موسكو: أسواق النفط متوازنة والضبابية مستمرة
قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أمس إن سوق النفط العالمية متوازنة، لكن هناك بعض الضبابية التي لا تزال قائمة.
وأضاف نوفاك مخاطبا الصحافيين في منتدى اقتصادي في مدينة فلاديفوستوك الواقعة في أقصى شرق روسيا أنه يتعين على صناع السياسات التركيز على تحقيق التوازن في سوق الطاقة بدلا من التركيز على أسعار النفط.
وبحسب "رويترز"، ذكر نوفاك خلال المنتدى أن استثمارات روسيا في قطاع الطاقة قد تزيد 40 في المائة بحلول 2024، مضيفا أن بلاده بحاجة إلى تعزيز الاستثمار في إنتاج النفط في غرب سيبيريا وفي تطوير الجرف القطبي. من جهة أخرى، توقع راسل هاردي، الرئيس التنفيذي لفيتول، أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، أن تتراجع أسعار النفط في الأجل القصير، لكنه لا يتوقع مستويات مستمرة تحت 50 دولارا للبرميل. وشهدت الأسعار العالمية للنفط هبوطا حادا الشهر الماضي، بفعل علامات على تباطؤ الاقتصاد العالمي، واستمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقال هاردي "أتوقع أن يتراجع السعر في الربع الرابع، لكن من غير المرجح أن يستمر دون 50 دولارا للبرميل، لأن ذلك يعني 45 دولارا لبرميل النفط الصخري، وهو ما سينتج عنه خفض الإنفاق الرأسمالي". وفي معظم شهر آب (أغسطس)، جرى تداول العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت دون 60 دولارا للبرميل، وتعافى العقد منذ ذلك الحين ليتم تداوله حول 60 دولارا، بينما يجري تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي حول 56 دولارا للبرميل. وعلى الرغم من تخفيضات إنتاجية تقودها منظمة أوبك، تراجعت أسعار النفط من ذروتها في نيسان (أبريل) 2019 عندما تجاوزت 75 دولارا للبرميل.
وفي تموز (يوليو)، جددت "أوبك" وروسيا ومنتجون آخرون اتفاقية لخفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا حتى آذار (مارس) 2020 لتفادي بناء مخزونات قد تلحق ضررا بالأسعار.
إلى ذلك، سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إلى جذب الاستثمارات الآسيوية إلى أقصى شرق روسيا، حيث تم الإعلان عن إطلاق مشروع ضخم للغاز في منطقة القطب الشمالي يستهدف الأسواق الآسيوية.
وأشاد بوتين بأقصى شرق روسيا كوجهة مهمة للاستثمار خلال منتدى الشرق الاقتصادي، الذي حضره زعماء آسيويون من بينهم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في فلاديفوستوك على المحيط الهادئ.
وقال بوتين إن المنطقة مليئة "بأشخاص مجتهدين ومفعمين بالحيوية وصناعات للمستقبل وأغنى احتياطيات الموارد الطبيعية، استغلوا هذه الفرص".
وتنظم موسكو هذا المنتدى بانتظام منذ 2015 في إطار مساعيها لتعزيز علاقاتها مع آسيا وسط توترات مع الغرب.
وأعلنت المجموعة الروسية "نوفاتيك" إطلاق مشروع ضخم للغاز المسال في القطب الشمالي مع شركاء صينيين ويابانيين وفرنسيين.
وأشارت الشركة وهي أكبر منتج مستقل للغاز الطبيعي في روسيا، إلى أن "قرار استثمار نهائيا" تم التوصل إليه بشأن تمويل مشروع الغاز المسال-2 في القطب الشمالي بقيمة 21.3 مليار دولار، الذي يفترض أن ينتج أول شحنة من الغاز المسال في 2023.
وتملك "نوفاتيك" 60 في المائة من المشروع، مع شركاء "الفرنسية توتال" (10 في المائة) والصينيتين "تشاينا ناشونال بتروليوم كوربوريشن" (10 في المائة) و"تشاينا ناشونال أوفشور أويل كوربوريشن الصينيتين" (10 في المائة)، واليابانية "ميتسوي-جوجميج" (10 في المائة).
ويقضي المشروع ببناء مصنع لتسييل الغاز الطبيعي في شبه جزيرة جيدان في المنطقة الروسية من القطب الشمالي، ما سيعزز موقع روسيا كمنتج كبير للغاز المسال.
بدروها، أعلنت شركة "سيبور القابضة" الروسية لصناعة البتروكيماويات توصلها لاتفاق مع عملاق الغاز "غازبروم" لإمدادها بالغاز المسال لمصنع جديد على الحدود مع الصين سينتج البوليمرات لإنتاج البلاستيك الصيني.
وفي كلمته أمام الجلسة العامة، أشاد آبي بالروابط التجارية المتنامية لليابان مع روسيا وتنمية موسكو للقطب الشمالي باستخدام التكنولوجيا الحديثة وسفن إذابة الجليد.
وقال آبي إن مشروع الغاز المسال-2 في القطب الشمالي سيحقق "الربط الكبير" بين المحيط القطبي الشمالي والمحيط الهادئ.
وتابع "لأول مرة في التاريخ البشري، سيصبح هذان المحيطان شيئا واحدا، وسيوجد طريقا سريعا رائعا للتوزيع". من جهته، ذكر رئيس الوزراء الهندي في كلمته أمام المنتدى إن بلاده تتطلع "للسير يدا في يد مع روسيا في هذه الرحلة الاستشرافية" لتنمية الروابط الاقتصادية في الشرق الأقصى.
وأضاف أن الهند ستوفر خط ائتمان يبلغ مليار دولار لدعم الاستثمار في أقصى شرق روسيا.
وقضى مودي وبوتين أغلب وقتيهما في اليوم الأول للمنتدى معا، حيث جابا حوض بناء سفن تابع للبحرية الروسية وقد وصفا بعضهما بعضا بالأصدقاء "المقربين" و"العظماء".
ولم يتم الإعلان عن صفقات رئيسية خلال مباحثاتهما، لكنهما دعيا في بيان مشترك لتعاون أكبر يتضمن تأسيس شركات مشتركة في الهند لتطوير وصناعة الطيران المدني.
ويأتي التحول الروسي نحو آسيا بعد أن تضرر اقتصادها جراء العقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عليها بعد ضمها شبه جزيرة القرم في 2014.
واستضاف بوتين الرئيس الصيني شي جين بينج في منتدى سان بطرسبورج الاقتصادي في حزيران (يونيو) الماضي.