جزائري يودع "منى" بالدموع.. ويعد بزرع "تربتها" في الجزائر

جزائري يودع "منى" بالدموع.. ويعد بزرع "تربتها" في الجزائر

بعد أن قضى من عمره 120 ساعة في المشاعر المقدسة، يتهيأ فرج أحمد الحاج الجزائري للعودة إلى بلاده بعد أن يقوم بطواف الوداع نهاية هذا اليوم (أمس).
كان يبدو وهو يقوم برمي آخر حصاة، ثقيلاً ويحمل كميات كبيرة من الذكريات حول هذه الرحلة، بدا للحظات وكأنه لا يريد المغادرة، لقد اعتاد خلال الأيام الخمسة الأخيرة على استنشاق هواء هذه المشاعر بملء رئتيه، لم يكن الأمر بالنسبة له بهذه البساطة، أن يرمي الحصاة الأخيرة ثم يغادر .
يقول فرج"لم أشعر طوال حياتي بمثل هذه الراحة منذ أن وطئت قدماي هذه الرقعة، لقد أعجبني كثيراً نمط الحياة هنا، كان كل شيء يجري بروحانية، الجميع يشبهون بعضا، ويحبون بعضا ويتمنون الخير للكل".
ويضيف"في منى، لم يكن من السهولة أن تميز بين طبقات الناس، ولن تستطيع إطلاقا أن تعرف أعمالهم أو مرتباتهم كانوا في لباسهم و دعائهم وحركتهم متشابهين، وعندما تفكر للحظة في هذا الأمر، ستسبح الله وتحمده كثيراً أن خلقنا سواسية، يسعى الغني منا والفقير لطلب مرضاته".
ويتابع فرج الذي يحج للمرة الأولى بعد زهاء خمسين سنة وهي عمره منذ إن أبصر النور"البارحة الأولى، غادر أناس كثيرون من الحملة التي اتبعها، لقد كانوا متعجلين، أما أنا ففضلت البقاء إلى آخر ساعة ممكنة في منى، وقبل أن أتوجه قبل قليل لرمي الجمرات التقطت بعض الصور لنفسي في أماكن مميزة من منى".
ويزيد "لن تصدق، إذ أخبرتك أنني قد ملأت قنينة سعتها خمسة لترات برمل منى، أريد عندما أن أصل إلى منزلي في وهران، أن أجعلها تربة أساسية لزرع مقدمة حديقتي في المنزل".
ويكمل الجزائري الذي يغادر مشعر منى ببطء وكأنه يريد أن يستمتع بكل خطوة في هذه الرقعة"لن أنسى مطلقاً أنني عشت هنا في هذه المنطقة لمدة خمسة أيام، لقد مرت بسرعة كبيرة وكأنها خمس ساعات لا بل خمس دقائق، كانت تجربة جميلة، تجعلني الآن أفكر جدياً في العمل كثيراً خلال السنة المقبلة حتى أتمكن من جمع مبلغ العودة إليها حاجاً للمرة الثانية".
يصمت فرج عندما اقترب من تجاوز آخر خطوط منى، ثم يقف ويستدير بظهره ناحية المشعر، تفيض عيناه بالدموع، لكن لا صوت بكاء يخرج منه، غير صوت الدعاء، كان تارة يخرج منه صوت الدعاء مسموعا، وتارة أخرى كان يهمس وبصوت دافئ غير مسموع وكأنه يوشوش مِنى في أذنها"انتظريني لربما أتيتك يوماً ما، وداعاً".

الأكثر قراءة