منتدى "سابك" للبلاستيك.. وغابت عنك أشياء
شـأن مؤسسات قطاعات الأعمال الخاصة، الحكومية، وشبه الحكومية النشطة في اقتصادات الدول الصناعية التي تقدر وتحترم قيمة المجتمع الذي تعمل فيه والاقتصاد الذي يضمن نجاحها وتطورها، أقامت الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" منتدى سابك للبلاستيك 2008 يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين بحضور 800 مصنع بلاستيك من زبائن "سابك" بجانب نخبة من الاقتصاديين والإعلاميين. ويهدف المنتدى تبعاً للقاء الزميل حبيب الشمري مع المهندس عبد السلام المزروع نائب رئيس سابك للبوليمرات يوم السبت الماضي 29/3/2008 والمنشور في "الاقتصادية" إلى إطلاع وتعريف المشاركين على أحدث التطبيقات في مجال الصناعات البلاستيكية المتقدمة ومساعدتهم على استخدام منتجات سابك للدخول في مجالات صناعية واعدة.
كما تضمن المنتدى 15 محاضرة تناولت - تبعاً للمقابلة المشار إليها وما أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس"- عدداً من المحاور تتضمن الميزات التنافسية للصناعة المحلية، أحدث التجارب والخبرات في صناعة البلاستيك واستخداماته، طرق التطبيق الأفضل والجـودة في التـشـغـيل، الإفـادة من مرونـة الـبلاستيك وخـصـائـصـه لـتطـوير تطبيقاته واستـخـدامـاتـه، استعراض الأساليب العملية التي تؤكد جدوى استخدام المنتجات البلاستيكية، ومناقشة زيادة فرص المصانع المحلية للتصدير الخارجي. وبجانب المحاضرات، احتوى المعرض المتزامن مع المنتدى على نماذج وعينات من المنتجات البلاستيكية في شركة سابك، سابك أوروبا، وسابك للبلاستيكيات المبتكرة في أمريكا, إضافة إلى أوراق عمل تم طرحها من مسؤولين في شركات سابك حول العالم.
بداية، أقدر جهود "سابك" للقيام بمسؤوليتها الاجتماعية للقطاع الخاص في المملكة والذي يحتاج دون ريب إلى الكثير من الدعم، خصوصاً في الصناعات المرتبطة بالنفط وهو المورد الناضب الذي هو حق للأجيال الحالية والمقبلة. كما أقدر قيام "سابك" باحترام القطاع الخاص السعودي, والسعي إلى مساندته للاستفادة من خبرات الشركاء العالميين وتجاربهم، علماً أن أهم ما في المنتدى من وجهة نظري هي أوراق العمل من شركاء "سابك" العالميين في أوروبا وأمريكا وشرق آسيا والتي نأمل منها التحلي بكل قدر من الموضوعية والإخلاص لمساندة قطاع البلاستيك السعودي للوصول إلى العالمية دون الاقتصار على اعتبار المنتدى جزءا من فعاليات العلاقات العامة.
ومع دعوة نحو 800 مصنع بلاستيك محلي معظمها مصانع صغيرة تعتمد على تقنيات متواضعة, وأداؤها المالي متواضع, نظراً لاحتدام المنافسة على السوق المحلية, وغياب القدرة على استهداف الأسواق العالمية التي تتطلب مواصفات خاصة للمواد التي توردها التي ترفع من تكلفة الإنتاج لدى مصانعنا المحلية عند محاولة الوصول إلى هذه المواصفات لانضواء ذلك على تكاليف مختبرات، بحث وتطوير، وغير ذلك. ولكون محوري تنافسية صناعة البلاستيك في المملكة والتصدير الخارجي كانا من ضمن المحاور الرئيسة وموضع تركيز من قبل خبراء "سابك" العالميين وأوراق العمل المقدمة، فإن هذين المحورين يحتاجان إلى محور ثالث مكمل لم تتم الإشارة إليه في المقابلة المذكورة ونقلته "واس" بعد ذلك وهو محور الاندماجات وتكوين التكتلات في صناعة البلاستيك، حيث إن التنافسية وتشجيع تصدير المنتجات البلاستيكية الوطنية إلى الخارج سيصطدم لا محالة بحواجز توافر رأس المال الاستثماري، توافر التقنيات المتقدمة، الخبرة والمعرفة المبنية على البحث والتطوير، ومستويات الكفاءة التنافسية. لذلك، كان من المهم تناول المحور الخاص بعمليات الاندماج والحيازة وبناء التكتلات والتحالفات الاستراتيجية في قطاع الصناعات البلاستيكية الذي غاب عنه، تبعاً للمعلومات المستقاة من التغطية الإعلامية المتاحة، قيام كفاءات وطنية متخصصة في المصرفية الاستثمارية والمالية والاقتصاد بتوفير أوراق عمل ودراسات تشكل خريطة طريق لنجاح تنافسية قطاع الصناعات البلاستيكية السعودية في الأسواق العالمية.
ومن الأمور الأخرى التي غابت عن محاور المنتدى طرح محور يتعلق بتوطين مشغلي وفنيي التقنية من خلال تدريب القوى العاملة الوطنية لتحل مكان العمالة الوافدة في الوظائف الفنية التشغيلية لقطاع مهم وحيوي للاقتصاد السعودي عن طريق دراسة إمكانية إنشاء "سابك" لمعهد متخصص لتدريب التقنيين السعوديين للعمل في مصانع البلاستيك الخاصة بها والتابعة للقطاع الخاص من خلال الاعتماد على الخبرات التقنية التي تمتلكها في مصانعها حول العالم. وبالإمكان هنا الاستفادة من تجربة "أرامكو" المعروفة أو تجربة معهد عبد اللطيف جميل للتأهيل المهني كبرامج صيانة السيارات، العمارة والبناء، الكهرباء، خطوط الإنتاج، وغيرها من البرامج التي أثبتت نجاحها بكل جدارة في توطين الكثير من الوظائف التي كانت حصراً على العمالة الوافدة.
وأخيراً، على الرغم من روعة فكرة المنتدى وارتباطه بمفهوم المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال، إلا أن غياب حضور أقسام الكيمياء والهندسة الكيماوية في الجامعات السعودية وعدم توفير دعوات مفتوحة بجانب تحمل تكاليف السفر والتنقل من قبل المنتدى لهيئات التدريس وطلاب هذه الأقسام جميعها للإسهام والاستفادة بالحضور بما يحقق لمعاقلنا الأكاديمية الاستفادة من هذا المحفل الكبير يعد، بجانب ما ذكر سابقاً، من أول الأشياء التي غابت والتي يجب تداركها مستقبلاً.