8 أعوام من عمر الرؤية.. مزيج من الإرادة السياسية والإلهام بالاقتصاد والثقافة بالتاريخ

8 أعوام من عمر الرؤية.. مزيج من الإرادة السياسية والإلهام بالاقتصاد والثقافة بالتاريخ
تصوير: يوسف الدبيسي من الاقتصادية
تحتفي السعودية، بمرور الذكرى الثامنة لإعلان ولى العهد الأمير محمد بن سلمان عن "رؤية السعودية 2030" رؤية بمنزلة خارطة الطريق رفعت السقف عاليا جدا، في مختلف الأصعدة والجبهات، فما ترصده من أهداف، خلال عقد ونصف (14 عاما)، عادة ما لا تدركه الشعوب والأمم سوى بعد عقود من الزمن. كان 25 أبريل عام 2016 يوما مفصليا في تاريخ السعودية المعاصرة، فالبلد قبل هذا التاريخ غير ما سيصبح عليه بعدها. إنه اليوم الذي انطلقت فيه رحلة السعودية نحو المستقبل، بطموح غير مسبوق في المنطقة برمتها، سندها في ذلك خطة طموحة للتغيير، امتزجت فيها الإرادة بالسياسة والإلهام بالاقتصاد والثقافة بالتاريخ، ما أسهم في تحويل الحلم إلى حقائق على أرض الواقع، تلفت أنظار العالم يوما بعد آخر. رؤية تكشف في عامها الثامن أنها تتعدى الأرقام والنسب التي يحاول بعضهم اختزالها فيها، لتثبت أن أساسها هو المجتمع السعودي، أولى ركائزها الثلاثة (مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح). كما أكد ذلك ولى العهد في الذكرى الأولى لإطلاق الرؤية بقوله: "أنا واحد من عشرين مليون نسمة.. أنا لا شيء دونهم.. هم من يحفزوني، وهم من يدفعوننا إلى الأمام". فالرؤى والأفكار مهما كانت براقة على مستوى التخطيط، إلا أن التفاف المجتمع حولها، وتفاعله هو سر نجاح رؤية السعودية 2030 وترجمة برامجها إلى حقائق، وشعار أبناء الوطن وبناته في ذلك عبارة سمو ولي العهد "طموحنا عنان السماء". ما جعل بعضا من أهداف الرؤية تتعدى حدود البلد نحو التأثير في الشرق الأوسط برمته، اعتبارا لأدوار السعودية في المنطقة. استطاعت السعودية، بعد انتصاف عمر الرؤية، إبهار العالم بالكشف عن جواهر البلد ومكنوناته الدفينة، من تاريخ عريق وتراث حضاري وأصالة مجتمعية ومنجزات واعدة، فهي أكبر من مجرد "مملكة نفط"، كما في أذهان كثير من الغربيين. وجاء قرار إسنادها تنظيم فعالية معرض "إكسبو 2030"، ثم نهائيات "كأس العالم 2034"، ليعزز مساعي الرؤية، فهذه الأحداث العالمية أشبه بمواعيد مستقبلية تتوج الرؤية. الحقيقة تفيد بأن أكثر من 3/4 المستهدفات قد تحققت، بعد سبع سنوات فقط من إطلاق رؤية 2030 ، بما في ذلك تلك الأهداف التي تبدو عصية عن التحقق، مثل تمكين المرأة في سوق العمل، حيث تضاعفت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق القوى العاملة. الأمر ذاته ينطبق على قطاع السياحة أحد دعائم الرؤية، فالهدف المحدد في رفع حصة القطاع من الناتج المجلي إلى 10 %، وإيجاد 1.6 مليون فرصة عمل، بحلول عام 2030، بات في المتناول، متى نظرنا إلى بيانات وزارة السياحة. وتحدثت منظمة السياحة العالمية عن زيادة في أعداد المسافرين الدوليين نحو السعودية، بنسبة 56 % عام 2023. وهكذا دواليك في بقية المجالات، مثل قطاع الرياضة الذي يواصل رفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي. كما نجحت البلاد في استقطاب كبرى الشركات، في ظرف زمني وجيز، لفتح مقارها الإقليمية فوق أراضيها، من أجل ضمان التعاقد معها. إنجاز تلو آخر يتحقق في مختلف المجالات، رغم تعاقب الإكراهات الذي تحتم مراجعة وتحيينا للأهداف، فبلوغ قطاع السياحة تلك النسب، في سياق إقليمي متوتر، بسبب أجواء الحرب في المنطقة، يبقى لوحده منجزا على قدرة السعودية تذليل العقبات مهما كانت حدتها.

الأكثر قراءة