قفزات في ثقافة التطوع والمتطوعين سعوديا

بدءا فإن العمل التطوعي هو أي نشاط غير مدفوع الأجر وغير إلزامي يهدف إلى إنتاج السلع أو توفير الخدمات للآخرين، ولا تدخل في ذلك الخدمة المجتمعية الإجبارية التي يؤديها السجناء أو العمل غير المدفوع كجزء من البرامج التدريبية. واحتفل العالم، قبل أيام، أي في الخامس من ديسمبر، باليوم العالمي للتطوع.
بهذه المناسبة، يحق لنا أن نحتفل في المملكة بالإنجازات المبهرة في القطاع غير الربحي عموما، ومجال التطوع خصوصا، التي تعد إحدى ثمار رؤية المملكة 2030 التي تشتمل مستهدفاتها على رفع مساهمة القطاع غير الربحي إلى 5 في المائة، وكذلك رفع نسبة المشاريع التنموية ذات الأثر الاجتماعي إلى 33 في المائة، والارتقاء بترتيب المملكة في مؤشر رأس المال الاجتماعي إلى المرتبة العاشرة، والوصول إلى مليون متطوع في 2030، وذلك من خلال توفير البيئة المناسبة لتنمية العمل التطوعي، وغرس ثقافة التطوع لدى أفراد المجتمع، إلى جانب دعم الجمعيات والمنصات الإلكترونية الوطنية. ولا يقل عن ذلك أهمية بناء التشريعات الضرورية للتطوع، مثل: صدور نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ولائحتها التنفيذية في 2015، ونظام العمل التطوعي في 2020 الذي يهدف إلى نشر ثقافة العمل التطوعي وتنظيمه بما يعزز قيم الانتماء الوطني، وكذلك صدور لائحة صندوق دعم الجمعيات في 2022، ولائحة مجلس الجمعيات والمؤسسات الأهلية في 2022، وكذلك قواعد حوكمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية في 2023 وغيرها، إضافة إلى إنشاء كيانات مهمة لدعم العمل غير الربحي، مثل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي.
لا يقتصر الأمر على ذلك، بل أطلقت "المنصة الوطنية للعمل التطوعي" التي تهدف إلى تسهيل وصول المتطوعين للفرص التطوعية، ورصد وتوثيق ساعات التطوع، إضافة إلى تعظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للأعمال التطوعية. كما حظي القطاع غير الربحي بتفعيل المنصات الرقمية الأخرى لجمع التبرعات، لتشمل منصات مهمة، مثل: جود، وإحسان، ووقفي، وتبرع، وشفاء، وغيرها. وتوجت هذه الجهود بالإعلان عن إطلاق مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية، التي تعد أول مدينة غير ربحية في العالم، لتكون ملهمة لتطوير العمل غير الربحي على المستوى العالمي، وحاضنة لعديد من المجموعات التطوعية والشبابية والمؤسسات غير الربحية.
بحمد الله، أثمرت هذه الجهود المباركة بتحقيق خطوات سريعة نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، فبناء على إحصاءات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قفز عدد المتطوعين في المملكة من 34 ألفا في 2016 إلى 55 ألفا في 2017، ثم إلى أكثر من 96 ألفا في 2018. وقفز العدد إلى 409 آلاف في 2020، ثم قفز مرة أخرى إلى 725 ألف متطوع في نوفمبر الماضي، أي في 2023، ليحقق العمل التطوعي عائدا اقتصاديا يقدر بنحو 900 مليون ريال.
إلى جانب هذه النجاحات المبهجة، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لتعميق ثقافة العطاء والتطوع في نفوس الناشئة من خلال التعليم والأنشطة غير الصفية، إضافة إلى إبراز قصص النجاح ونماذج القدوة، ما يسهم في رفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية العمل التطوعي وأثره الإيجابي في المتطوع نفسه اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا، وكذلك على المجتمع الذي يعيش فيه.
إضافة إلى ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى تشجيع ودعم المبادرات غير الربحية من خلال إيجاد منصة للمبادرات من أجل التنسيق بين أصحاب المبادرات والجهات الداعمة.
أخيرا، هناك حاجة إلى مساهمة القطاع الخاص وغير الربحي في تنظيم ورش العمل لتعزيز الوعي وزيادة فاعلية العمل التطوعي في المجتمع السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي