تسميات الشهور عند العرب .. ارتباط بالمناخ وتقلباته
لاحظ عرب البادية أن القمر يقارن أشهر نجوم السماء وأبرزها عندهم نجم الثريا وذلك في اليوم نفسه من الشهر القمري الذي يأتي في فصل معين. وعلى هذا الأساس عرفوا أن أول فصل الشتاء هو عندما يقارن القمر نجم الثريا ليلة الحادي عشر منه وقالوا في ذلك (قران حادي برد بادي) أي إذا اقترنت الثريا بالقمر يوم الحادي عشر من الشهر الهجري فإن ذلك دليل على ابتداء موسم البرد.
وبما أن القمر يدور حول الأرض مرة نحو (27) يوما وثلث. والشهر القمري نحو(29) يوما ونصف، فإن القمر يتقدم نحوا من يومين في كل شهر عن الشهر الذي سبقه فهو يقارن بعد ليلة الحادي عشر في ليلة التاسع في الشهر التالي فيقولون في ذلك (قران تاسع برد لاسع) أي أن هذا الاقتران دليل على ابتداء موسم البرد الشديد.
ثم يأتي القران الذي بعده في ليلة السابع من الشهر ويقولون في ذلك (قران سابع مجيع وشابع) أي أن هذا الاقتران دليل على ابتداء موسم الربيع لكنه لم يكتمل فمن المواشي جائعة ومنها شابعة.
ثم في الشهر الذي يليه يظهر الكلأ بصورة وفيرة ويزدهر الربيع فيقولون (قران خامس ربيع طامس)، والذي يليه (قران ثالث ربيع ذالف) دلالة على نهاية موسم الكلأ وذبول الأعشاب ثم بعد ذلك (قران حادي على الماء ترادي) أي أن الماشية ترد الماء دلالة على موسم الحر وبداية الصيف.
ومن الملاحظ أن تسميات الشهور عند العرب لها ارتباط وثيق بالمناخ وتقلباته كربيع وجماد ورمضان وتعتبر هذه التسميات قديمة جدا وهي في الأصل شهور قمرية تعتمد في تحديد بدايتها ونهايتها على مطلع الهلال والذي منه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن صيام شهر رمضان المبارك (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) - يعنى الهلال.
إلا أنه من الواضح أن ترتيب الأشهر خلال السنة في هذا الوقت ليس له علاقة بأصل التسمية فعلى سبيل المثال تسمية شهر صفر ليس لها علاقة بالطقس فالتسمية كانت مناسبة معينة كما أنه من المعروف أن الربيع يأتي بعد الشتاء وهنا نجد العكس ... فشهرا ربيع الأول والآخر اللذان سبب تسميتهما الخضرة والخصوبة والربيع يأتيان قبل شهري جمادى الأولى والآخرة اللذين أصل تسميتهما البرد الشديد ونجد كذلك أصل تسمية شهر شوال لفترة معينة وشهر رمضان لشدة الحر في حين أن الأشهر العربية متحركة على الفصول الأربعة.
إذا الترتيب ليس له علاقة بأصل التسمية وإنما جاء الترتيب هكذا عبر التاريخ.
1- محرم: سمي شهر محرم لأن العرب حرموا فيه القتال.
2 - صفر: سمي شهر صفر لأن العرب كانوا يغيرون على البلاد فيتركونها صفرا خرابا.
3- ربيع الأول: سمي شهر ربيع الأول لأن الأرض كانت تفيض بالخصب في هذا الشهر.
4- ربيع الآخر: سمي ربيع الآخر لأن الأرض كانت تفيض بالخصب أيضا في هذا الشهر وهو امتداد لشهر ربيع الأول.
5- جمادى الأولى: سمي شهر جمادى الأولى لأن الماء كان يجمد من شدة البرد.
6-جمادى الآخرة: سمي جمادى الآخرة لأن الماء كان يجمد من شدة البرد أيضا في هذا الشهر وهو امتداد لشهر جمادى الأولى.
7-رجب: سمي شهر رجب لأن العرب كانوا يرجبون فيه الشجر ويشذبون فروعه
8- شعبان: سمي شهر شعبان لأن العرب كانوا يتشعبون فيه ويفترقون في كل ناحية للإغارة.
9- رمضان: سمي شهر رمضان لأن الأرض كانت ترمض من شدة الحر.
10 ـ شوال: سمي شهر شوال لأن النياق كانت تشول فيه أذنابها طلبا للقاح
11- ذو القعدة: سمي شهر ذو القعدة لأن العرب كانت تقعد فيه عن القتال.
12- ذو الحجة: سمي شهر ذو الحجة لأن العرب كانت تخرج فيه لحج بيت الله الحرام.
المواسم السنوية
عرف أهل نجد أن الشهور القمرية لا تتواءم مع فصول السنة لذلك فقد عمدوا إلى ابتداع طريقة يعرفون بها الفصول والمواسم وتكون سنة (شمسية) وجعلوا بداية هذه السنة ابتداء من طلوع (نجم سهيل) وهو يوافق 20 أغسطس من كل عام
وقد اختاروا سهيلا لأن ظهوره بداية للانفتاح الفصلي بمعنى أنهم سكان صحراء جافة تهب عليهم في الصيف ريح السموم وطلوع سهيل عندهم يعنى الشيء الكثير:
- يفيء الظل بعد أن كان معدوما خلال فصل الصيف
2- يبدأ طول الليل وقصر النهار فيبرد آخر الليل
3- تهب ريح الجنوب الرطبة فتخفف من لهيب الهواء الساخن
4- تميل الشمس ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف
5- بداية موسم الرطب الجديد وانتهاء ادخار التمر الحويل
6- تحس المواشي بالراحة فتدر اللبن
والسنة الشمسية هذه تبدأ برقم 1 وتنتهي برقم 365 إلا أنها موزعة على فصول ومواسم السنة الشمسية
وفيما يلي تعريفات لأسماء المواسم المذكورة
1-سهيل
تسمى أيام سهيل وهي أول مواسم السنة (السهيلية) تنكسر فيه شدة الحر ويبدأ الليل في الاعتدال وموسم السحب الصيفية المتجهة غربا وفي نهايته تبدأ أمطار الخريف المبكرة
2-الوسم
تسمى أيام الوسم إذا نزل فيه المطر فالسنة تبشر بالخير وينبت فيها الفقع ويبدأ بعد 50 يوما من ظهور نجم سهيل وفيه تبدأ السحب التي تتحرك إلى الشرق
3-أربعينية الشتاء
وتسمى المربعانية لأن مدتها 40 يوما وأولها يعتبر من الوسم وفيها شدة البرد الذي يدخل مع الإنسان في فراشه وكذلك يخرج البخار من الأفواه وقد تنزل فيها أمطار غزيرة وغالبا ما تتصف بالديمومة
4-الشبط
موسم البرد الرطب غير الجاف ولعل كلمة الشبط مأخوذة من الشهر السرياني شباط فهو يقع في هذا الموسم.
5-العقارب
العقارب ثلاث
العقرب الأولى :عقرب السم أي أن بردها يقتل كما يقتل السم
العقرب الثانية :عقرب الدم أي أن بردها يدمي ولا يقتل
العقرب الثالثة :عقرب الدسم أي أن بردها في وقت الربيع الذي تسمن فيه المواشي
وفي منتصف العقارب تبدأ أمطار الربيع (المراويح) وتخضر الأرض إذا سبقها مطر وتدرك الكمأة
6-الحميم
ويسمى أيضا برد العجوز أو برد بياع الخبل عباته وغالبا ما يباغتنا البرد فيه
وسمي برد العجوز لمقولة أن العجوز جزت صوف غنمها اعتقادا منها بذهاب البرد فعاد البرد وقتل الغنم وفيه تزدهر المزروعات
7-الذرعان
وهو موسم نهاية فصل الربيع وجفاف العشب ويكثر فيه هبوب الرياح المصحوبة بالغبار والأتربة
8-الكنة
وهو موسم اختفاء الثريا وفيه بداية الحر وانحباس الهواء فتشعر الأنفس بالسأم والملل
9-الثريا
موسم هبوب رياح البوارح وهي رياح شمالية غربية جافة تثير الغبار وقد تعصف أحيانا إلا أنها رياح رتيبة ليس فيها عنصر المفاجأة فهي تبدأ أول النهار ومع حرارة الشمس يتصاعد الغبار ثم يترسب الغبار في هدأة الليل وهكذا في كل يوم
التويبع
موسم الهواء الحار الجاف اللافح
وسمي التويبع لأنه يتبع نجم الثريا والعرب قديما يسمونه الدبران لاستدباره الثريا
10-الجوزاء الأولى
موسم هبوب رياح السموم وتبدأ النخيل المبكرة بالتلوين وفيها يبدأ موسم السحب الصيفية المتجهة غربا
11-الجوزاء الثانية
تهدأ فيها ريح البوارح وريح السموم التي هي آخر رياح البوارح
12-المرزم
شدة سطوع الشمس وارتفاع الحرارة نتيجة لذلك مع هدوء في الريح
13-الكليبين
وهو آخر مواسم السنة السهيلية حيث تنتشر فيه الرطوبة في الجو مع ارتفاع في درجة الحرارة