تشريعات الصناديق العقارية تصنع قنوات استثمارية جديدة وتحفظ حقوق المساهمين

تشريعات الصناديق العقارية  تصنع قنوات استثمارية جديدة وتحفظ حقوق المساهمين

تخضع عمليات اتخاذ القرار الاستثماري إلى عديد من الدراسات منها ما يتعلق بالنشاط العام والمناخ الاستثماري الراهن ووضع السوق المراد الاستثمار فيه ومستقبل النشاط ودراسات الجدوى الاقتصادية وغيرها من الظروف المحيطة بالاستثمار.
إلا أنه من أهم الدراسات التي يقوم بها المستثمرون الجدد هي التعرف على القوانين والأنظمة السائدة والمتحكمة بالنشاط الاستثماري محل الدراسة.
من هنا تسعى التشريعات الجديدة باستمرار إلى تطوير قوانينها وأنظمتها بما يتوافق مع التطورات السريعة في الاقتصاد العالمي رغبة منها في جذب رؤوس الأموال إليها ومعالجة العيوب السابقة في الأنظمة بما يضمن معه انسيابية الاستثمار في الأسواق المستهدفة من هذه التشريعات.
ولعل من أهم التشريعات الجديدة التي قامت بها هيئة السوق المالية في السعودية لتنظيم الاستثمار في السوق العقارية السعودية إصدارها لائحة صناديق الاستثمار العقاري والتي أقرت أخيرا بهدف خلق قنوات جديدة للاستثمار العقاري من خلال مشاركة عديد من الأطراف في عملية الاستثمار العقاري وبما يضمن معه حفظ حقوق المساهمين وتسهيل الإجراءات على المستثمرين من خلال ربطهم بتشريع موحد وجهة رقابية واحدة.
ولعل من أهم ما يميز هذه اللائحة هي إحالة الخلافات إلى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية والتي تختص بالفصل في المنازعات التي تقع في نطاق أحكام هذا النظام ولوائحه التنفيذية ولوائح الهيئة والسوق وقواعدهما وتعليماتهما في الحق العام والحق الخاص، على أن يكون لها جميع الصلاحيات الضرورية للتحقيق والفصل في الشكوى أو الدعوى، بما في ذلك سلطة استدعاء الشهود, وإصدار القرارات، وفرض العقوبات، والأمر بتقديم الأدلة والوثائق. وما يميز هذه اللجنة أنها تتكون من مستشارين قانونيين متخصصين في فقه المعاملات والأسواق المالية والذين يتمتعون بالخبرة في القضايا التجارية، والمالية، والأوراق المالية. ومن المميزات التي تتمتع بها اللجنة أنها تباشر النظر في الشكوى أو الدعوى خلال مدة لا تزيد على أربعة عشر يوماً من تاريخ إيداع الشكوى أو الدعوى لديها .كما تشمل اختصاصات اللجنة النظر في التظلم من القرارات والإجراءات الصادرة عن الهيئة أو السوق كما يحق لها إصدار قرار بالتعويض وطلب إعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو إصدار قرار آخر يكون مناسباً ويضمن حق المتضرر. وتحدد لوائح وقواعد الهيئة الإجراءات التي يتعين على اللجنة اتباعها بشأن الشكوى والدعوى المقدمة لها.
وتحدد الهيئة اختصاصات اللجنة ومسؤولياتها في عديد من الأنظمة واللوائح المنظمة لها والتي يمكن الاطلاع عليها عن طريق موقع الهيئة الرسمي على شبكة الإنترنت.
وبذلك فإن هيئة السوق المالية قد أقرت أحد أهم القوانين الحديثة في المعاملات المالية وهو ما يسمى بالتحكيم.
فلا يكاد يخلو أي عقد من عقود الاتفاق المبرمة بين طرفين أو أكثر أو بين عدة أطراف من سرد التفاصيل المختصة بالعقد محل الاتفاق بهدف الخروج من نقاط الاختلاف التي قد تطرأ فيما بعد على تفسير أي بند من بنود العقد, أو أن يكون الاختلاف على ما يطرأ مستقبلاً مما لم يذكر تفصيله في العقد أصلاً, وتلجأ أغلب العقود إلى التنصيص في إحدى موادها على طريقة معالجة تلك الاختلافات وذلك بالرجوع إلى طريقة متبعة للتحكيم بين أطراف العقد. إلا أن بعض هذه العقود قد لا تنص صراحة على طريقة التحكيم إلا بعد وقوع الخلاف فيلجأ المختلفون إلى وضع اتفاق خاص فيما بينهم لتحديد آلية معينة للتحكيم, أما في حالة نص القانون على إحالة الخلافات إلى جهة معينة محددة مسبقاً فإنها بذلك تكون السلطة المسيطرة على الخلافات الناشئة بين أطراف العقد كما أنها الجهة المخولة الوحيدة للنظر في القضايا التي تندرج تحت مظلة الاتفاق المبرم.
أما في حالة عدم وجود هذا القانون ورغب أطراف العقد أن يتبعوا طريقة التحكيم لحل المشاكل التي تطرأ على العقد فإنه يمكن أن يكون اشتراط التحكيم على شكلين: أولهما أن يكون عبارة عن بند من بنود العقد وعليه فإن شرط التحكيم هو الشرط الذي تم النص عليه بالعقد مباشرة. والشكل الثاني عن طريق مشاركة التحكيم أو ما يسمى باتفاق التحكيم حيث يقوم أطراف أحد العقود بإبرام اتفاق لاحقٍ للعقد الذي أبرموه فيما بينهم لإحالة النزاع الذي نشأ بينهم إلى التحكيم ويكون هذا الاتفاق بعد نشوء الخلاف بخلاف شرط التحكيم والذي يكون قبل نشوء الخلاف. وبهذا فإن اشتراط التحكيم عبارة عن اتفاق تحكيم لاحق على وقوع الخلاف, وقد يتضمن الاتفاق إجراءات التحكيم واختيار المحكمين وقد يصدر باختيار هيئة تحكيم مستقلة أو مركز تحكيم ويولونه اختيار الإجراءات المناسبة و القانون الواجب التطبيق طبقاً للقواعد التي ارتضاها الطرفان.
وآياً كان الشكل الذي يأخذه اتفاق المتعاقدين على حل النزاع عن طريق التحكيم، فإن له الأثر نفسه، إذ إنه يجعل التحكيم هو الطريق الحصري لحل هذا النزاع.
وبذلك فإن التحكيم هو أسلوب خاص لحل النزاعات، حيث يتفق أطراف نزاعٍ معين على إحالة هذا النزاع إلى شخصٍ واحدٍ أو عددٍ من الأشخاص ليقوموا بإيجاد حلٍ لهذا النزاع يلزم أطرافه جميعاً أو يكون منصوصاً عليه بحكم الأنظمة السائدة في البلد.
وعليه فإن مفهوم التحكيم هو نظام لحل المنازعات المدنية والتجارية بين الأفراد من خلال مدة معينة محددة سلفاً ومن خلال إجراءات مختارة ومنصوص عليها وقانون يرتضيه ويوافق كل الأطراف على تطبيقه حتى يصدر حكماً أو صلحاً يلتزمون به .
والتحكيم يتطلب وجود اتفاقٍ بين جميع أطراف النزاع على اتباع هذا الأسلوب كوسيلةٍ لحل النزاعات، وإن ممانعة واحدٍ منهم فقط وعدم موافقته على اللجوء إلى التحكيم يجعل الاختصاص بنظر هذا النزاع معقوداً بشكلٍ حصريٍ للقضاء، صاحب الولاية العامة لحل النزاعات جميعاً أما في حالة خضوع محل العقد تحت قانون معين تابع لجهة تحكيمية فإن الخلافات تحال إليها بمجرد أن الأطراف قد عملوا تحت مظلة هذا القانون.
فالمنازعات تتنوع فمنها ما يكون منازعات مالية أو مدنية أو تجارية أو عقارية أو منازعات حول تنفيذ أحد العقود وقد تكون بين أفراد عاديين أو بين فرد وشركة أو مؤسسة أو بين طرف من هذه الأطراف والدولة أو أحد أشخاص القانون العام أو الخاص .
و تزداد أهمية التحكيم كوسيلةٍ مفضَّلةٍ لحل النزاعات الناجمة عن العقود بشكلٍ عام وعقود الإنشاءات بشكلٍ خاص، فالتحكيم يضمن للأطراف الراغبين بحل نزاعٍ معين عدداً من المزايا التي لا تتوافر في القضاء.

مزايـا التحكيم:
للتحكيم فوائد كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر البعد عن إجراءات التقاضي المطولة التي قد تصل إلى سنوات عدة لأن التحكيم عادة ما يكون مشروطا بمدة معينة يجب أن ينتهي خلالها. أما النزاع أمام المحاكم فقد يطول لسنوات ويزيد من الأعباء المالية والاقتصادية على أطراف النزاع.
ومن فوائد التحكيم أيضاً أنه يخضع في جميع أجزائه إلى اتفاق الأطراف بدءا من تحرير مشارطة التحكيم وتحديد الإجراءات والقانون الواجب التطبيق حتى اختيار المحكمين ومدة التحكيم وليس للقانون تدخل في التحكيم، إلا إذا كان يكمل إرادة الأطراف في حالة عدم الاتفاق على أمر معين .
كذلك فإن من فوائد التحكيم أن القضاء يمتنع عن نظر الدعوى إذا وجد مشارطة تحكيم، وبالتالي ضمان سرعة إنجاز الفصل في الدعوى عن طريق التحكيم، إضافة إلى الفوائد الكثيرة العملية كتشجيع الاستثمارات الأجنبية مع الشركات المحلية، ومحاولة تجنب ضياع الوقت أمام القضاء في نظر كثير من القضايا التي تنتهي بالتحكيم مما يساعد على حل مشكلة بطء إجراءات التقاضي, إضافة إلى توفير الوقت و الجهد و المال المستغرق في حل النزاع عن طريق التقاضي.
مع الإشارة إلى أن حكم التحكيم لا يجوز الطعن به في بعض القوانين بطريق الاستئناف أو النقض كالدعاوى القضائية العادية ولكن لحكم التحكيم طريق واحد للطعن عليه هو بدعوى البطلان، وهذا يحدث إذا شاب حكم التحكيم أي سبب من أسباب البطلان.
وعلى هذا يمكن تلخيص مميزات التحكيم في:
1- خدمة مصالح الدولة في عدم تكدس القضايا .
2- مسايرة الأنظمة الدولية الحديثة .
3- قلة التكاليف والنفقات .
4-سرعة الفصل في المنازعات .
5- يقوم على التراضي والقبول .
6- الحفاظ على سرية المنازعات .
7- حرية اختيار المحكمين .
وبذلك فإن التحكيم يحقق للمتعاقدين في عقود الإنشاءات مزايا متعددة. فالقضاة لا تتوافر لديهم دائماً المعرفة والاختصاص اللازم لحل نزاعات عقود البناء والإنشاءات، وما قد ينجم عنها من تعقيداتٍ ومشاكل عملية لا يستطيع فهم كنهها وحلها إلا أهلها، أما التحكيم فيتيح لأطراف النزاع عرضه على المحكمين الذين يمكن اختيارهم من أهل الخبرة والمعرفة بموضوع النزاع، سواءً أكانوا من المهندسين أو من المحامين المختصين والممارسين ذوي الخبرة بعقود الإنشاءات .
فضلاً عن ذلك فإن المشاريع الإنشائية تتطلب تكاليف مالية وبشرية هائلة كما وتتطلب حشد عديد من التجهيزات والآليات، وإن المشروع يتعرض أثناء حياته إلى عديد من المشاكل والنزاعات التي تتطلب حلاً سريعاً كي يستمر المشروع ويتابع مسيرته ويتم إنجازه في الوقت المتفق عليه، فكل يومٍ يتأخر فيه المشروع عن الوقت المخطط له يكلف نفقاتٍ ومصاريف باهظة غير مبررة وغير محسوبة وقد يترتب على هذا التأخير غراماتٍ في بعض الأحيان. لذلك لا بد من حل هذه النزاعات بأكبر سرعةٍ ممكنة.
وحيث إن عرض النزاع على القضاء ليأخذ مجراه الطبيعي ويمر بمراحل عملية التقاضي الثلاث من بدايةٍ واستئنافٍ ونقض حتى يصدر الحكم النهائي الفاصل للنزاع قد يتطلب فترة زمنية طويلة، فالقاضي أو المحكمة الناظرة في النزاع ليست متفرغةً له وحده وأمامها عديد من الدعاوى المختلفة المواضيع مما يتطلب وقتاً أطول للفصل بها.
