تحسين هطول الأمطار من خلال استزراع الصحراء
أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة مبادرة، "نثر بذور النباتات والأشجار الرعوية" في العام الماضي بمناسبة هطول الأمطار على أرجاء المملكة. وتهدف هذه المبادرة إلى زراعة عشرة ملايين شجرة حتى نهاية 2020، بالتعاون مع الجهات الرسمية والأهلية.
وتشارك في هذه المبادرة عدد من الجهات الحكومية والجمعيات البيئية وحتى الأهالي وطلاب المدارس، بهدف إعادة تشجير المساحات وإحياء الغطاء النباتي في المملكة. وتشمل هذه المبادرة توعية الأفراد بأهمية التشجير، وتوفير مساحات خضراء تسهم في مكافحة التصحر، وانجراف التربة، إضافة إلى الحفاظ على البيئة نقية وصحية والحد من التلوث البيئي.
يتماشى مفهوم المزارع الصحراوية بشكل وثيق مع البحث في حلول عزل الكربون البيولوجي، لكنه يمتد بشكل فريد إلى نطاق تعزيز الأمطار المتعمد. من خلال هذا التآزر بين عزل الكربون وتعديل الطقس الإقليمي، يمكن مواجهة ندرة المياه والتصحر مع التقليل إلى أدنى حد من النزاعات على أراضي المحاصيل الغذائية. إن المزارع الكبيرة تعمل على تحسين هطول الأمطار في المناطق القاحلة. وإن الإمكانية لتعزيز هطول الأمطار وعزل الكربون تجعل البحث مثيرا للاهتمام للغاية للمجتمع العلمي وللمجتمع عموما.
في ألمانيا، وجد الباحثون في جامعة هوهنهايم أدلة على أن زراعة الغابات في المناطق الصحراوية يمكن أن تؤدي إلى زيادة هطول الأمطار المحلية. حيث وصف ذلك كل من، أوليفر برانش وفولكر وولميير، في دراستهما للمزارع الصحراوية وما وجدوه في بحثهما المنشور في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
وعلى الرغم من الاستمرار في تجاهل العالم للكوارث البيئية التي تلوح في الأفق بسبب الاحتباس الحراري، إلا أن بعض العلماء يحملون حل هذه المأساة على عاتقهم ويأخذون الأمور بأيديهم. فقد نظرت شركة ألمانية في إمكانية زراعة أنواع معينة من الأشجار في المناطق الصحراوية كوسيلة للحد من الكربون في الغلاف الجوي. وبذلك، وجدوا دليلا على أن زراعة الغابات في المناطق الصحراوية يمكن أن تؤدي إلى زيادة في هطول الأمطار.
وقد ابتكر الباحثون نماذج لتمثيل زراعة غابات صغيرة في منطقتين قاحلتين - واحدة في عمان والأخرى في فلسطين- واختاروا أيضا نوعا من الأشجار "الجوجوبا"، التي لديها فرصة للنجاة من المناخات الحارة والجافة في مثل هذه المناطق.
أظهر نموذجهم أن زراعة غابة صغيرة، نحو 100 كيلومتر مربع، أدت إلى تغييرات بيئية محلية متعددة. ووجدوا أنه نظرا لأن أشجار "الجوجوبا" قاتمة، فقد انعكس ضوء أقل في الجو. أيضا لاحظ الباحثون احتواء الهواء على مزيد من الجسيمات الصادرة عن أشجار "الجوجوبا". وقد أظهرت النماذج أن بخار الماء كان قادرا على التكثيف على الجزيئات، ما أدى إلى تكوين قطرات المطر. وأخيرا، أدى نسيج الأشجار إلى تغيير أنماط الرياح. وكانت النتيجة الصافية هي زيادة المطر بدرجة كبيرة في الأماكن التي توجد بها غابات مزروعة حديثا.
لاحظ الباحثون أن كمية الأمطار المتزايدة لم تكن كافية للحفاظ على الأشجار، لكنها غيرت الإمكانات الاقتصادية لزراعتها. كما لاحظوا أن نموذجهم أظهر أن كمية الزيادة في هطول الأمطار المحلية ستختلف من موقع إلى آخر. ويقترحون أنه إذا عمل قادة العالم مع مديري الأراضي، يمكن العثور على مواقع مناسبة لزراعتها. ويزعمون أن مثل هذه المزارع يمكن أن يكون لها تأثير كبير على كمية الكربون التي تتم إزالتها من الغلاف الجوي.
وها هي وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة، مشكورة تحمل على عاتقها هذا العبء، وتقوم بمثل هذه المبادرة المباركة. فقد أوضحت الوزارة، أن أكثر من ثلاثة أطنان من البذور سيتم نثرها في كل من: منطقة المدينة المنورة، المنطقة الشرقية، القصيم، الجوف، نجران، الباحة، جازان، وحائل.
وتتنوع البذور ما بين، الشيح، البعيثران، الرغل، العجرم، الضمران، الفرس، الرمث، السدر، والسمر، إضافة إلى العرفج، العرعر، الأرطى، الغضا، الغاف، العشرق، الثمام، والكداد، إلى جانب الطلح، الشنان، الويكة، النبع، الحصار، القصبة، الأرواء، والقطن.