أعوام الرؤية فرص متجددة

مضت ثمانية أعوام منذ أن أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان رؤية 2030، وتزامن مع هذه الذكرى إصدار تقرير الرؤية السنوي الذي تحدث بلغة الأرقام، وهي أدق اللغات والدلائل الحية التي تمثل الواقع، وهذا ما يلاحظه متصفح التقرير ما بين المستهدفات والمؤشرات، وما منها وصلنا إليه وما نحن في الطريق إلى الوصول إليه، وبمعدلات متفاوتة. والتقرير في محتواه ومظهره مطلوب، ويضع الجميع ضمن آخر التحديثات والمستجدات.
مثلت رؤية السعودية نموذجا للخطة الرئيسة وخريطة طريق، تطورت فيها قطاعاتها ومواردها ومراكز قوتها ومنافستها، إن كانت من الثروات البشرية أو ثروات باطن الأرض والموقع الجغرافي والعمق الإسلامي والعربي للبلاد، هذه العناصر شكلت الركائز الثلاث للخطة الاستراتيجية للسعودية في رؤية 2030. بطبيعة الحال فإن النفس البشرية تقاوم التغيير في البداية ومن ثم تبدأ في التأقلم إذا وجدت إرادة كاملة في التطبيق والتنفيذ، هذا ما كان في بداية إطلاق الرؤية ارتباطا بطبيعة النفس البشرية والتغير الجذري المستهدف والأهداف الطموحة لهذه الخطة الاستراتيجية، لكن وبشكل سريع بدأ المجتمع السعودي التكيف مع الرؤية وأهدافها، وكلما زادت نسب الإنجاز ارتفع التكيف، ويبقى السبق للأوائل دائما.
خلال السنوات الثماني الماضية أعلن عن مجموعة برامج للرؤية تزيد على 11 برنامجا، تغطي مختلف النواحي والقطاعات، وانبثق منها ما يزيد على 1064 مبادرة 87 % منها إما اكتملت (360 مبادرة) أو تسير وفق جدولها الزمني ومسارها الصحيح (561 مبادرة)، تتابع هذه البرامج والمبادرات بـ243 مؤشرا 81 % منها حققت مستهدفاتها. مع مرور الوقت ومنذ إطلاق الرؤية أصبحت المعالم تتضح بصورة أكبر وأكثر ترابطا عن نقطة الانطلاق، فالخريطة نفسها ظهرت معالمها، بل أصبح الربط بين البرامج والمبادرات بعضها ببعض أكثر دقة ووضوحا.
مؤشرات الأداء تلعب دورا مهما في قياس التقدم، وهذا ما أظهره التقرير بشكل واضح من خلال ملخصات المؤشرات والسرد بـ138 صفحة، ذكر فيها بالتفاصيل جوانب متعددة لمستهدفات الرؤية قطاعيا، جغرافيا، بشريا وغيرها، وحدد كذلك التقرير مناطق القوة والاكتمال والتأخر كذلك. لهذا السرد دور في تسليط الضوء على مواطن الفرص لصائدي الفرص، إن كان على صعيد تجاري أو عملي وحتى تعليمي للأجيال القادمة. الفرص اليوم أصبحت أكثر وضوحا بعدما ظهرت معالم كثيرة لقصة السعودية رؤية 2030، وبالإمكان استرجاع النجاحات لأفراد آمنوا في وقت مبكر بالمستهدفات واتبعوها، كيف انعكس ذلك على تطور أعمالهم ونموها، وما يدرج من شركات محلية في السوق السعودية "تداول" ونمو شواهد حية، كذلك كيف انعكس ذلك على المجتمع الوظيفي بتحسن بيئة الأعمال ومستويات الدخل من خلال الشركات الجديدة المنشأة سواء شبه الحكومية أو عبر صندوق الاستثمارات العامة أو الشركات الأجنبية التي جاءت للسعودية كأرض للفرص، وصولا بنقل مقارها إلى السعودية، كلها شواهد ملموسة ويعيشها المجتمع ويغتنمها الفطن.
اتسمت الرؤية ببرامجها ومبادراتها المرنة في التنفيذ والتصحيح في المسار، وهذا ما يجعلها خطة عمل مرنة متواصلة لتحقيق أهدافها، ومنها تصنع الفرص. من ظل متفرجا لسنوات فدوره اليوم ليلتمس الفرص ويتبعها، ومن يتابع زوايا ضيقة فلن يتحرك خطوة واحدة إلى الأمام. ثمانية أعوام مضت تعاظمت فيها النجاحات، وتغير فيها وجه السعودية بشكل ملموس وشواهد حية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي