انقطاعات البحر الأحمر وخفض إنتاج النفط يخفضان توقعات"صندوق النقد" لنمو اقتصادات الشرق الأوسط

انقطاعات البحر الأحمر وخفض إنتاج النفط يخفضان توقعات"صندوق النقد" لنمو اقتصادات الشرق الأوسط

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 0.7 نقطة مئوية إلى 2.7% في تقرير أبريل الصادر اليوم، من 3.4% توقعات تقرير أكتوبر 2023، لكنه يمثل ارتفاعا في النمو عن 2023 البالغ 1.9%.
ووفق التقرير الصادر اليوم، تستمر سلسلة التحديات، فقد تسبب الصراع في غزة واسرائيل في معاناة إنسانية جمة، وبالإضافة إلى ذلك أفضت الانقطاعات في حركة الشحن عبر البحر الأحمر والتخفيضات في إنتاج النفط إلى تفاقم مواطن الضعف الناشئة عن مستويات الدين المرتفعة وتكاليف الاقتراض الكبيرة، بحسب التقرير.
وتوقع صندوق النقد، أن يظل النمو مكبوحا خلال 2024 نتيجة العوامل السابقة، بينما من المتوقع أن يسجل النمو ارتفاعا إلى 4.2 % حيث يفترض أن ينحسر تأثير هذه العوامل المؤقتة بالتدريج.
وفي الوقت ذاته، تواجه الماليات العامة ضغوطا متزايدة في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان متوسطة الدخل في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إذ تؤدي مدفوعات الفائدة المرتفعة إلى تقويض الجهود المبذولة لتقوية مراكز المالية العامة، بحسب الصندوق.


دول الخليج
خفض الصندوق توقعات لاقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي للعام الجاري 1.3 نقطة مئوية من 3.7% إلى 2.4%، فيما توقع تسارع وتيرة النمو في 2025 إلى 4.9%.
توقع الصندوق أن يظل النشاط غير النفطي هو المساهم الرئيسي في النمو بالمنطقة سنوات قادمة. ومن المتوقع أن تستمر التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط – وعلى الأخص من قبل السعودية –وضع مثبط مؤقت للنمو هذا العام. ومن ثم، فقد تم تعديل النمو لأعضاء مجلس التعاون الخليجي بالخفض بمقدار1.3 نقطة مئوية منذ أكتوبر وحتى الآن.
ومع ذلك، هناك خطط طموحة لتنويع الاقتصادات، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تقليل الاعتماد على إنتاج المواد الهيدروكربونية المتقلبة نسبياً وتعزيزها الاستقرار، مما يجعل النشاط غير الهيدروكربوني المحرك الرئيسي للنمو في المستقبل. ومن المتوقع أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 4.9% في عام 2025.


الشرق الأوسط وآسيا الوسطى
وقال الصندوق، إن القدرة على الصمود في الاقتصاد العالمي وتراجع الضغوط التضخمية العالمية يمثلان تطوران إيجابيان في اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وتوقع أن يسجل النمو الكلي معدلات أقوى تصل إلى 2.8 % في 2024 صعودا من 2 % خلال 2023 و4.2 % خلال 2025.
وقال، إن الصراع في غزة وإسرائيل يؤدي إلى مفاقمة عدم اليقين الراهن، إذ تظل مدة الصراع وتأثيره محاطين بضبابية كبيرة، كذلك تؤثر الصراعات سلبا على النشاط الاقتصادي في بعض البلدان الهشة منخفضة الدخل، وإن كان من المحتمل أن يبدأ هذا التيار في التحول في عدد قليل منها، حيث يتوقع أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية في عام 2025 في ظل الانحسار التدريجي للعوامل الخافضة للنمو.


التضخم
وعلى الجانب الإيجابي، يبدو أن دورات تشديد السياسة النقدية قد انتهت في معظم البلدان نظرا لاقتراب التضخم من متوسطه التاريخي في الكثير من اقتصادات الشرق الأوسط وشمال افريقيا، مع وصول التضخم في ثلث الاقتصادات إلى مستوى قريب من المتوسط أو حتى دون المتوسط.
ولا تزال منطقة القوقاز وآسيا الوسطى قادرة على الصمود في مواجهة الحرب في أوكرانيا، فبالرغم من انخفاض النمو إلى حد ما، يتوقع أن يظل صامدا عند مستوى 3.9 % في عام 2024 قبل أن يرتفع إلى 4.8 % في 2025، وهو ما يرجع في جانب منه إلى تيسير السياسات الاقتصادية الكلية، وقوة الطلب المحلي، وعوامل خاصة كالزيادات في إنتاج النفطوفقا للصندوق.


مستوردو النفط
وعلى المدى المتوسط، من المتوقع أن يظل النمو مستقرا نسبيا بين البلدان المستوردة للنفط، بدعم من الطلب المحلي القوي، بينما يتوقع أن يكون ركود إنتاج الهيدروكربونات عبئا على النمو في البلدان المصدرة للنفط.
وبالنسبة لمعظم اقتصادات القوقاز وآسيا الوسطى، فإن التضخم أدنى من المستويات المستهدفة أو قريب منها، وتعمل أغلبية بنوكها المركزية على تيسير سياستها النقدية.
ويتجاوز عدم اليقين المحيط بالآفاق المستويات المعتادة، كما تهيمن على الأجواء مخاطر التطورات السلبية. ولا يزال الصراع في غزة وإسرائيل من أهم مخاطر التطورات السلبية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك مخاطر زيادة التصعيد أو استمرار الصراع لمدة طويلة.
لا تقتصر عواقب الصراع على التكلفة الإنسانية والاجتماعية الدائمة، بل تمتد إلى إلحاق خسائر كبيرة ومستمرة بالناتج مع احتمال انتقال التداعيات إلى بلدان أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات في أنماط التجارة نتيجة للصراعات يمكن أن تُحدث آثارا غير مباشرة على النشاط الاقتصادي وإيرادات المالية العامة، وفقا للصندوق.
ومن الممكن أيضا أن تنتقل عدة مخاطر عالمية إلى بلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بما في ذلك المخاطر المتعلقة بالتشرذم الجغرافي - السياسي. ومن حيث احتمالات تجاوز التوقعات، فإن تحقيق نمو عالمي أعلى من المستوى المتوقع من شأنه إعطاء دفعة للتجارة في المنطقة، في حين أن استئناف تخفيضات أسعار الفائدة بسرعة أكبر من المتوقع في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية يمكن أن يساعد على خفض الضغوط على المالية العامة وتحسين ديناميكية الدين.
وأكد صندوق النقد في تقريره، أن صناع السياسات يواجهون مهمة صعبة تتمثل في حماية الاستقرار الاقتصادي الكلي وإبقاء الديون في حدود مستدامة، مع القيام في الوقت ذاته بالتصدي للتحديات الجغرافية - السياسية وتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط.
وينبغي أن يستمر توخي اليقظة على صعيد السياسة النقدية، مع التزام الحذر إزاء التيسير المبكر أو المفرط. ونظرا لاختلاف مستويات دين القطاع العام، فسيتعين أن تساعد سياسة المالية العامة على تحقيق خفض حاسم في تلك الديون عبر البلدان ذات المديونية المرتفعة.
وأضاف الصندوق، "مع ذلك، فنظرا للفروق الواضحة بين البلدان يتعين تطويع ما يُتَّخذ من إجراءات حسبما يتلاءم مع ظروف كل بلد. وفي ظل ارتفاع عدم اليقين، من الضروري، أن تجري البلدان إصلاحات لترسيخ أساسياتها الاقتصادية، بما في ذلك تقوية مؤسساتها".
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن اغتنام الفرص المحتملة من الممرات التجارية الجديدة بتخفيض الحواجز التجارية طويلة الأمد، وتنويع المنتجات والأسواق، وتحسين البنية التحتية.


الصراع في غزة
يمثل الصراع في غزة وإسرائيل خطرًا سلبيًا رئيسيًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولا سيما خطر حدوث المزيد من التصعيد أو صراع طويل الأمد وتعطيل التجارة والشحن. وفي سيناريو يتصاعد فيه الصراع، ستتأثر الاقتصادات المجاورة بانخفاض السياحة، واستمرار الاضطرابات التجارية، وربما تدفقات اللاجئين. 
علاوة على ذلك، فإن الاضطرابات الطويلة الأمد في البحر الأحمر ستستمر في التأثير على أحجام التجارة وتكاليف الشحن، مع تضخم التأثير على مصر، من خلال انخفاض إيرادات قناة السويس.


دعم موسع لصندوق النقد الدولي
قال صندوق النقد أنه ملتزم تجاه المنطقة بتقديم المشورة السياسية والفنية والمساعدة والتمويل لدول الشرق الأوسط وأفريقيا للمساعدة في تخفيف الصدمات وتيسير أي تعديلات ضرورية. 
منذ أوائل عام 2020، قدم صندوق النقد الدولي أكثر من 40 مليار دولار من التمويل لدول الشرق الأوسط وأفريقيا. ومنذ بداية عام 2023، قدم صندوق النقد الدولي أكثر من 16 مليار دولار تمويلًا لسبع دول. ويشمل التمويل ترتيبات "تسهيل الصندوق الموسع" للأردن، وتسهيل القدرة على الصمود والاستدامة لموريتانيا (لمواجهة التحديات المتعلقة بالمناخ)، تسهيل ائتماني ممتد للصومال بعد نقطة الإنجاز في إطار المبادرة المعززة للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون، والمجلس التنفيذي.
كذلك الموافقة على المراجعة الأولى والثانية في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، والتي تضمنت زيادة دعم صندوق النقد الدولي من 3 مليارات دولار إلى حوالي 8 مليارات دولار. كما واصل صندوق النقد الدولي دعم أعضائه مع حوالي 350 مشروعًا للمساعدة الفنية وتنمية القدرات في 30 دولة. 
في هذا السياق، أكد صندوق النقد الدولي أن التواجد في المنطقة من خلال مكاتب التمثيل والمساعدة الفنية الإقليمية في الشرق الأوسط، ومكتبه الإقليمي في الرياض السعودية، سيعزز شراكته مع الدول الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.