استثمارات الطاقة المتجددة تقفز 3 أضعاف في العقد الأخير .. 2.6 تريليون دولار
تواصل الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة خلال هذا العقد 2010-2019 طريقها للوصول إلى 2.6 تريليون دولار، مع إنشاء مزيد ومزيد من الجيجا واط من الطاقة الشمسية أكثر من أي تقنية توليد أخرى، وهو ما يزيد على ثلاثة أمثال الاستثمارات في السنوات العشر السابقة.
جاء ذلك في تقرير "الاتجاهات العالمية في الاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2019"، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة للبيئة قبل قمة الأمم المتحدة "العمل العالمي في مجال المناخ" المقرر في 23 من الشهر الجاري، و نُشِر أمس.
وفقا للتقرير، من المتوقع أن يُضاعف هذا الاستثمار قدرة الطاقة المتجددة أربعة أضعاف تقريبا "باستثناء الطاقة المتولدة من المساقط المائية الكبيرة"، وجُل الزيادة ستكون بقيادة الطاقة الشمسية.
بالأرقام، سيضاعف الاستثمار الطاقة المتجدة من مجرد 414 جيجا واط في نهاية 2009 إلى 1650 جيجا واط عند إغلاق العقد في نهاية هذا العام. جميع الإشارات والأرقام إلى الطاقة المتجددة في هذا التقرير تستبعد السدود الكهرومائية الكبيرة التي تزيد على 50 ميجا واط.
حسب التقرير، ستكون الطاقة الشمسية قد جذبت 1.349 تريليون دولار، أي نصف الـ2.6 تريليون دولار من استثمارات الطاقة المتجددة التي تمت على مدى العقد.
جاء الاستثمار في الرياح في المرتبة الثانية "1.023 تريليون دولار"، ونفايات الكتلة الحيوية "115.5 تريليون دولار"، ومشاريع الطاقة المائية الصغيرة "42.7 مليار دولار"، والوقود الحيوي "27.3 مليار دولار"، والطاقة الحرارية الجوفية "19.8 مليار دولار".
وستنمو الطاقة الشمسية وحدها من 25 جيجا واط في بداية 2010 إلى 638 جيجا واط المتوقعة بحلول نهاية 2019، بما يكفي لإنتاج جميع الكهرباء اللازمة كل عام لنحو 100 مليون منزل في المتوسط في الولايات المتحدة. "كان لدى الولايات المتحدة نحو 128 مليون أسرة في 2018".
بلغت الحصة العالمية لتوليد الكهرباء التي تمثلها مصادر الطاقة المتجددة 12.9 في المائة في 2018، بعد أن كانت 11.6 في المائة في 2017.
هذا الإنتاج تجنَّب ما يقدر بملياري طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العام الماضي وحده، وهو توفير كبير في ضوء انبعاثات قطاع الطاقة العالمية البالغة 13.7 مليار طن في 2018.
من ضمنها جميع تقنيات التوليد "الأحفوري والكربون صفر"، من المقرر أن يشهد العقد صافي 2366 جيجا واط من قدرة الطاقة التي نُصِبَت، في وقت ستمثل فيه الطاقة الشمسية وحدها أكبر حصة "638 جيجا واط"، والفحم ثانيا "529 جيجا واط"، والرياح والغاز في المركزين الثالث والرابع "487 جيجا واط و438 جيجا واط على التوالي".
كما ارتفعت تكلفة القدرة التنافسية لمصادر الطاقة المتجددة ارتفاعا كبيرا على مدى العقد. وانخفضت تكلفة الكهرباء المستوية "وهي تدبير يسمح بمقارنة مختلف أساليب توليد الكهرباء على أساس ثابت" بنسبة 81 في المائة بالنسبة إلى الطاقة الشمسية منذ 2009. ما يتعلق بالرياح البرية، انخفضت بنسبة 46 في المائة.
وفي المقارنة بين عامي 2009 و2019، سجلت تكلفة توليد الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة انخفاضا كبيرا "مقيسة بالكيلوات في الساعة". وإذا كانت تكلفة توليد الطاقة الكهربائية من مراوح الرياح البرية سجلت أقوى انخفاض، إلا أن تكلفة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لم تسجل انخفاضا قويا لكنها بقيت الأرخص على الدوام.
على سبيل المثال، انخفضت تكلفة توليد الكهرباء من المراوح البرية من 305 دولارات لكل كيلو واط في الساعة في 2009 إلى نحو 90 دولارا لكل كيلو واط في الساعة في 2019. وانخفضت تكلفة توليد الكهرباء من المراوح البحرية من 160 دولارا لكل كيلو واط في الساعة في 2009 إلى نحو 110 دولارات لكل كيلو واط في الساعة في 2019.
مقابل هذين المثالين، انخفضت تكلفة توليد الكهرباء من الألواح الشمسية من 98 دولارا لكل كيلو واط في الساعة في 2009 إلى نحو 80 دولارا لكل كيلو واط في الساعة في 2019، لتبقى بذلك الشمس أرخص مصدر لتوليد الطاقة.
وقال، إنكر أندرسن، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة "الاستثمار في الطاقة المتجددة هو استثمار في مستقبل مستدام ومربح، وهو ما أظهره العقد الأخير من النمو المذهل في مصادر الطاقة المتجددة".
وأضاف "لكننا لا يمكننا أن نركن إلى الرضا عن النفس خاصة وقد ارتفعت انبعاثات قطاع الطاقة العالمية بنحو 10 في المائة خلال هذه الفترة. ومن الواضح أننا بحاجة إلى تسريع وتيرة التحول العالمي إلى مصادر الطاقة المتجددة إذا أردنا تحقيق أهداف المناخ الدولي والأهداف الإنمائية".
استثمارات 2018
كما واصل التقرير، الذي يصدر سنويا منذ عام 2007، نظرته التقليدية إلى الأرقام السنوية، حيث بلغ الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة 272.9 مليار دولار في 2018، وهي السنة التي شهدت تجاوز علامة ربع تريليون دولار مرة أخرى.
وفي حين انخفض هذا المعدل بنسبة 12 في المائة عن العام السابق، كان عام 2018 هو العام التاسع على التوالي الذي تجاوزت فيه استثمارات الطاقة الاستيعابية 200 مليار دولار، والسنة الخامسة على التوالي فوق 250 مليار دولار. وكان الاستثمار العالمي في الطاقة الإنتاجية التي تعمل بالفحم والغاز مجتمعة نحو ثلاثة أضعاف.
وتحقق رقم عام 2018 على الرغم من الانخفاض المستمر في التكلفة الرأسمالية لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وعلى الرغم من تغيير في السياسة التي ضربت الاستثمار في الصين في النصف الثاني من العام.
انتُهي من إنشاء 167 جيجا واط من الطاقة المتجددة الجديدة في 2018، بعد أن كانت 160 جيج اواط في 2017.
وقال، جون مور، الرئيس التنفيذي لشركة بلومبيرج نف BNEF، وهي شركة أبحاث تقدم البيانات والتحليلات لتقرير الاتجاهات العالمية "إن الانخفاض الحاد في تكلفة الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية خلال الأعوام الأخيرة غيَّر الخيار الذي يواجه صانعي السياسات. وكانت هذه التقنيات دائما منخفضة الكربون وسريعة نسبيا في البناء. الآن، في عديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، إما الرياح أو الطاقة الشمسية هو الخيار الأرخص لتوليد الكهرباء".
كما يتتبع التقرير الاستثمارات الأخرى غير ذات القدرة في مصادر الطاقة المتجددة، الأموال التي تذهب إلى التقنية والشركات المتخصصة. وأظهرت جميع هذه الأنواع من الاستثمار زيادات في عام 2018.
وارتفعت نسبة البحث والتطوير التي أجرتها الحكومات والشركات بنسبة 10 في المائة لتصل إلى 13.1 مليار دولار، في حين ارتفعت حقوق الملكية التي جمعتها شركات الطاقة المتجددة في الأسواق العامة بنسبة 6 في المائة لتصل إلى ستة مليارات دولار، وارتفعت استثمارات رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة بنسبة 35 في المائة لتصل إلى ملياري دولار.
وقال سفينيا شولتز، الوزير الاتحادي الألماني للبيئة والحفاظ على الطبيعة والسلامة النووية الذي أسهم في إعداد التقرير "إن تقنيات استخدام طاقة الرياح أو الشمس أو الطاقة الحرارية الأرضية متاحة، فهي تنافسية ونظيفة.
