العين بوابة العقل

بالنظر إلى عيني الشخص الذي أمامك تستطيع من خلالهما كشف حقيقته، فعيناه تتحركان لا إراديا لذا لن يستطيع أي شخص الهروب من عينيه، إنهما لسان عقله الحقيقي. تعامل البشر مع العين ونظراتها عبر التاريخ كوسيلة أساسية للتفاعل الإنساني، فعن طريقهما نستطيع التمييز بين الابتسامة الحقيقية والمزيفة، وكشف المشاعر الداخلية رغم محاولة الأشخاص في الغالب إخفاءها!
بشكل علمي بحت تتمثل وظيفة البؤبؤ أو الحدقة في السماح للضوء بالدخول إلى العين والنفاذ للشبكية، وبالتالي يتمكن الشخص من رؤية الأشياء من حوله، يمكن تشبيه البؤبؤ بفتحة آلة التصوير التي تسمح بدخول مزيد من الضوء لزيادة قوة الرؤية، وهو ما يفسر توسع البؤبؤ في الظلام لزيادة مستويات الرؤية، وتقلصه في الضوء الساطع.
ومع تطور العلم ومحاولة العلماء سبر أغوار العقل البشري وجدوا أن حدقة العين تستجيب عندما يتناول الإنسان أدوية معينة مثل المخدرات، ومن خلالها تكتشف إذا كان الشخص متعاطيا أم لا، وهذه مجرد البداية، فهناك كثير من المعلومات الموجودة في عقل شخص آخر يمكن اكتشافها عبر عينيه. لقد طور الطبيب النفسي سيمون كوهين في جامعة كامبردج اختبارا لقراءة العقل في العيون، يرمز له بـ(آر إم أي تي) وتوصل إلى أنه بالإمكان تحديد الحالة النفسية الداخلية للشخص من خلال العين والمنطقة المحيطة بها. وفي 2015 أجريت دراسة توضح أنه عن طريق حجم بؤبؤ العين يمكن معرفة كثير عن مشاعر أي شخص ونياته.
عندما تشعر بالخوف مثلا أو تقابل شخصا ما يزداد معدل نبضك وتنفسك ويتسع بؤبؤ عينك. يرى علماء النفس أن اتساع بؤبؤ العين إشارة صادقة على الاهتمام الجنسي أو الاجتماعي، كما تظهر الأبحاث أن تمدد الحدقة مرتبط بدرجة الشك، فعندما تكون مترددا في اتخاذ قرار تشعر بالتوتر، فيتمدد بؤبؤ عينيك. وهذا التغيير في العين قد يكشف أيضا عما تنوي قوله. فقد توصل مجموعة من الباحثين إلى أنه يمكن التنبؤ بقرار شخص ما من خلال عينيه مثل أن يكون الشخص متحفظا ومعتادا على قول «لا»، ولكنك ستعرف من خلال عينيه بأنه سيقول «نعم» موافقا على قرار صعب، كما تتسع الحدقتان أثناء تذكر المعلومات وتنقبضان عند نقل المعلومات لانخفاض العبء المعرفي!
تتوالى الدراسات لتثبت أن العين البشرية معجزة، وبإمكانها كشف ظواهر أكثر تعقيدا، مثل معرفة ما إذا كنا نكذب أو نقول الحقيقة، والمدهش أنها قد تكون وسيلة لدراسة فئات مختلفة، مثل الرضع أو الأطفال أو الأفراد المصابين باضطرابات عقلية أو الذين يعانون صعوبات في التواصل.

المزيد من مقالات الرأي