النفط يستهل الأسبوع على ارتفاع وسط انتعاش الآمال بقرب استعادة توازن الأسواق
استهلت أسعار النفط تعاملات الأسبوع على ارتفاع بسبب تأكيد السعودية على استقرار السياسات النفطية والحفاظ على اتفاق خفض الإنتاج بعد تولي وزير الطاقة الجديد الأمير عبدالعزيز بن سلمان مهام منصبه، في ظل تأكيد المنتجين في "أوبك" وخارجها على استمرار التعاون لاستعادة التوازن الكامل في السوق النفطية.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 61 سنتا أي ما يعادل واحدا في المائة إلى 62.15 دولار للبرميل، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 65 سنتا ما يوازي 1.2 في المائة إلى 57.17 دولار للبرميل.
ويعزز نمو الأسعار التفاؤل بإحراز تقدم قريب في مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، علاوة على انحسار المخاوف نسبيا من الركود الاقتصادي إلى جانب تحسن مؤشرات الطلب واستمرار المخاطر الجيوسياسية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ويقول محللون نفطيون إن وزير الطاقة السعودي الجديد الأمير عبدالعزيز بن سلمان صاحب خبرات عريضة وصلات وثيقة على مدار أعوام طويلة مع جميع المنتجين والشركات والشخصيات الدولية وسيستكمل الإنجازات المتميزة التي تحققت في الوزارة خلال الأعوام الماضية.
ونوه المحللون إلى أن توقعات "أوبك" الجديدة والإيجابية للطلب الآسيوى ستدعم تعافي الأسعار، وستتيح بث أجواء إيجابية في السوق ربما تتغلب على تداعيات حرب التجارة، لافتين إلى توقع محمد باركيندو أمين عام "أوبك" بارتفاع صادرات خام الشرق الأوسط لآسيا إلى 20 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040 بسبب التوسعات المتزايدة في طاقة التكرير بالمنطقة ونمو الطلب النفطي بقيادة الصين والهند.
ويقول لـ"الاقتصادية"، روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن ثبات واستقرار السياسات النفطية السعودية يمثل دعما كبيرا للسوق، خاصة فيما يتعلق بالتعاون والشراكة مع دول خارج "أوبك"، مشيرا إلى أن الأمير عبدالعزيز بن سلمان يتمتع بثقة واحترام كبيرين من القطاع النفطي، وهو يعمل في هذا المجال منذ أعوام طويلة ويرتبط بعلاقات تعاون وتفاهم واسعة مع كل الدول في "أوبك" وخارجها.
وأضاف شتيهرير أن السوق تتجه نحو التعافي واستعادة التوازن بسبب التفاؤل بتهدئة وتيرة الحرب التجارية، إضافة إلى تحسن مؤشرات الطلب خاصة، بعدما أظهرت بيانات حديثة أن واردات الصين من النفط ارتفعت بنسبة 9.9 في المائة على أساس سنوي لتسجل 9.97 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي، إضافة إلى بيانات إيجابية عن الوظائف والنشاط الصناعي في الولايات المتحدة.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، سيفين شيميل، مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن ضعف أسعار النفط له انعكاسات سريعة على الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، الذي على الأغلب قد يدخل في موجة انكماش جديدة، لافتا إلى أن شركات الحفر وشركات خدمات حقول النفط بدأت بالفعل في تقليص الميزانيات وعدد الموظفين لمواجهة حالة من التباطؤ عقب النمو الهائل السابق في إنتاج أمريكا الشمالية.
ويؤكد شيميل أن تداعيات حرب التجارة انعكست فورا على صناعة النفط الأمريكية، حيث تتجه وتيرة النمو في النفط الصخري للتباطؤ الملحوظ، وذلك لأن عديدا من الشركات خفض بالفعل أخيرا أهداف نمو الإنتاج، بينما لا يزال المستثمرون والمصرفيون يشككون في عوائد صناعة الصخري الزيتي في ضوء ظروف السوق الراهنة.
ويواصل منتجو النفط الأمريكيون خفض الميزانيات والعمالة والمستويات المستهدفة للإنتاج وسط إجماع متزايد للتوقعات على أن أسعار النفط والغاز ستبقى منخفضة لبضعة أعوام.
وتضاهي طلبات إشهار الإفلاس المقدمة من منتجي الطاقة في الولايات المتحدة حتى منتصف آب (أغسطس) هذا العام إجمالي الطلبات لعام 2018 بكامله تقريبا.
وسجل مؤشر لأسهم منتجي النفط والغاز أدنى مستوى له على الإطلاق في آب (أغسطس) في إشارة إلى أن المستثمرين يتوقعون مزيدا من المتاعب في المستقبل.
وقدر بنك الاستثمار "كوين آند كو" الشهر الماضي أن منتجي النفط والغاز أنفقوا 56 في المائة من ميزانياتهم لعام 2019 حتى حزيران (يونيو)، بناء على مراجعته لـ48 شركة أمريكية.
من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، إن التوافق السعودي- الروسي سيستمر على نحو أكثر فاعلية في الفترة المقبلة، خاصة مع توقع تكثيف الاتصالات بين الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة الجديد ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك مرجحا أن يسفر اجتماع أبوظبي خلال أيام عن تقييم شامل لظروف السوق وتنسيق مشترك بين "أوبك" وخارجها للتغلب على تداعيات حروب التجارة.
ورجح لديسما، أن تشهد جهود "أوبك" مزيدا من التركيز على دعم سعر النفط وتحقيق توازن مستدام في علاقة العرض والطلب وأن تعوض الدول المنتجة في "أوبك" تأثير العقوبات الأمريكية، التي أدت إلى خصم أكثر من مليوني برميل من النفط يوميا من السوق من إنتاج إيران وفنزويلا، معتبرا أن تقليص المعروض لم يدعم الأسعار على نحو كبير، فقد بقيت أسعار خام غرب تكساس الوسيط ضمن نطاق الـ50 دولارا نتيجة تباطؤ إمدادات النفط الصخري واشتداد المخاوف من تباطؤ نمو الطلب العالمي.
بدورها، ترى الدكتورة ناجندا كومندانتوفا، كبيرة المحللين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن تصريحات وزير الطاقة السعودي الجديد الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن طرح "أرامكو" في أقرب فرصة خطوة مشجعة، وتعزز الشفافية في السوق، خاصة أن هذا الطرح تترقبه أغلب الدوائر المالية والاقتصادية في العالم، ويعد خطوة رئيسة في خطة التحول الاقتصادي، التي أعلنت السعودية تنفيذها قبل أعوام.