احذروا برد بياع الخبل عباته .. رياح مباغتة تهدد الأطفال والكبار
نعيش الآن في موسم برد بياع الخبل عباته وهو برد الحسوم عند العرب، وبرد العجوز عند أهل البادية ، وبرد الشولة عند أهل الزراعة
وبرد العجوز هو برد الحسوم التي ذكرها الله عز وجل في كتابه حيث قال (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) أي البرد الذي أهلك الله به قوم عاد وفي مختصر تفسير ابن كثير أنها تأتي في عجز الشتاء.. أي آخره، فسميت أعجاز والعامة تسميها العجوز. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور) فريح الصبا هي الريح التي يسميها العامة النعشي أي الريح التي تهب من جهة نجوم بنات نعش الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية. أما الدبور فهي الريح الشمالية الغربية وأطلق برد بياع الخبل عباته أو برد العجوز على البرد الذي يأتي في نهاية الشتاء أي خلال فصل الربيع، ويوافق ذلك آخر موسم العقارب وموسم الحميمين وعادة ما يسبق هذه الفترة ارتفاع في درجة الحرارة بشكل ملحوظ، فيظن بعض الناس أن البرد قد انصرف فيعاود البرد هجمته مجددا. وبرده هو المصحوب برياح شمالية أو شمالية شرقية وخلال موسم برد بياع الخبل عباته تهجم علينا موجة برد مباغتة وعاتية مؤثرة وخاصة في الأطفال وكبار السن لضعف المناعة عندهم وخاصة إذا تزامن مع موسم الحميمين مما جعل العامة يقولون في أسجاعهم (يا ربنا يا رحيم اكفنا برد الحميمين) وتنشط خلال هذا الموسم الرياح المحملة بالغبار والأتربة ويبدأ النهار بأخذ الزيادة من الليل.
والرياح أثناء موسم برد بياع الخبل عباته أو برد العجوز شمالية شرقية أو شمالية غربية قد تتقلب لكن لفترة وجيزة وفي نهاية موسمه تسود الرياح الجنوبية أو الجنوبية الشرقية الدافئة ثم تعقبها آخر نسمات الربيع فتهيج الحشرات وتكثر أمراض الحساسية بأنواعها. وبرده مهلك للحرث والنسل لأن هجومه يكون عادة بعد موجة الدفء وعلى غفلة
وتحكي الأساطير لنا أن سبب تسميته ببرد بياع الخبل عباته هو أن رجلا معتوها اشترى عباءة (فروة) لتقيه من لسع الشتاء وفي نهاية الشتاء عاد الدفء الصيفي فظن أن البرد قد انجلى فباع عباءته فعاود البرد بهجمة شرسة فأهلكه فسمي هذا الموسم باسمه.
والمزارعون يسمونه برد الشولة، والشولة المراد به ذنب طائر ربيعي صغير أسود اللون ويسمى عندنا (أم سويد) يظهر في هذه الفترة، دأب على رفع ذيله عاليا ثم خفضه إلى الأسفل وهذه الحركة تعرف باسم التشوول، وتسميته ببرد العجوز أنه كانت هنالك عجوز كاهنة في العصور الغابرة عند العرب تكهنت بعودة الشتاء لأيام قلائل وكان العرب قد استبشروا بدخول الربيع ولبسوا ملابس الصيف وقد تحققت نبوءة الكاهنة العجوز وسميت الأيام المذكورة نسبة لها. وقيل إنه كان هناك عجوز أحست بالدفء فجزت صوف غنمها ثم رجع البرد وماتت الغنم فسم هذا البرد نسبة إلى هذه الحادثة. وقيل أيضا إن عجوزا لها ناقة لم تلقح في أول الشتاء، فدعت ربها بأن يرسل رياحا باردة كي تلقح ناقتها فهبت تلك الرياح وتم لها ما أرادت فسميت هذه الرياح الباردة ببرد العجوز وحكايات كثيرة تروى عن هذا البرد المتأخر في الشتاء، ومما قالوا عنه إن برد العجوز يقول لو أني لحقت على أول الشتاء لجعلت المرأة العجوز تشعل النار بشعر رأسها الأبيض ولجعلت الرجل الكبير يشعل النار في ركبتيه.
ويروى أن "أيام العجوز" سبعة ويقال أيضا أيام العجز، كعضد، لكنها تأتي في عجز الشتاء وفي اللغة: آخر كل شيء هو عجزه وهي سبعة أيام كما قال أبو الغوث وقال ابن كناسة: هي من نوء الصرفة، وهي (صن)، بالكسر، و(صنبر) (ووبر) بالفتح، (والمعلل) (مطفي الجمر) (أو مكفي الضعن) وأيام العجوز عند العرب خمسة: صن وصنبر وأخيهما وبر ومطفي الجمر ومكفي الضعن.
وأنشد الغوث بن الأحمر:
كسع الشتاء بسبعه غبر
أيام سهلتنا من الشهر
فإذا انقضت أيامها ومضت
صن وصنبر مع الوبر
وبأمر وأخيه مؤتمر
ومعلل ومطفي الجمر
ذهب الشتاء موليا عجلا
واتتك واقدة من الجمر
وقال آخر:
سأذكر أيام العجوز مرتبا
لها عددا نظما لدى الكل مستمر
صن وصنبر ووبر معلل
ومطفى جمر آمر ثم مؤتمر
ويروى أن الحصنى أي الثعلب سأل متى يكون الشتاء باردا قال: إذا هبت رياح الشمال، وسئل متى يكون الشتاء دافئا قال: إذا هبت رياح الكوس 'الشمالية الشرقية' وبرد العجوز لا يكون باردا في كل الأعوام ولا دافئا على الدوام فمعتدل في حين وبارد في بعض الأحيان ممطر ومغبر من عام إلى عام ويخضع هذا إلى الدورات المناخية للمنطقة المعنية. ومن المتوقع أن يرتدي الشباب الصيفي خلال هذه الأيام أما كبار السن فلا يرتدون الصيفي إلا في أواخر شهر ربيع الأول.
باحث الفلكي
عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك
6/3/2008م