شراء الشركات أسهمها بقوة القانون

لا يعني الهبوط الحادث الذي شهده مؤشر السوق المالية السعودية سوءا في أداء الشركات، كما لا يعد مؤشرا حقيقيا على أثر تداعيات الأزمة العالمية في الاقتصادية السعودي.
بل إن أحد أهم أسبابه يرجع إلى ردة فعل المتعاملين مع أدوات السوق ومؤثراته، و هو أمر يدخل في تحليل السلوك الاستثماري والنفسي للمتعاملين.
إن صعود طبقات كانت في أدنى درجات السلم الاجتماعي وهبوط شرائح أخرى من طبقات أعلى هو تغير فرضته عوامل وشروط بيئة التحول في سوق الأسهم السعودية وصولا إلى مرتكزات التكوين الثقافي الجديد الذي يعبر عن قيم الاستهلاك ومزاولة النشاط التجاري والحكومي، بل هو تعبير عما أفرزته تلك التحولات في الحياة السعودية وأفرز بدوره أنماطا استهلاكية وثقافية جديدة.
والسوق المالية السعودية هي مرحلة أثرت بكافة عواملها في صياغة عقل الإنسان، حيث جلبت مفاهيم وخلقت أخرى، وها هي تعلق الآن على نفسها.
فعندما تنخفض قيمة أسهم شركة عامة إلى قيمتها الاسمية يعتقد البعض أن هذا هو هاوية الإفلاس، في حين أن معيار الإفلاس هو استغراق الديون لرأسمال الشركة وليس انخفاض قيمة أسهمها.
وإن كانت ردة الفعل هذه مردها القلق والخوف من أصداء الأزمة المالية العالمية وهي في تقديري ردة فعل طبيعية إلا أنها مبالغ فيها إلى أن أتت بنتائج سلبية على حركة السوق.
هنا يثور الجدل القانوني حول إدارة أزمات السوق والتدابير التي يتعين فرضها من قبل مجلس إدارة هيئة السوق نحو احتواء ما قد يعترض تدهور أوضاع السوق، وفي المقابل ممارسة الشركات حقوقها القانونية لمواجهة هذه الأزمات.
ولا شك أن النظام منح هيئة السوق صلاحيات واسعة في وضع السياسات والخطط وإصدار اللوائح إلى حد حقها في تعليق نشاط السوق ليوم واحد، كما أنها الجهة المنوط بها تنفيذ المهام المنصوص عليها في النظام، ومع استبعاد خيار تعليق نشاط السوق لما له من مخاطر يصعب تداركها إلا أن البديل لذلك هو إقرار شراء الشركات أسهمها.
وقد أجاز نظام الشركات السعودي للشركة أن تشتري أسهمها في الأحوال التالية:

1- إذا كان الغرض من الشراء استهلاك الأسهم إذا كان إنشاء الشركة قائما على مشروع يهلك تدريجيا أو يقوم على حقوق مؤقتة.
2- إذا كان الغرض من الشراء تخفيض رأس المال.
3- إذا كانت الأسهم ضمن مجموعة من الأموال، التي تشتريها الشركة بما لها من أصول وما عليها من خصوم.

ولما كانت هذه الأحوال لا يدخل ضمنها انخفاض قيمة الأسهم إلى حد القيمة الاسمية، إلا أن ذلك لا ينال من صلاحيات الهيئة في سن التدابير والقواعد واللوائح للمحافظة على سلامة واستقرار السوق.
ولتلاقي المصلحتين العامة والخاصة ولمرونة نظام السوق المالية، ولسبق إصدار الهيئة لوائح تمس نظام الشركات وتعدل من بعض أحكامه فيما يخص المساهمة منها، ولما كان إقرار شراء الأسهم والحالة كذلك لا يخل بالأحوال المذكورة، لذا فإن إقرار الهيئة حق الشركات في شراء أسهمها قائم على أسبابه المشروعة وينعقد الاختصاص لها فيه وفق ضوابط تحددها الهيئة.
ومن هذه الضوابط انخفاض الأسهم للقيمة الاسمية وما دونها، وتحديد نسبة الشراء لا تتجاوز 10 في المائة من أسهمها بقصد بيعها، على أن تتحمل الشركة مسؤولية عدم وجود أي أثار سلبية لعمليتي الشراء والبيع على الوضع المالي للشركة، وأن تتم عملية شراء الشركة أسهمها بعد موافقة الهيئة قبل 20 يوما من نهاية الفترة المالية الربعية ونصف السنوية وثلاثة أيام بعد الإفصاح عن بياناتها المالية، وأن تكون عملية الشراء والبيع وفقا لأنظمة التداول وتلزم الشركة بمتطلبات الإفصاح اللاحق للشراء والبيع.
وإن لم يكن ذلك، فلا سبيل من شراء الشركات أسهمها "بقوة القانون".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي