فيما تبحث عن عمل .. تطوع
أتيحت لي فرصة التعرف على بعض البرامج التطوعية لمؤسسات سعودية، لكن ما زلنا بحاجة إلى مزيد لنزاحم عديدا من الدول في هذا المجال، فالقيمة الاقتصادية للأعمال التطوعية في الولايات المتحدة تتجاوز 180 مليار دولار، بعدد ساعات يقل قليلا عن ثمانية مليارات ساعة. لم يكن يخطر في بال أحد أن السير الذاتية ستشمل جزءا يسرد الأعمال التطوعية، التي قام بها الشخص. وكما ندرك جميعا، والقليل منا من يمارسه بصورة منتظمة، أن التطوع ما هو إلا العطاء الذي يمثل مرتكزا في حياتنا، أو ينبغي أن يكون كذلك. وفي هذا اليوم صدر نظام عن مجلس الوزراء للعمل التطوعي. ولن يتسع المجال لتناول النظام، لكنه يتسع للقول إن التطوع أصبح مستهدفا وطنيا مهما. وكما كان تقليديا أن على المنشآت أن تقوم بدور ينم عن مسؤوليتها الاجتماعية، غدا الأمر أكثر تحديدا، لدرجة أن أصبحت ساعات التطوع تحصى، ومؤشرات التطوع تحتسب. وأعود إلى ما بدأت به من أن الأعمال التطوعية أخذت تحتل جانبا من السيرة الذاتية للشخص، وبوسع شبابنا وفتياتنا الباحثين عن عمل أن يسعوا لاغتنام الفرص التطوعية ذات الصلة باهتماماتهم المهنية والشخصية. لكن ليس الأمر سهلا كما يبدو للوهلة الأولى، فعلينا الإقرار أن الفرص التطوعية تستوجب بحثا كذلك، فهي ليست بالضرورة في المتناول. عرفت هذا من شابة مهندسة حديثة التخرج، أرادت أن تعمل متطوعة في مستشفى بالقرب من منزلها. قبل أن تطرق بوابة المستشفى، كانت تتصور أن طلبها سيكون محل اهتمام، لكن برودة الاستقبال جاءت قبل أن تكمل خطواتها الأولى.
أما الأمر المستغرب فعلا فيتضح سريعا عندما ننظر إلى الأعمال التطوعية، كسوق لها جانبا عرض وطلب، لتجد أن الأمر لا يبتعد كثيرا عن سوق العمل لدينا، هناك فائض في الباحثين عن فرص التطوع، ما يقودنا إلى السؤال، لماذا لا تعلن المنشآت على تفاوت أحجامها وأنشطتها الفرص التطوعية لديها؟ ليس مطلوبا منها أن تقدم أجرا بل أن ترعى المتطوع وتمكنه من الحصول على تجربة حياتية مفيدة، تعزز قدراته ومهاراته الحياتية والمهنية.
وفي الأمر سعة ومرونة إذا أخذنا في الحسبان أن للتطوع أنماطا عدة بما في ذلك التطوع الافتراضي، قصير الأجل، والتطوع في المنشآت الساعية للربح كالمستشفيات والمدارس والجامعات والنوادي الرياضية والفعاليات الاجتماعية والمهنية والعلمية.