سياسات للحد من التضخم وضرر الغلاء

كلمة تضخم الشائعة ترجمة للكلمة inflation وتعبر عن الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، أو بعبارة مكافئة: الانخفاض المستمر في قيمة النقود. ويعبر إحصائيا عن التضخم بأنه معدل الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية محددة، كالشهر والسنة.

سياسات الحد من التضخم تستهدف إما خفض المستوى العام للأسعار أو إيقاف ارتفاعها. وهناك تعبير ذو علاقة، وهو احتواء أو تقليل ضرر الغلاء. وراءه غالبا وجود صعوبة أو تكاليف بالغة في خفض الأسعار خفضا بينا.

تعتمد جهود الحكومات في الحد من التضخم أو احتوائه تقليديا على استخدام السياسات النقدية وسياسات المالية العامة مثل سياسات الإنفاق والدعم الحكومي والتعويض عن الغلاء.

وخلاف ذلك، هناك عالميا مزيد اهتمام بسياسات ضبط الأجور ورقابة الأسعار أو التسعير وتشجيع المنافسة. السياسة النقدية لها تأثيرات. مثلا، رفع معدل الفائدة يحد من الطلب، ما يضغط تجاه خفض التضخم. لكنها تابعة في الدول ذات أسعار الصرف الثابتة لحركة الفائدة على العملة المرتبطة بها.

وغالبا ما تكون تأثيراتها من خلال تكاليف التمويل الممنوح للمنشآت والأفراد. وقد اقترح البعض رفع قيمة الريال، لكن يبدو أن المساوئ أكثر من المنافع. والموضوع طويل.

ماذا بشأن سياسة المالية العامة؟ تأثيرها غالبا أقوى على المدى البعيد. كيف؟ يمكن لها وضع الاقتصاد على مسار أسلم في المدى الطويل من خلال ضبط نمو الإنفاق على غير الخدمات العامة الأساسية، وغير الاستثمار في البنية التحتية، حيث تسهم في توسيع الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، فزيادة العرض. لكن كيف؟ موضوع طويل.

ماذا بشأن تطبيق سياسات مالية عامة لتقليل ضرر الغلاء؟ أوضح وسيلة البحث عن وسائل تعويض مادي، تخفف عن الناس، ومساكينهم خاصة، آثار الغلاء، وقد لا ينسجم هذا التعويض مع سياسات مكافحة التضخم، وتبقى المسألة موازنة بين المنافع والأضرار.

وتهتم دول كثيرة بتعويض الفقراء وذوي الدخول المنخفضة بمخصصات مادية نقدية وعينية لتحسين مستوى معيشتهم. مثال طوابع الطعام food stamps التي تصرف في دول للفقراء والمساكين، بما يتيح لهم الحصول على أطعمة مجانا أو بأسعار مخفضة، بدعم حكومي.

بغرض زيادة العرض العقاري للحد من ارتفاع أسعارها، ينبغي تضافر جهود القطاعين العام والخاص في بحث وتذليل عقبات الاستثمار العقاري، وتملك السكن، خاصة لذوي الدخل الأقل من المتوسط. باختصار، هناك الكثير مما يعمل ويمكن عمله، وسيكون له تأثير في معدلات التضخم وتخفيف الغلاء على الناس في مختلف الدول.

على سبيل المثال: ـ تشجيع المنافسة، ومحاربة الاحتكارات والممارسات التجارية غير المشروعة.ـ تقليل مواضع الضعف الأخرى في الأسواق. ـ تطوير أو تحسين وسائل نقل ومواصلات عامة عالية الكفاءة. ويدل على كونها عالية الكفاءة قوة الطلب عليها.

التوسع في برامج خفض تكلفة التملك السكني، وتطوير الموجود. هذه السياسات قد تحتاج إلى مزيد تمويل حكومي للإسكان، ما يعني أنها ستزيد من التضخم، أو على الأقل لن تسهم في خفضه في المدى القصير، لكنها ستعمل على الحد من ارتفاعه على المدى البعيد، عبر زيادة العرض من المساكن المدعومة.

زيادة نطاق وشمول صرف إعانات العوائل الفقيرة، سواء نقديا أو عينيا. وبصفة أعم، التوسع في إعانة المحتاجين تحت ضوابط وتفصيلات. والسياسات الأخيرة لا تهدف إلى القضاء على التضخم، بل مواجهته. وتنفيذها في أي اقتصاد له علاقة بالمتوافر من الموارد العامة والتنظيمات والقدرات البشرية.

إن لكل سياسة آثارا غير مرغوب فيها، فالكمال لله وحده. مثلا حصلت آثار سلبية لقرارات البنك المركزي الأمريكي برفع الفائدة لمحاربة التضخم. وتجري حاليا مناقشات لخفض الفائدة، لكن ذلك لن يكون أيضا بدون آثار سلبية. والمطلوب تقليل هذه الآثار قدر الإمكان. وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي