غياب "صناعة الحج" يفقد اقتصاد مكة 7 مليارات سنوي
أكد خبير في مجال اقتصاديات الحج والعمرة، أن غياب صناعة مستلزمات الحج من هدايا ونثريات "خردة" يفقد مكة المكرمة سنوياً أرباحاً طائلة تقدر خلال موسم الحج بأكثر من 7.5 مليار ريال، بمتوسط إنفاق يصل إلى خمسة آلاف ريال لكل حاج، إضافة إلى إنها تحجب أكثر من عشرة آلاف فرصة وظيفية يمكن شغلها في حال تم إنشاء المصانع الخاصة بتلك الصناعات، التي تعتمد في أساسها على الصناعة اليدوية بعيداً عن جميع الآلات الميكانيكية.
واستشهد علي ناقور خبير في اقتصاديات الحج والعمرة، بإجمالي إيرادات الحج لعام 2004 التي بلغت نحو تسعة مليارات ريال، حيث شكل إيراد الحملات الخاصة الفاخرة من إجمالي الإيرادات 4.6 في المائة و45.3 في المائة للحملات العادية. وأشار إلى أن الإنفاق على المأكل والمشرب تصدر القائمة بنسبة 33 في المائة، تلاه الإنفاق على شراء الهدايا والمستلزمات الأخرى بنحو 16.7 في المائة، النقل بنسبة 15.1 في المائة، ثم أجور المطوفين بنسبة 13.9 في المائة، الأضحية بنسبة 9.4 في المائة، أجرة السكن في الخيمة بنسبة 7.8 في المائة، ثم السكن في مساكن الحجاج بنسبة 3.7 في المائة.
وأبان، أن موسم الحج يؤثر في النشاط الاقتصادي والتجاري من حيث إحداث نوع من الانتعاش في تلك الأنشطة، وأن السوق الداخلية تنمو بشكل واضح متجلياً في أن تحقيق أصحاب المحال التجارية للأرباح يدفعهم للتوسع في أعمالهم ويفتح فروع جديدة ومجالات تجارية جديدة بما يساعد على تنمية السوق الداخلية، وإن غالبية الأرباح المحققة من موسم الحج للفئات المختلفة يصب معظمها في قنوات ومجالات استثمارية متنوعة تؤدي إلى نمو السوق الداخلية، وإن تنوع السوق السعودية بالمنتجات المختلفة التي تتناسب مع كل الأذواق بمختلف الجنسيات وتوفيرها بكميات تتناسب مع الأعداد المتزايدة من الحجاج يعد من العوامل المهمة لاستمرار نمو السوق، وإن تأثير موسم الحج يطول أيضاً الزيادة في المبيعات والأسعار، الأمر الذي يحرك نشاط السوق، ويؤدي إلى زيادة الاستيراد نتيجة عدم وجود سلع محلية مماثلة تفي بالمتطلبات المتزايدة للحجاج، وهو ما يعني أن حركة البيع في مواسم الحج تؤثر في حركة التجارة الخارجية تأثيرا مباشرا، كما يساعد موسم الحج على زيادة الادخار الناشئ من الأرباح.
وكشف ناقور أن موسم الحج يؤثر إيجابياً في سعر صرف الريال السعودي نتيجة زيادة الطلب عليه من قبل الحجاج، الأمر الذي يعني زيادة الطلب على السلع والخدمات السعودية، حيث بلغ سعر الريال أمام الجنيه المصري في بعض الأوقات 205 قروش في البنوك، بينما وصل إلى 225 قرشاً في السوق الموازي خلال موسم حج 2004، ولكن عاد الريال أخيرا ليستقر عند 1.60 قرش في البنوك المصرية، وذلك بسبب عدة عوامل كان من أهمها البدء في تنفيذ خطوات منطقة التجارة العربية الحرة، وانخفاض أسعار الفائدة على الودائع بين البنوك إلى نحو 6.5 في المائة مقابل 9.75 في المائة قبل موسم الحج، وهو الأمر الذي أسهم بشكل مباشر وملحوظ في استقرار سعر الصرف، إضافة إلى إنه يؤثر في ميزان المدفوعات السعودية باعتباره أحد المصادر المهمة للعملات الأجنبية المتنوعة. ويعد إنفاق الحجاج أحد مصادر المتحصلات في ميزان المدفوعات في السعودية، وإن مع زيادة أعداد الحجاج في السنوات الأخيرة وزيادة متوسط إنفاقهم، زادت الإيرادات الناجمة، وبلغت مساهمة إيراد الحج في ميزان المدفوعات السعودي نحو 3 في المائة.
وأضاف ناقور إن لموسم الحج تأثيراً إيجابياً في تنشيط الحركة التجارية بالمملكة وخاصة المشاعر ومكة والمدينة، وذلك من خلال تنامي العائدات الاستهلاكية للحجاج، المتمثلة في زيادة القوة الشرائية لهم أثناء الموسم في شكل هدايا لهم ولذويهم. ولفت إلى إن المواد الغذائية ومكوناتها تتصدر الحركة التجارية من حيث الإنفاق، إذ بلغ استهلاك الحجاج للألبان نحو 30 ألف طن بما قيمته 90 مليون ريال، وبلغ استهلاك الحليب عشرة آلاف طن بقيمة 30 مليون ريال، وبلغ استهلاك المواد الغذائية الأخرى 51 مليون ريال، مستثنياً بقوله: أن استهلاك الحجاج قد يتأثر سلبياً من خلال شراء السلع والبضائع المقلدة للعلامات التجارية العالمية والتي بلغت خسائر تجارها ووكلائها أكثر من ثلاثة مليارات ريال سنوياً.
وأوضح ناقور أن موسم الحج يصل تأثيره أيضاً إلى سوق العمل والعمالة بشكل واضح يتجلى من خلال خلق العديد من فرص العمل وانتقال الكثير من العمالة والتجار من القطاعات المختلفة إلى القطاعات التي تساعد على تسيير وتسهيل مهمة أداء المناسك في موسم الحج.
ويعتمد موسم الحج على 40 في المائة من العمالة غير السعودية التي تتسم برخص أسعارها مقارنة بالعمالة السعودية، أو لعدم توافر العمالة السعودية في مجالات عمل هذه الفئة من العمالة، واستطاعت وزارة الحج توفير 40 ألف وظيفة للشباب السعودي لخدمة ضيوف الرحمن في مكة والمشاعر والمدينة ومطار الملك عبد العزيز الدولي، وتراوح مرتبات شاغري الوظائف الموسمية بين ألفي ريال و3500 ريال، بينما تراوح فترة عملهم بين 15 و30 يوماً بمعدل ثماني ساعات يومياً، الأمر الذي يعني الاستفادة من الخبرات في مجالات العمل الميدانية إلى جانب ربط النظرية والتطبيق لمن هم في مراحل التعليم العام أو الجامعي.