مجلس التعاون ،،، والتجارب الأخرى (1)

تنعقد في دولة عمان قبل نهاية الشهر (الميلادي) الحالي الدورة التاسعة والعشرين "للمجلس الأعلى" لمجلس التعاون لدول الخليج العربي. وبانعقاد تلك الدورة، يكون قد مضى على المجلس أكثر من 27 سنة منذ تأسيسه في مايو 1981. والتساؤل المطروح هنا يدور حول إذا ما كانت هذه التجربة فعالة في تعاون واندماج (Integration) دول المجلس؟ وإلى أي مدى يمكننا اعتبار هذه الفعالية ناجحة؟ خصوصا إذا ما قورنت بالتجارب الأخرى المشابهة.
لقد مر على المنطقة العربية العديد من التجارب (التي قد تعد مماثلة) والتي يمكننا أن نستنتج أنه لم يحالفها نفس النجاح والتقدم الذي حالف مجلس التعاون الخليجي. نذكر منها تجربتي: مجلس التعاون العربي ومجلس اتحاد المغرب العربي.
لقد كان الفشل حليفاً لمجلس التعاون العربي؛ وهو ذلك التنظيم الذي أنشئ في فبراير 1989، بين كل من العراق، و الأردن، ومصر، واليمن الشمالي. حيث حل ذلك المجلس في خلال مدة وجيزة (بعد إنشائه)، وذلك عندما غزا العراق الكويت في أغسطس من عام 1990. لقد كانت هناك أسباب عديدة لفشل تجربة هذا المجلس والتي يأتي من ضمنها التباين الواضح في أهداف أعضائه عند تأسيسه. فكان العراق – على سبيل المثال- يهدف إلى عزل سورية، وإلى تحييد الدور المصري في مخططات صدام حسين القادمة (وهي النية المبيتة بغزو الكويت). وكانت مصر تأمل في أن يكون المجلس بمثابة أداة فعالة للعودة للشأن العربي. على نفس المنوال كان لكل من الأردن واليمن أهدافاً مختلفة. كذلك يعزى فشل المجلس إلى ضعف الأسس والدعائم الاقتصادية التي كان من الممكن أن تؤدي إلى تعاون ومن ثم اندماج حقيقي بين أعضائه. يقال هذا من غير ذكر إشكالية العامل الجغرافي المتعلقة بوقوع أعضائه في مناطق جغرافية متباعدة، ومن غير ذكر الاختلافات الأخرى بين هذه الدول في الأنظمة والفلسفة الاقتصادية والسياسية وفي العقائد الأيديولوجية.
لم يكن حظ اتحاد المغرب العربي أفضل؛ فقد تلاشت فعالية الاتحاد الذي انشأ في نفس الشهر والسنة (فبراير 1989) بشكل تدريجي. فعلى الرغم من أنه كان لكل من ليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا، هدفاً مشتركا (من إنشائه) متمثل بمستقبل علاقاتهم بالاتحاد الأوروبي، إلا أنه يصعب في الحقيقة إيجاد أهداف أخرى مشتركه. لقد واجه تجربة المجلس عددا من العوائق (obstacles) والتي من بينها الصراعات السياسية؛ مثل النزاع المغربي-الجزائري حول الصحراء الغربية. يضاف إلى ذلك وجود أسباب أخرى مشابهة لمثالنا السابق، خصوصاً تلك المتعلقة بالاختلافات السياسية و الأيديولوجية واختلافات الأنظمة الاقتصادية.
واقع حال مجلس التعاون الخليجي مختلف عن التجربتين السابقتين؛ فهناك مؤشرات تدل على فعالية ونجاح تجربته، وهناك أسباب تبين مصدر ذلك النجاح؛ وهو ما سوف نتطرق إليه في الأسبوع المقبل، بإذن الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي