صندوق تنمية الموارد البشرية يغذي البطالة المقنعة
اعتبر المهندس صالح عبد الرحمن العمرو أمين عام الهيئة السعودية للمهندسين، أن صندوق تنمية الموارد البشرية بنهجه الحالي يعمل على تعزيز البطالة المقنعة. وقال العمرو في حديث مع "الاقتصادية" إنه يجب على الصندوق إعادة رسم خططه وأهدافه بعد أن مرت سنوات دون أن يحقق نتائج تذكر، "وكان عليه أن يؤسس شراكات لكل المهن مع الممارسين لها، وأن يدعم برامج التأهيل المهني لجميع الوظائف، خاصة المهنية والحرفية منها، وكان عليه أن يستمر في مجال تطوير القوى البشرية وفق أسس مهنية منهجية".
في جانب آخر، تحدث العمرو عن قواعد الاعتماد المهني للمهندسين الذي أعدته الهيئة، وقال إن مشروع الاعتماد المهني يهدف إلى تقييم المؤهلات الأكاديمية والخبرات العملية للعاملين في المهنة، والمحافظة على التطوير المستمر في سبيل تنمية مهارات المهندسين ومتابعة ما يستجد في مجال تخصصهم.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أولت الدولة أهمية خاصة للمهندسين لما لهم من دور مهم في التنمية الاقتصادية، وقد صدر المرسوم الملكي بالموافقة على نظام الهيئة السعودية للمهندسين، الذي يهدف إلى النهوض بمهنة الهندسة، وكل ما من شأنه تطوير ورفع مستوى هذه المهنة والعاملين فيها، وقد أعدت الهيئة قواعد الاعتماد المهني للمهندسين للمساهمة في إيجاد قاعدة مهنية هندسية وطنية تستطيع أن تسهم في البناء الحضاري في المملكة، وتحسين طبيعة المشاريع الخدمية التي تنفذها الدولة، خصوصا في المرحلة المقبلة التي ستشهد انفتاحاً على السوق العالمية.
وقد أوضح المهندس صالح بن عبد الرحمن العمرو أمين عام الهيئة السعودية للمهندسين في حوار مع "الاقتصادية" الكثير من القضايا المهمة التي ترتبط بالاعتماد المهني للمهندسين، وقال إن مشروع الاعتماد المهني يهدف إلى تقييم المؤهلات الأكاديمية والخبرات العملية للعاملين في المهنة، والمحافظة على التطوير المستمر في سبيل تنمية مهارات المهندسين ومتابعة ما يستجد في مجال تخصصهم... فإلى الحوار،،
هل لك أن تلخص لنا ما الاعتماد المهني؟
لكل مهنة أو حرفة قواعدها وقوانينها التي تحكمها وأخلاقياتها التي يتعامل معها كل الأطراف المستفيدة من الخدمات التي تنتج عن ممارسة هذه المهنة، سواءً كانوا مقدمين للخدمات أو طالبين لها، ولا تكاد مهنة من المهن تتشابه مع الأخرى في بيئة ممارستها، فالطب، والهندسة، والمحاماة، والقضاء، والتعليم، والصيدلة، والإدارة، والمحاسبة لكل منها بيئتها الخاصة التي تحكم ممارستها، سواءً كان ذلك في التأهيل لممارستها أو التسجيل، أو الاعتماد، أو المخالفات والجزاءات والعقوبات المترتبة عليها، وجميع خطط الدولة بلا استثناء، ومنذ بدأت الدولة بإعدادها تنص على وضع معايير مهنية دقيقة قابلة للقياس لكل مهنة، فالاعتماد المهني بمعناه الشامل هو أن يكون الشخص الممارس للمهنة أصبح بحكم معرفته بالأنظمة والقوانين، والعلوم المهنية والأساسية، قادراً ومؤهلاً لممارسة المهنة، وأصبح يتحمل جميع ما يترتب على ممارسته من مسؤوليات وأخلاقيات. وتعد مهنة الهندسة من أهم المهن التي يمارسها الإنسان، ومن أكثر المهن صلة بالحياة واحتياجات الناس والمجتمع بجميع فئاتهم وأجناسهم، ولا يكاد يمر فينا شأن من شؤون حياتنا اليومية، إلا وكان للهندسة صلة مباشرة به، ولهذا يجب أن تكون شروط التسجيل والاعتماد المهني للمهندسين صارمة وقوية، خاصة إذا علمنا أن أبسط تعاريف المهندس بأنه مسؤول عن تحقيق الأمان والرفاهية للمجتمع.
إلى ماذا يهدف الاعتماد المهني للمهندسين؟
يهدف مشروع الاعتماد المهني إلى تقييم المؤهلات الأكاديمية والخبرات العملية للعاملين في المهنة، والمحافظة على التطوير المستمر في سبيل تنمية مهارات المهندسين ومتابعة ما يستجد في مجال تخصصهم، كذلك توفير وتطبيق أفضل الممارسات المهنية من قبل المهندسين بما يحقق حماية المجتمع وتحقيق الرفاهية له، وإيجاد سجل مهني للمهندس يوثق المستوى التأهيلي له وخبراته المهنية وما يجد فيها.
ما شروط التسجيل في الاعتماد المهني؟
شروط التسجيل للمهندس ذات قدر كبير من الأهمية، نظراً للمسؤوليات المترتبة لها ممارسة المهندس مسؤولياته في أي موقع كان، فعلى سبيل المثال التلوث البيئي، وانهيار المنشآت، سواءً منها ما هو تحت التنفيذ أو بعد التنفيذ، والحوادث المرورية، وحوادث الطائرات، والقطارات، والسفن، وتعطل الاتصالات، وصناعة الآليات العسكرية، والتسلح النووي، والانتصارات في الحروب، جميعها تعزى إلى المهندسين، ولهذا فإن شروط التسجيل، كما أسلفت، يجب أن تكون دقيقة ومحددة، بحيث تضع المهندس في النهاية أمام مسؤولياته الجسيمة، حيث تقوم الهيئة بالتأكد من المؤهل الهندسي وموثوقيته ومصدره، وأن المهندس قد وقع على ميثاق المهندس والتزم بأخلاقيات المهنة، وقدم خبراته المهنية الموثقة، على أن تجرى مراجعتها بشكل حازم ودقيق، وعلى المهندس أن يجتاز الاختبارات المهنية الأساسية، والمقابلات، وذلك حسب الدرجة المهنية التي يتقدم لها.
وما الدرجات المهنية التي تمنح للمهندس؟
حددت الدرجات المهنية على أساس مهندس مشارك، مهندس محترف، ومهندس مستشار، ولكل درجة مهنية متطلباتها ومهامها ومسؤولياتها.
#2#
هل هناك علاقة بين الاعتماد المهني وكادر المهندسين؟
هناك علاقة وثيقة بين درجات الاعتماد المهني للمهندسين وبين الكادر الخاص بالمهندسين، فقد اتضح للهيئة السعودية للمهندسين من خلال الدراسات التي قامت بها والمسوحات الميدانية التي أجرتها بعد صدور نظامها بالمرسوم الملكي رقم م/36 في 26/9/1423هـ، أن هناك مع الأسف الشديد لكل قطاع هندسي في المملكة كادره الخاص، الأمر الذي يفقده الهوية المهنية للهندسة ولممارسيها. والمتعارف عليه دولياً أن كل مهنة في أي بلد لا بد أن يكون لها نفس بيئة الممارسة والأسس والقواعد التي تضمن ممارسة هذه المهنة وتضمن توافر بيئة التطوير المهني الهندسي المستمر.
وفي الواقع، فإن كادر المهندسين لم تتوافر له البيئة المناسبة لدراسته وإقراره، وتشكيل لجان تعمل على صياغته إلا بعد الخروج بالدرجات المهنية وإقرارها من قبل الهيئة، وبالتالي أصبحت هذه الدرجات بمثابة الكادر المهني الذي ينبني عليه الكادر المالي الذي سيرى النور قريباً ـ إن شاء الله ـ حيث رفع لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، رئيس مجلس الخدمة المدنية. وهذه هي الخطوات التي اتخذتها الهيئة في هذا المجال، وتسعى الهيئة إلى جانب ذلك حالياً في إطار فريق عمل مشكل منها ومن وزارة الخدمة المدنية، إلى الربط بين سلم الوظائف الحالية في الدولة والتي يندرج بناء عليها المهندسون وبين درجات الاعتماد المهني ريثما يعتمد الكادر المالي، وهذا بإذن الله سيوظف البيئة المهنية المناسبة التي تحفز المهندسين على الانخراط في برامج الاعتماد المهني للمهندسين.
ما الأهمية التي ستعود بالنفع على المهندس من الاعتماد المهني؟
سيحقق الاعتماد المهني للمهندسين فوائد عديدة، منها ما يعود بالفائدة مباشرة على المهندس، ومنها ما سيعود بالفائدة على الوطن. ومن الفوائد التي ستعود على المهندس أن الاعتماد سيرتقي بأدائه، وسيحدد كل مستوى أو درجة مهنية، مهام ومسؤوليات وواجباته، وبالتالي هذا سيضع إطارا للتعامل مع المهندس من قبل الآخرين، كما أنه سيحفزه على الممارسة وعلى الارتقاء بأدائه المهني، وسيدفعه إلى التميز والابتكار والإبداع وتطبيق أفضل الممارسات الهندسية، وسيعمل الاعتماد المهني للمهندسين على إيجاد روح المنافسة بين المهندسين، وبالتالي إيجاد علاقة مهنية فيما بينهم، كما أنه سيؤسس لمدارس ومراكز تدريب هندسي وسيرتقي في بيئة التدريب في المملكة بما يعرف في التطوير الهندسي المستمر، حيث لن يسمح مستقبلاً بتجديد درجة المهندس المهنية ما لم يتحصل على نقاط تأهيلية مناسبة.
وهل تعتقد أن الاعتماد المهني سيحقق عائدا ماديا ومهنيا جيدا للمهندسين؟
سيعمل الاعتماد المهني للمهندسين على تحقيق عائد ودخل مادي أكبر للمهندسين الذين يتحصلون على درجات مهنية بشكل أسرع من غيرهم، كما أن الحاصلين على درجات مهنية سيستقطبون للعمل في القطاعات الهندسية المتميزة والأفضل، وبالتالي ستكون الترقيات بالنسبة للمهندسين في القطاعات التي يعملون بها، مبنية على أسس مهنية، بدلاً مما هو قائم حالياً، حيث لا توجد قواعد وأسس واضحة للترقيات.
وما النفع الذي سيعود على الوطن؟
من الفوائد التي ستعود على الوطن، هو بناء خبرات وطنية هندسية منافسة لدول العالم، ووضع المملكة في مصاف الدول الصناعية في مجالات الطاقة والكهرباء، والبترول والغاز، والمرور والنقل، والبنية التحتية والإنشائية في مجالات علوم الذرة وتطبيقاتها، وفي مجال الهندسة الطبية، والطيران والفضاء، وحماية البيئة، والحد من التلوث.
كذلك من الفوائد أيضاً أنه سيسهم بشكل مباشر في إقرار التأمين على المسؤولية المهنية للمهندسين، ووضعه موضع التنفيذ، وبالتالي تأمين وضمان سلامة المنشآت التي تنفذ وحماية أصحاب العمل مما يقع من أخطاء في الدراسات أو التصميم أو الإشراف على التنفيذ، كما أن الاعتماد المهني قد أفضى إلى ربط درجات الاعتماد المهني بمستويات الممارسة المهنية والتراخيص المهنية. وخلاصة القول أن الاعتماد المهني هو المحور الأساسي الذي تدور حوله جميع مهام الهيئة، وهو بمثابة العمود القوي لجميع مهام الهيئة.
هل عملت الهيئة على استراتيجية محددة لتطبيقه وتأهيل المهندسين في المملكة؟
قامت الهيئة بالتعريف بالبرنامج طيلة الفترة التي استغرقها إعداد البرنامج، وهي ثلاث سنوات كدراسة بتمويل من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومن شركة أرامكو السعودية، حيث نظمت عدة لقاءات تعريفية به، وطبعت عدة منشورات أرسلت لجميع المهندسين توضح خطة العمل وتحدد الأهداف، والنتائج المأمول الوصول إليها، إلى جانب تنظيم عدة ورش عمل وحلقات عصف ذهني شارك فيها العديد من المهندسين في سبيل الوصول إلى معايير الاعتماد المهني للمهندسين، وعند اعتماد البرنامج بدأت الهيئة في خطوات استراتيجية لتطبيقه، حيث بدأت كخطوة أولى في استهداف قطاعات هندسية محددة لتطبيق البرنامج مثل الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والمؤسسة العامة لتحلية المياه، والأشغال العسكرية، وشركة أرامكو السعودية، ومن ثم بدأت بالمطالبة بتطبيق درجات الاعتماد المهني لكادر المهندسين كخطوة ثانية، وتعمل حالياً مع الجهات العليا في سبيل إقراره وتطبيقه على جميع المهندسين العاملين في المملكة، حيث سيحقق ذلك حماية للمنشآت وتأمين السلامة لها، وحماية المجتمع من الممارسات المهنية الخاطئة، والقضاء على التستر المهني والحد من المخالفات المهنية، والاعتماد المهني يعطي جميع التخصصات كما هو في جميع دول العالم المتقدم، وتطبيق الهيئة الاعتماد المهني حالياً على جميع المهندسين بجميع تخصصاتهم.
كيف سيتم توثيق المستوى التأهيلي للمهندس وخبراته وما يستجد من تطورات مهنية له؟
ستوثق خبرات المهندس وفق آليات معيارية دقيقة، بحيث يكون بناء على كل مجال من مجالات خبرته، وتوضع لجميع هذه المجالات أوزان على شكل نقاط تعكس في النهاية التراكم المعرفي والمهني للمهندس، وقد أمكن تطوير برامج حاسوبية كملف مسجل إلكتروني للمهندس يحفظ في الهيئة ليعكس تطور مستواه المهني والعلمي على مدى سنوات خبرة.
هل وجدتم تجاوبا من المهندسين في التسجيل للاعتماد المهني؟
فيما يتعلق بتجاوب المهندسين فيعتبر ولله الحمد، جيدا، وإن كانت الهيئة تتوقع أفضل درجة مما تم تحقيقه، خاصة أن الهيئة مستمرة في نشر الوعي وثقافة التأهيل والاعتماد المهني، التي ستصبح في النهاية الركيزة التي يعتمد عليها الجيل القادم من المهندسين في تطوير مستواه المهني، لكن في المقابل لقي البرنامج ترحيباً جيداً من القطاعات الهندسية الكبيرة، إلى جانب أن البرنامج حظي بمباركة وزارة الخدمة المدنية، وما ترحيب هذه الجهات إلا إدراك منها بأهمية البرنامج وبمنهجيته في الإعداد والتنفيذ إلى جانب إدراكها بأن له أكبر الأثر في بناء مهارات المهندس الفردية ووضعه أمام تحديات ممارسة المهنة، وأمام تحديات الإبداع والتميز والاختراع والاكتشاف والتطوير، حيث تعتبر هذه هي بيئة ممارسة المهندس الحقيقية، وليس الأعمال المكتبية التي غرق فيها العديد من المهندسين مع الأسف الشديد، خاصة في القطاع العام والمؤسسات العامة.
وهل روعي تدرج تطبيقه على المهندسين؟
روعي في الاعتماد المهني للمهندسين أن يأخذ بيد المهندس خطوة خطوة، كلما تقدمت به سنوات الخبرة، وبالتالي فهو سيعمل على بناء مقدراته المهنية وفقاً لما يكتسبه من معارف مهنية، وبعد ما يستطيع اكتسابه من هذه المعارف سيحقق قدراً يوازيها في الإبداع والتميز، وبالتالي الحصول على الدرجة المهنية العالية.
ما آلية الاختبارات المهنية؟
ستكون الاختبارات أساسية أو ما يطلق عليها Fandenetal Exam، وسيكون في العلوم الأساسية للهندسة، وهذا الاختبار سيجلس له المهندس في السنوات الأولى المبكرة من انخراطه في الحياة العملية، يليه الدرجة الثانية (PE) اختبارات القدرات المهنية Practice Exam وسيكون في المواد المهنية وما يمارسه المهندس أو ما يرغب في ممارسته في الميدان، علاوة على مقابلة مهنية. أما المهندس المستشار فإنه للحصول على هذه الدرجة على المهندس أن يجلس لمقابلة مهنية حازمة يستطيع منها أن يقدم كل ما لديه من إنجازات ورؤى ونظريات ومهارات تطويرية، ومجالات تدريبية، وتقييم للمشروعات التنموية المختلفة.
وهل هناك جهات تتعاون مع الهيئة في تطبيقه؟
ستجرى الاختبارات بمعرفة المركز الوطني للقياس والتقويم في إطار اتفاقية وقعتها الهيئة مع المركز لهذا الغرض، إضافة إلى خيار آخر للحصول على الاختبارات من خلال المجلس الوطني لامتحانات الهندسة والمساحة في الولايات المتحدة الأمريكية (NCEES) التي ستجري اختباراتها هذه في المملكة بعد توقيع اتفاقية معها لهذا الغرض بعد استكمال الإجراءات المطلوبة، علاوة على أن الاعتماد المهني للمهندسين سيتيح ولا شك الدخول في عدة اتفاقيات مع دور مهنية أخرى في إطار التعارف مع المتبادل، وهو ما سيحقق للهيئة بناء علاقات مهنية مع الهيئات العالمية الأخرى، حيث تسعى الهيئة حالياً إلى الانضمام إلى اتفاقية واشنطن أكورد Uadhington Accord وهذه لا يدخل فيها سوى الهيئات المهنية التي لديها إجراءات حازمة وواضحة في مجال الاعتماد المهني للمهندسين.
ما التحديات التي تقف أمام التطبيق؟
أحد المقيمين المحايدين للبرنامج قال في تقييمه قبل ثلاث سنوات:" يفترض أن هذا البرنامج قد تم تطبيقه قبل 20 عاماً"، وهنا ندرك حجم التحديات التي تقف أمام التطبيق، وحين نتكلم عن التحديات التي تقف أمام التطبيق نحن نتكلم في الواقع عن الخسائر المهنية – إن صح التعبير – التي لم نستطيع كقطاع عام وكقطاع خاص وكقطاع مهني منعها أو على الأقل الحد منها. وكما أن هناك تحديات في مخرجات التعليم الهندسي ومدى توافقها مع حاجة سوق العمل، هناك أيضاً تحديات كبيرة في سوق العمل، وذلك في آلية استثمار هذه المخرجات كقوى بشرية قادرة على صنع التنمية المستدامة الصحيحة.
غياب بعض التخصصات العلمية التي يحتاج إليها المجتمع هل شكل سببا مباشرا لهذه التحديات؟
لعلَّ من التحديات التي تحدث في سوق العمل وقد لا يكون للتعليم الهندسي صلة مباشرة بها هو غياب الكثير من التخصصات التي يحتاج إليها المجتمع، مثل الهندسة المرورية وسلامة المرور، خاصة أن المملكة تحتل مكانة متقدمة على مستوى العالم في أعداد الحوادث المرورية والخسائر الاقتصادية الناجمة عنها واستخدامها للمقدرات الوطنية، فما زالت المملكة سنة بعد أخرى تتربع على مقعد متقدم في سلم زيادة معدلات الحوادث المرورية، ومن التخصصات أيضاً هندسة البيئة، والهندسة الطبية، والهندسة النووية وتطبيقاتها السلمية.
كيف ترى مستقبل الاعتماد ودوره في حل مشكلة البطالة؟
كثر الذين يتحدثون عن البطالة، وعن استراتيجيات التعامل معها وعن الجهود التي بذلت لإيجاد الحلول المناسبة لها، وكيف أن الإعياء أصاب هذه الجهود قبل أن تؤتي ثمارها، وهذه الجهود مع الأسف توجهها العاطفة، وتدفعها الأماني والأحلام الكبيرة، وتدونها الخطط الوردية، وعام بعد عام نرى أن المشكلة "مكانك راوح"، ولا نكاد نرى فيها أبعد من رؤوس أقدام أصابعنا، والتعليم سنة بعد أخرى يدفع بالمزيد من مخرجاته، وكل منهم يبحث عن مكان له في سوق العمل، ونستعين بالخبراء الذين يقولون لنا كيف تحدث مثل هذه المشكلة في بلد نام يزخر بمعطيات اقتصادية كبيرة، وبالتالي نقف كمسؤولين حائرين أمام السؤال ما العمل؟ فلا وزارة العمل تعلم ما العمل! ولا سوق العمل لديها من الوقت ما يسمح لها بالتفكير في العمل المطلوب، نظراً لزحمة العمل لديهم، حتى أصبحنا كمسؤولين، ومخططين ومنفذين ندور في حلقة مفرغة، أدخلتنا في دهاليز لا نخرج منها. فمثلا صندوق تنمية الموارد البشرية الذي منذ تأسيسه وهو يعمل بنظرية مكانك راوح، وعمل مع الأسف الشديد على تعزيز وزيادة البطالة المقنعة وبدون حسيب أو رقيب، وأفضل ما أنتجه مبنى زاه يفوق عدد أدواره السبعة على شارع المعذر في مدينة الرياض، وكان يفترض على هذا الصندوق، خاصة أن المملكة تحتل مكانة في سلم الدول المهتمة في التنمية البشرية، أن يعيد رسم خططه وأهدافه بعد أن مرت سنوات دون أن يحقق نتائج تذكر، فكان عليه أن يؤسس شراكات لكل المهن مع الممارسين لها، وأن يدعم برامج التأهيل المهني لجميع الوظائف، خاصة المهنية والحرفية منها، وكان عليه أن يستمر في مجال تطوير القوى البشرية وفق أسس مهنية منهجية، يكون لها حوافز مادية مجزية في المراحل التأسيسة، تكون معتمدة على مؤسسات تدعم هذه البرامج، ويسهم فيها الصندوق ويديرها من منظور مهني واقتصادي، بحيث تخرج لنا في النهاية مهارات فنية ومهنية قادرة على العطاء.
وحيث نمعن النظر في التقدم الذي يحصل في الدول العالمية التي سبقتنا في هذا المجال نجد أن ركائزه تعتمد على ثلاثة مرتكزات، هي القطاع العام والقطاع الخاص الذي يستمر في التنمية وينظر إليها بمنظور ربحي، والقطاع المهني الذي يستثمر مخرجات التعليم الهندسي ويحولها لسوق العمل ويعمل بمنظور غير رسمي، إلا أنه في المملكة يعجز القطاع المهني عن القيام بدوره، وينتظر الدعم، والتأسيس، والخطط والبرامج، حيث نتكلم عن قطاع مهني تعنى به المؤسسات والجمعيات المهنية، التي تعنى وتهتم بكل مهنة، وتعمل على تطوير معايير ممارستها، وترسم أخلاقياتها، وتحكم الرقابة على الممارسين لها، وتضمن لهم التطوير المهني المستمر لتحقيق أكبر فائدة منها للمجتمع، وتعمل على حمايته من أي ممارسات مهنية خاطئة.