجين بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة هذا العام.
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، بأن عدد الحفارات النشطة انخفض بمقدار 12 حفارا في الأسبوع المنتهي في 30 آب (أغسطس)، ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 742 وهو أدنى مستوى منذ أوائل العام الماضي.
وعلى مدار شهر آب (أغسطس)، هبط عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة بمقدار 34 حفارا وهو أكبر انخفاض شهري منذ آذار (مارس) 2019، وهذا هو الانخفاض الشهري التاسع على التوالي في عدد الحفارات.
وفي الأسبوع نفسه قبل عام، كان هناك 862 حفارا نفطيا قيد التشغيل في الولايات المتحدة، واستقر عدد حفارات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة هذا الأسبوع عند 162 حفارا.