أمَّا حل النزاع عن طريق التحكيم فيتم في مدةٍ قصيرةٍ نسبياً مقارنة بالحل عن طريق القضاء. فإذا كان أطراف النزاع قد جهَّزوا كافة الوثائق اللازمة لعرضها على المحكمين، وأحسنوا اختيار المحكمين من ذوي الخبرة والكفاءة والأمانة، فإن هؤلاء المحكمين سيستطيعون استيعاب النزاع بوقتٍ قصير، وسيكون بإمكانهم حله بسرعةٍ كبيرة .
فضلاً عن ذلك ونظراً لأن الشركات الأجنبية تكون في كثير من الأحيان طرفاً في العقود والمشاريع الإنشائية، حيث يكون العقد الأساسي فيها باللغة الإنكليزية، وتكون عديد من الوثائق مكتوبة بغير العربية، كما أن أولئك الذين يمثلون هذه الشركات يكونون من الأجانب، وقد تستعين بمحامين غير عربٍ أيضاً، الأمر الذي يجعل حل النزاع عن طريق القضاء مرهقاً ومكلفاً للمتنازعين، إذ إنه يتطلب ترجمةً للوثائق إلى اللغة العربية، كما ويتطلب الاستعانة بمترجمين محلفين أيضاً.
في حين أنه لو تم حل النزاع عن طريق التحكيم فلا شيء يمنع نهائياً من أن تكون اللغة الإنكليزية أو أي لغةٍ أجنبية أخرى لغةً للتحكيم، ومن ثم يصدر الحكم بهذه اللغة وتتم ترجمته لوحده مع اتفاق التحكيم إلى اللغة العربية من أجل تنفيذه جبراً، إن لم يقبل الطرف الخاسر تنفيذه رضاء.ً
وأخيراً فإن حل النزاع عن طريق التحكيم يتيح للفريق الرابح استرجاع كافة النفقات التي دفعها في سبيل حل النزاع.
ففي ظل النظام القضائي في أغلب الدول العربية يسمح القانون للمحكمين أن يحكموا للفريق الرابح بكافة المصاريف التي أنفقها على التحكيم من أتعاب محامين ومحكمين.
فالعادة قد جرت على أن يتفق أطراف النزاع أن يتحمل الفريق الخاسر وحده كافة المصاريف والنفقات.
وفي الوقت نفسه نجد أيضاً أن عديدا من النزاعات تنص على أن كل واحد من طرفي النزاع يتحمل أتعاب محاميه ومحكمه، في حين يتحمل أتعاب المحكم المتحاكمين مناصفةً.
وللتحكيم أهمية كبيرة في الحياة الاقتصادية بين الشركات الاستثمارية والأفراد، إذ يمكن النص على اللجوء إلى التحكيم قبل اللجوء إلى التقاضي في أي عقد تجاري أو صناعي أو عقد من العقود العقارية مثل البيع أو الإيجار أو الرهن.
فعلى سبيل المثال أن يلجأ الطرفان إلى التحكيم ويمتنع القضاء عن النظر في موضوع النزاع ففي هذه الحالة ضمان سرعة الفصل في النزاع بأقل مجهود وفي أقل وقت ممكن مع ضمان العدالة في الفصل في النزاع مع بساطته وسهولته ويسره، إذ إن التحكيم ليست له شروط معينة أو إجراءات يجب أن تتبع بل هو أبسط من مجرد رفع الدعوى أمام المحكمة .
وتأتي أهمية أخرى للتحكيم تتمثل في كونه يساعد بشكل أساسي على انتعاش الحياة التجارية وتشجيع المستثمر على الدخول في استثمارات كبيرة وفي علاقات تجاريه واسعة دون الخوف من مجرد ضياع الحقوق أو إطالة أمد التقاضي إذا حدثت منازعة بشأن عملية تجارية أو تنفيذ عقد, كما تسهم عملية التحكيم بشكل أساسي في تشجيع الاستثمارات الأجنبية حيث يخشى المستثمر الأجنبي من القوانين المحلية ومن بطء إجراءات التقاضي، فيمكنه اشتراط القانون واجب التطبيق في حالة حدوث منازعة سواء كان القانون محلياً أو أجنبياً .

الأكثر قراءة