رغم انتعاش الآمال باحتواء الحرب التجارية .. النفط يهبط بفعل مخاوف الطلب العالمي
هبطت العقود الآجلة للنفط أمس في الوقت، الذي استمرت فيه المخاوف بشأن النمو العالمي وتباطؤ الطلب على الرغم من تلميحات بإحراز تقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما كبد الأسعار خسائر أسبوعية بعد تأرجحها صعودا ونزولا على مدى أيام.
وبحسب "رويترز"، تراجع خام برنت 23 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 60.15 دولار للأوقية، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 15 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 54.94 دولار للبرميل.
وجرى تداول برنت في نطاق خمسة دولارات تقريبا في الأسبوع الماضي، وبذلك تكبد خام القياس العالمي أول خسارة أسبوعية في خمسة أسابيع، وجرى تداول الخام الأمريكي عند مستويات مماثلة مسجلا أول خسارة في ثلاثة أسابيع.
وتسبب التشاؤم بشأن الأثر الاقتصادي للنزاع التجاري بين واشنطن وبكين في الاتجاه بالأسعار صوب التراجع.
وكان ضعف الثقة بالأسواق واضحا في استطلاع أجرته "رويترز" لآراء خبراء اقتصاديين توقعوا تدهور الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين أو في أفضل الأحوال أن يظل كما هو في العام المقبل.
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أكد أنه لا يستبعد إبرام اتفاق مؤقت مع الصين بشأن التجارة، رغم أنه أعلن أنه يفضل اتفاقا شاملا.
وتسعى "أوبك" جاهدة لمنع تكون تخمة في ظل ارتفاع الإنتاج الأمريكي وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
ويعمل عديد من منتجي النفط للحصول على عائدات أعلى، حيث لا تزال الأسعار منخفضة في بيئة تشهد طلبا منخفضا، وسط حرب تجارية وزيادة قياسية في إنتاج النفط الصخري.
وحذر ثامر الغضبان، وزير النفط العراقي من أن الفائض النفطي في الأسواق النفطية العالمية، ما زال يمثل تحديا كبيرا أمام المنتجين من داخل منظمة أوبك ومن خارجها.
وأشار وزير النفط العراقي إلى أن "الطلب العالمي للنفط الخام قد شهد نموا عند 1.3 مليون برميل باليوم، وتتطلب المرحلة اللاحقة مزيدا من العمل الجماعي والالتزام باتفاق خفض الإنتاج، لأنها مسؤولية مشتركة لجميع الدول المنتجة للنفط، بهدف تحقيق ضمان استقرار وتوازن السوق النفطية العالمية، وأن العراق ملتزم بقرار خفض الإنتاج وصولا إلى تحقيق الهدف".
وتعهدت الدول النفطية في أبوظبي الخميس الماضي بالتقيد باتفاق خفض الإنتاج الهادف إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب، من دون الحديث عن خفض إضافي.
وكانت السعودية قد خفضت إنتاجها أكثر مما طلب منها للمساعدة على إنجاح الاتفاق الحالي، الذي تم التوصل إليه في بداية العام وينص على خفض الإنتاج بمعدل 1.2 مليون برميل يوميا.
وفيما تعهدت الإمارات بتقديم خفض إضافي في إنتاجها الشهر المقبل، ذكر العراق ونيجيريا أنهما بصدد خفض إنتاجهما بنحو 230 ألف برميل يوميا.
وتتحرك أسعار الخام حاليا حول مستوى 60 دولارا للبرميل بعدما كانت تراجعت إلى مستوى الـ50 دولارا قبل بضعة أشهر، علما أنها كانت قد وصلت إلى 70 دولارا قبل نحو عام.
وتلعب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين دورا رئيسا في تراجع الأسعار، إذ إن التلويح بفرض رسوم جمركية أثار خشية من انكماش اقتصادي على مستوى العالم قد يقوض الطلب على النفط.
وتزامنا مع اجتماع أبوظبي، ذكرت وكالة الطاقة الدولية أنها تتوقع أن يبقى نمو الطلب العالمي على النفط ضعيفا بسبب ضعف الاقتصاد وتأثير الخلافات التجارية.
وقالت الوكالة، التي تتخذ من باريس مقرا في تقريرها الشهري إن "العلاقات التجارية الدولية شهدت مزيدا من التدهور في الأسابيع الأخيرة، لكن مفاوضي الولايات المتحدة والصين أعلنوا أن المفاوضات التجارية ستستأنف مطلع تشرين الأول (أكتوبر)".
وأضافت أن "الخلافات التجارية وتزايد الشكوك بشأن تأثير خروج المملكة المتحدة الممكن من الاتحاد الأوروبي يؤديان إلى خفض النمو العالمي عبر إضعاف ثقة قطاع الأعمال والمستهلكين، وإعادة تقييم سلسلة الإمدادات، وتقليص الاستثمار وخفض التجارة بشكل مباشر".
وفي مواجهة هذه الشكوك، أبقت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها لنمو الطلب في 2019 و2020، التي كانت خفضتها الشهر الماضي، بلا تغيير عند 1.1 مليون برميل يوميا و1.3 مليون برميل على التوالي.
وأشارت إلى أن نمو الطلب في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بلغ 0.5 مليون برميل يوميا وتراجع إلى 0.2 مليون برميل يوميا في حزيران (يونيو).
ولا تتوقع الوكالة الدولية "للنصف الثاني من 2019، مزيدا من التدهور في الأجواء الاقتصادية والخلافات التجارية".
ونقلت "بلومبيرج"، عن فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، قوله إن إنتاج الولايات المتحدة من النفط سينمو بمعدل 1.3 مليون برميل في اليوم العام المقبل. وأضاف أن الأسواق ستتلقى إمدادات إضافية قادمة من الولايات المتحدة والبرازيل والنرويج من بين آخرين ومن شأنها أن تشكل ضغوطا لخفض أسعار النفط، وعزا بيرول تباطؤ نمو الطلب على النفط إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي.