«بريتش بتروليوم»: انبعاثات صفرية بحلول 2050

«بريتش بتروليوم»: انبعاثات صفرية بحلول 2050

أعلن الرئيس التنفيذي الجديد لشركة بريتش بتروليوم، برنارد لوني، عن هدف جديد للشركة: خفض انبعاثات غازات الدفيئة في صناعة النفط والغاز إلى صفر بحلول 2050، أو في وقت أقرب، في حين تبنت الشركة شعار "تغيير مفهوم الطاقة وما يعنيه ذلك للناس ولكوكبنا".
إنه تصريح جريء لشركة اسمها مرادف لصناعة الوقود الأحفوري. لطالما كانت هذه الشركة المدرجة في لندن هدفا للنشطاء البيئيين، وبشكل متزايد، لاحتقار العامة في وقت ارتفعت فيه قضية تغير المناخ إلى قمة جدول الأعمال السياسي.
المساهمون، بمن فيهم ملايين من أصحاب المعاشات البريطانيين، ربما تساءلوا مرة عما إذا كان هدف الشركة بحاجة إلى أن يتخطى مجرد كسب أكبر قدر ممكن من المال.
يدل ذلك على التغيرات الجارية في مجال صناعة الطاقة والمجتمع الأوسع، التي جعلت لوني يتشجع لإجراء إعادة تقييم مهمة لما يجب أن تبدو عليه هذه الشركة الكبرى في مجال الطاقة في القرن الـ21، بعد فترة وجيزة من توليه المنصب.
لم تنخفض أسهم "بريتش بتروليوم" بعد ذلك التصريح، ما يشير إلى أن رد فعل المستثمرين الفوري كان متفائلا نسبيا بما وصف بأنه "أكبر عملية إعادة تنظيم [للشركة] منذ أكثر من قرن".
ربما شعر لوني أنه لا يملك خيارا آخر. تراجعت حظوظ شركات النفط والغاز لدى المستثمرين بسبب المخاوف المتعلقة بتغير المناخ ووجود كثير من التساؤلات حول الطلب طويل الأجل على الوقود الأحفوري.
وتكافح الشركة من أجل الحفاظ على المستثمرين الحاليين، ناهيك عن جذب مستثمرين من جيل الألفية – أكبرهم يقترب من 40 عاما - الذين نشأوا على دراية بمخاطر تغير المناخ. لذلك كانت هناك حاجة منذ فترة طويلة إلى خطوة جريئة.
تلتزم الشركة بتحمل المسؤولية عن كل من الانبعاثات التي تنتجها عند استخراج النفط والغاز من الأرض، وتأثيرهما في البيئة عند إحراقهما بواسطة سائقي السيارات، أو الطائرات، أو المنازل، أو المصانع. وستكون نصيرة ومدافعة عن السياسات الخضراء، مثل سياسة ضريبة الكربون.
لكن الذهاب إلى حد القول إن الشركة في النهاية سيكون لديها "صاف صفري" سيشكل ضغطا على منافسي "بريتش بتروليوم"، ويشير إلى أنها ستحتاج إلى بذل مزيد من الجهد على المدى الطويل بدلا من مجرد تعويض انبعاثاتها من خلال زراعة الأشجار، أو مشاريع احتجاز الكربون وتخزينه التي لم تخضع للتجربة حتى الآن.
قال جاسون بوردوف، من جامعة كولومبيا إن شركة بريتش بتروليوم ملتزمة بالمضي إلى أبعد من "أي شركة نفط وغاز أخرى حتى الآن"، مضيفا أنه لا يمكن تحقيق ذلك "فقط مع الأشجار والتعويض عن الضرر". أشار لوني إلى أن هذا يعني الاستثمار "في شركات منخفضة الكربون - وأقل في النفط والغاز – مع مرور الوقت".
شركة ريبسول الإسبانية، وهي شركة أصغر كثيرا، أعلنت هي الأخرى عن طموح مماثل في الصافي الصفري.
بطبيعة الحال وجود بعض الشكوك أمر وارد. الجدول الزمني لهذا المشروع الذي يمتد لـ30 عاما يعني أن لوني سيتقاعد قبل اكتماله.
الإعلان المبدئي شحيح نسبيا في التفاصيل المتعلقة بما سيترتب، نتيجة للخطة، في الأعوام الخمسة المقبلة على عمليات الشركة، التي ستظل دون أدنى شك منتجا كبيرا للنفط والغاز خلال هذا الوقت.
سارع نشطاء منظمة السلام الأخضر إلى التساؤل عما إذا كان لدى "بريتش بتروليوم" جدول زمني لإيقاف التنقيب عن النفط والغاز الذي لا يمكن حرقه، إذا ما أرادت تحقيق الأهداف المعلن عنها. تساءل تشارلي كرونيك من منظمة السلام الأخضر: "ما حجم وجدول استثمارات الطاقة المتجددة التي بالكاد يذكرونها؟".
وعدت الشركة بمزيد من التفاصيل في يوم أسواق رأس المال الخاص بها في أيلول (سبتمبر).
بلا شك هناك أيضا مجال للتنصل من إعلان الأسبوع الماضي. مع تحملها المسؤولية عن الانبعاثات الناشئة عن النفط الخام والوقود الذي تنتجه، استبعدت "بريتش بتروليوم" البراميل التي يشتريها قسم التداول لديها من أطراف ثالثة، إما لتغذية مصافي التكرير الخاصة بها وإما لبيعها للعملاء.
وهذه تمثل أكثر من نصف الإجمالي، إذ بلغ حجم مبيعاتها 8.6 مليون برميل يوميا في 2018، في حين بلغ إنتاجها من النفط والغاز 2.7 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا (باستثناء مليون برميل من حصتها في شركة روسنفت الروسية المدعومة من الدولة، وهي مستبعدة من هدف الصافي الصفري).
سيكون السؤال الأكبر هو كيفية قياس تقدم الشركة. ربما يكون المستثمرون قد شعروا بالاطمئنان من قول الشركة إنها لا تزال ملتزمة بتوزيعات الأرباح، لكن بيراج بوركاتاريا، من "آر بي سي كابيتال ماركتس"، لاحظ أن "عبء توزيعات الأرباح" البالغة قيمته 8.5 مليار دولار من شركة بريتيش بتروليوم سيجعل من الصعب زيادة إنفاقها على مصادر الطاقة المتجددة.
هذه التفاصيل مهمة، وسيكون هناك ضغط على لوني وفريقه الذي تم تجديده للتوصل إلى إجابات معقولة خلال الصيف. لكن الشكوك لا ينبغي أن تطغى بالكامل على ما يظل بيانا جريئا، وهو بيان تأمل شركة بريتش بتروليوم أن يبدأ في جذب المستثمرين إلى مجال الطاقة.
مع الالتزام بصاف صفري، وضعت "بريتش بتروليوم" الصناعة أمام اختبار في الوقت الفعلي، حول ما يريده المستثمرون حقا. وقد يشعر المنافسون في أوروبا بالضغط لمجاراته.
المنافسون الأمريكيون، مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون"، الذين كانوا أبطأ في الاستجابة لمخاوف تغير المناخ، سيراقبون عن كثب لمعرفة ما إذا كان المستثمرون سيصوتون لمصالحهم المالية، ما قد يوجد سوقا من مستويين.

الأكثر قراءة