25 أبريل 2016 .. تغيير مفهوم الخطط الخمسية إلى مستهدفات طموحة وشاملة

25 أبريل 2016 .. تغيير مفهوم الخطط الخمسية إلى مستهدفات طموحة وشاملة
مشاريع القدية تستهدف 48 مليون زائر و135 مليار ريال سنويا

حتى نهاية القرن الـ20، لم تتخط علوم التخطيط "الخطة الخمسية" والمقصود بها، أهداف تسعى الدولة لتحقيقها خلال 5 سنوات - عادة تكون أهدافا متعلقة بمحور واحد - بنية تحتية أو مدينة صناعية ومنشآت رياضية، وهكذا.. لكن كل ذلك تغير في 25 أبريل 2016 حين أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رؤية 2030، التي جسدت منظومة متكاملة لكل محاور الحياة بداية من الاقتصاد ووصولا إلى الترفيه، وهو ما دفع البعض إلى التشكيك في تنفيذها، نظرا لضخامة الفكرة مقابل مدة تنفيذ قصيرة.

لكن بعد 8 سنوات، تشير الحقائق إلى أن الأحلام أصبحت حقيقة، وتحولت الأفكار إلى واقع، رأس حربته "تنويع الاقتصاد"، وهو عنوان رئيس تصدر رؤية 2030 التي استهدفت مساهمة الاقتصاد غير النفطي بنسبة 65 % في الناتج المحلي، وهو ما عده البعض بالمهمة المستحيلة. بيد أن في 2023 وصلت نسبة مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 50% من الناتج المحلي، وهو أعلى مستوى تاريخي لها، وذلك بإجمالي 1.7 تريليون ريال.

وبالتزامن، كانت المشاريع التي أطلقتها الرؤية، تكتمل شيئا فشيئا مثل "نيوم" المدينة الاستثنائية التي ستعمل بنسبة 100 % بالطاقة المتجددة، وقد أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2017، بينما آخر الأرقام أعلنت اتفاقيات بأكثر من 21 مليار ريال تم توقيعها في 2023، وهناك 50 ألف موظف يعملون فيها من أجل إنجاز الخريطة الزمنية للمدينة التي وصل حجم استثمار مرحلتها الأولى إلى 327 مليار ريال.

الأمر ذاته ينطبق على القدية، المدينة التي وضع حجر أساسها في 2018، لتصبح مركزا عالميا للترفيه والرياضة والثقافة، من خلال احتضانها صالات رياضية وأكاديميات فنية وحلبة لسباق السيارات وأنشطة لمغامرات غير مسبوقة، وبعد 6 سنوات، تشير الأرقام إلى أن هناك تعاونا تم مع شركات كبرى لتنفيذ 45 مشروعا في المرحلة الأولى، بجانب ضخ 10 مليارات ريال في 2023 لأعمال البناء، إذ تستهدف المدينة 48 مليون زيارة و135 مليار ريال سنويا بعد انتهائها.

تلك المشاريع، تفرعت منها مشاريع أصغر، وهو ما ظهر في عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السوق السعودية التي وصلت إلى 1.23 مليون منشأة بنهاية عام 2023 وهو ما يمثل 99.7 % من إجمالي المنشآت في السعودية.

ولأن للرؤية محاور متكاملة، كان من الطبيعي أن تستهدف زيادة عدد السياح إلى 150 مليون سائح في 2030، لكن يبدو أن هذا العدد سيتحقق قبل ذلك، ففي 2023 تصدرت السعودية قائمة الأمم المتحدة للسياحة بأكثر من 100 مليون سائح، وسجل الزائرون معدل إنفاق قياسي وصل إلى 135 مليار ريال.

إنجازات الرؤية لم تتوقف عند هذا، بل ولا يمكن اختزالها في سطور، ففي مؤشر جودة الحياة للوكالة الإعلامية الأمريكية احتلت السعودية المركز الثالث عربيا والـ34 عالميا في 2023، وفي التنافسية الرقمية احتلت المرتبة الثانية عالميا بين مجموعة دول العشرين 2022، بجانب انخفاض معدل البطالة بنسبة 0.7 % لأول مرة، وكلها محاور استهدفتها رؤية 2030.

ونتيجة لهذا الجهد الذي لا تقدر عليه سوى الدول متناهية الكبر، كانت إشادات الجهات الدولية مجرد إقرار حقيقة، مثل إشادة صندوق النقد الدولي منذ أيام، بالإصلاحات الاقتصادية في السعودية، عادا القطاعات غير النفطية ستكون قاطرة النمو في دول الخليج، إضافة إلى تثمين الأمم المتحدة للدور السعودي في الحفاظ على المناخ وتخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، كما أشاد المجلس العالمي للسفر والسياحة بالطفرة التي تعيشها السعودية باعتبارها من أكثر نقاط الجذب للسياح، والقائمة تطول.

وإذا كان الشباب السعوديون اليوم شهدوا على قصة نمو غير مسبوقة، فالسؤال سيتعلق تلك المرة بالأطفال الذين سيولدون في الأعوام المقبلة، فهؤلاء سيكون سؤالهم: وماذا بعد 2030؟ ولا شك أن الإجابة ستكون حاضرة بمستقبل يليق بالطموح السعودي، الذي وضع أطره محمد بن سلمان، بصناعة حياة جديدة تنمو فوق الأرض، بشر ومبان ومدن ومشاريع غير عادية.

الأكثر قراءة