وفي غضون عشرة أعوام، ستنتج ألمانيا ثلثي طاقتها القائمة على مصادر الطاقة المتجددة. ونحن نبرهن على أن البلد الصناعي يمكن أن يؤدي إلى التخلص التدريجي من الفحم، والطاقة النووية في الوقت نفسه، دون تعريض اقتصاده للخطر. ونحن نعلم أن مصادر الطاقة المتجددة لها معنى بالنسبة إلى المناخ وإلى الاقتصاد. مع ذلك، فإننا لا نستثمر ما يكفي تقريبا لإزالة الكربون من إنتاج الطاقة ونقلها وتسخينها في الوقت المناسب للحد من الاحترار العالمي إلى درجتين مئويتين أو 1.5 درجة مئوية بشكل مثالي.
وإذا أردنا تحقيق مستقبل آمن ومستدام، فعلينا أن نفعل الكثير الآن من حيث توفير بيئة تمكينية تنظيمية وبنية تحتية تشجع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة".
وقال نيلز ستيجليتز، رئيس كلية فرانكفورت للمالية والإدارة - مساهم آخر في التقرير - "من المهم أن نرى مصادر الطاقة المتجددة تصبح الخيار الأول في عديد من الأماكن، لكن الآن نحن بحاجة إلى التفكير فيما وراء توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة. والتخلي عن الفحم ليس سوى مسألة واحدة في مجال التمويل المستدام الأوسع نطاقا. ويهتم المستثمرون بشكل متزايد بما إذا كان ما يقومون به له معنى في سياق مستقبل منخفض الكربون ومستدام".
الصين لا تزال تقود
كانت الصين إلى حد بعيد أكبر مستثمر في مجال الطاقة المتجددة على مدى هذا العقد، حيث التزمت بإنفاق 758 مليار دولار بين 2010 والنصف الأول من 2019، والثانية الولايات المتحدة التي استثمرت 356 مليار دولار وهو أقل من نصف ما استثمرته الصين، واليابان في المرتبة الثالثة باستثمارها 202 مليار دولار.
واستثمرت أوروبا ككل "الدول المنضوية للاتحاد الأوربي وغير المنضوية" 698 مليار دولار في الطاقة المتجددة خلال الفترة نفسها، حيث أسهمت ألمانيا بأكبر قدر بـ179 مليار دولار، وبريطانيا 122 مليار دولار.
وتقدمت الهند على إيطاليا في استثماراتها في الطاقة المتجددة "90 مليار دولار للأولى و82 مليارا للثانية".
وجاءت البرازيل في المرتبة الثامنة "55 مليار دولار"، تعقبها أستراليا "47 مليار دولار"، فرنسا "45 مليار"، إسبانيا "35"، كندا "33"، هولندا "25"، المكسيك "23"، بلجيكا "22"، السويد وجنوب إفريقيا "20 مليار دولار لكل منهما"، شيلي والدنمارك "14 مليار دولار لكل منهما".
في حين ظلت الصين أكبر مستثمر منفرد في الطاقة المتجددة عام 2018 "عند 88.5 مليار دولار، بانخفاض 38 في المائة عن 2017"، فإن الاستثمار في الطاقة المتجددة كان أكثر انتشارا في جميع أنحاء العالم من أي وقت مضى في العام الماضي، حيث استثمر 29 بلدا أكثر من مليار دولار، بعد أن كان 25 بلدا في عام 2017، و21 في 2016.
وفي 2018، استثمرت الصين في الطاقة المتجددة 88.5 مليار دولار، وأوربا 59.9 مليار دولار، والولايات المتحدة 42.8 مليار دولار، وآسيا - باستثناء الصين والهند - 41.9 مليار دولار، والشرق الأوسط وإفريقيا 16.1 مليار دولار، والهند 11.0 مليار دولار، والأمريكيتان - باستثناء الولايات المتحدة والبرازيل - 9.3 مليار دولار، والبرازيل 3.4 مليار دولار.
وصدر تقرير "الاتجاهات العالمية في الاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2019" بتكليف من برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع مدرسة فرانكفورت للتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة لتمويل المناخ والطاقة المستدامة، ويصدر بالتعاون مع "بلومبيرج إنف". وتدعم التقرير الوزارة الاتحادية الألمانية للبيئة وحفظ الطبيعة والسلامة النووية.