عامل واحد محط الأنظار في الاستثمار .. ما هو؟

عامل واحد محط الأنظار في الاستثمار .. ما هو؟

أخبرني أحد المصرفيين الأسبوع الماضي بأنه عندما يلتقي مقترضين من شركات وعملاء استثمار لمناقشة ما ينتظرنا في 2024، فإنهم يسألونه دائما السؤال نفسه: ما المخاطر الثلاثة الكبرى؟ ودائما يعطيهم الإجابة ذاتها. أولا: أسعار الفائدة، ثانيا: أسعار الفائدة، وثالثا: شيء فظيع لم نفكر فيه بعد.
مع الأخذ في الحسبان أن الثالث من المستحيل أصلا التنبؤ به أو التحوط ضده، فإن هذا التقييم البسيط إلى حد ما لكنه أيضا دقيق ومثير للقلق يعني أننا نجد أنفسنا عالقين في عالم تداول يركز على عامل واحد.
ومهما كانت مغريات الانضمام إلى الحشد الذي يعتقد أن أرباح الشركات أو الأساسيات الاقتصادية ستفرض نفسها ثانية لتكون اتجاهات الاستثمار المهيمنة الآن بعد انتهاء عصر سعر الفائدة الصفري، تظل السياسة النقدية الأمريكية وتأثيرها المرتبط بالسندات العامل الأبرز لأداء أي مستثمر.
لقد رأينا هذا يتجلى بدقة عالية وألوان واضحة العام الماضي. كما يقول العرف، لا أحد يعلن بلوغ السوق قاعا أو قمة. لكن عندما غيرت سوق السندات الحكومية اتجاهها في الخريف الماضي وبدأت في احتساب خفض أسعار الفائدة بعد سلسلة طويلة ومؤلمة من الارتفاعات، بدت كلحظة بارزة حتى في حينها. ما أصبح أوضح الآن هو عظم التأثير الذي جاء به هذا التحول في إنقاذ مديري الصناديق في جميع أنحاء العالم.
بالنسبة إلى مديري الصناديق الذين يركزون على السندات، فإن لهذا التأثير منطقا بديهيا. قال جيفري شيرمان، الرئيس المشارك للاستثمار في شركة دبل لاين للاستثمار في السندات بقيمة 90 مليار دولار "أحب أن أسميها تأثير ريب فان وينكل"، "رجل نام 20 عاما ثم أفاق"، وهو اعتراف بأنه لو كنت قد نمت بطريقة ما خلال 2023 بالكامل، لكنت قد وجدت أن عائدات السندات أنهت العام تقريبا حيث بدأت.
أما أولئك غير القادرين على النوم كل هذا المدة، فكانت الأشهر المضطربة بينهم محبطة إلى حد ما. قال شيرمان "لقد بدأ الأمر يبدو مؤلما جدا في أكتوبر. الشهران الأخيران من 2023 جعلانا رجالا صادقين مرة أخرى، بقولنا إن السندات ستؤدي أداء حسنا. لا تخلط أبدا بين النتيجة النهائية والمسار الذي سلكته لبلوغها".
وعلى نحو مماثل، مد الانكماش في معدل التضخم في الولايات المتحدة والتراجع السريع في عائدات السندات حبل إنقاذ لصناديق التحوط الكلية التي تضررت بشدة، التي تعثر كثير منها في مارس عندما ارتفعت أسعار سندات الخزانة لكونها ملاذا آمنا بعد سقوط بنك سيليكون فالي. ساعد ركوب الموجة الضخمة في أسعار السندات حتى نهاية العام صناديق التحوط على محو تلك الخسائر وحتى، في بعض الحالات، إنهاء العام بنجاح.
لكن ما يثير القلق لأولئك الذين يتطلعون إلى تنويع العوائد، أيا كانت فئة الأصول الكبيرة التي تنظر إليها، فإن النمط هو نفسه. فمثلا ارتفعت الأسهم العالمية نحو 20 في المائة العام الماضي، وفقا لقياس مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال العالمي. لكن بعد تراجع في الصيف، جاءت ثلاثة أرباع هذه المكاسب في نوفمبر وديسمبر وحدهما، بالتزامن مع انخفاض عائدات السندات.
وعلى نحو منطقي، طال التقليد العريق المتمثل في تكديس السندات القديمة المملة فوق محفظة من الأسهم هذا الضغط أيضا. هذه المحفظة الكلاسيكية 60/40 - الدعامة الأساسية لإدارة الأصول المحافظة - هي بمثل تصفيفة الشعر الموليت في عالم الاستثمار. الـ40 في المائة هي القصة القصيرة العملية في المقدمة، في شكل طبقة من السندات المتحفظة، وحتى المملة، باحتمال قريب من الصفر للتخلف عن السداد. البهرجة في خلفية التصفيفة هي شريحة براقة بنسبة 60 في المائة من الأسهم التي يأمل مديرو المحافظ أن تبهر الحشد.
في 2022 - العام الكبير لتسارع التضخم بعد الجائحة - لم تعد هذه التصفيفة الخلافية موضة بجدية، حيث وجه الانخفاض المتزامن في كل من أسعار السندات والأسهم ضربة. وجد المستثمرون الذين اتبعوا الصيغة على أمل تحقيق التوازن بين السلامة والمرح أنفسهم يكافحون من كلا الجانبين، حيث خسروا 17 في المائة.
وبما يثير القلق، بدا لفترة ما أن عام 2023 سيثبت أيضا أنه مخيب للآمال، ليس على النطاق نفسه لكنه مخيب مع ذلك. في منتصف العام تقريبا، كان أداء الأسهم لا بأس به، على الأقل للمستثمرين المستعدين للتمسك بربع انكشافهم لسبعة أسهم تكنولوجيا ضخمة، حيث أصبح تتبع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أو مقياس عالمي واسع للأسهم الآن مطلبا بغرابة. لكن تعويذة المرض في السندات تركت بصمة.
لكن مجددا، كان التحول مذهلا. تظهر الحسابات التي أجراها بنك جولدمان ساكس أن مزيجا نظريا بنسبة 60/40 حقق عوائد بنسبة 17 في المائة على مدار العام الماضي بأكمله، وهي إدارة مرضية للغاية للمحفظة. لكن نحو 13 نقطة جاءت في الربع الأخير وحده. لا يبدو هذا كأنه طريقة معقولة للمستثمرين المتحفظين لإدارة محفظة مستقرة وتجنب تقلبات غير مبررة.
العلاقة العكسية بين الأسهم والسندات التي ظلت صحيحة خلال معظم ربع القرن الماضي قد انهارت في الواقع في العامين الماضيين، كما قال ديفيد باورز في شركة أبحاث أبسولوت ستراتيجي. "لم تعد السندات تحوطا للأصول الخطرة كما كانت من قبل. فلصندوق متوازن بسيط، يمكن أن تبدأ الحركة في أن تصبح أكثر تقلبا، لأن مكون السندات لم يعد يعوض المخاطر من الأسهم".
ربما يكون المتداولون على حق في افتراض أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة نحو ست مرات هذا العام. لكن كل هذا يزيد من الضغط على المستثمرين ليتوصلوا إلى التوقع الصحيح، بدلا من إفساد الوضع. مرة أخرى، ليس هنالك ضغط.

الأكثر قراءة