سنوات العمل المتساوية تكشف عن تفاوت في الأجور بين الجنسين لمصلحة الرجل

سنوات العمل المتساوية تكشف عن تفاوت في الأجور بين الجنسين لمصلحة الرجل

أكدت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو جمعية حقوق الإنسان, أنه لا تتوافر أي إحصائيات محلية حول موضوع التباين في الأجور بين النساء والرجال في مختلف القطاعات, مبينة أنه لا يمكننا الجزم بحجم المشكلة أو وجودها أصلا ما لم تتوافر بيانات وإحصائيات رسمية، مشيرة إلى أن مؤسسة النقد ومصلحة الإحصائيات هي الجهات المعنية التي يجب عليها إصدار مثل تلك التقارير.
وأضافت الدكتورة أنه لم يصلهم في جمعية حقوق الإنسان أي شكوى بهذا الخصوص, إلا أنها عادت لتؤكد أن ذلك ليس دليلا على عدم وجود تفرقة في الأجور بناء على الجنس, فقد يكون السبب لجهل النساء العاملات أن هناك تفرقة أصلا في الرواتب, فمعظم الموظفات لا يعرفن أجور الرجال الذين يعملون معهن في القطاع نفسه, مشيرة إلى أن هناك حديثا حول وجود تفرقة في الأجور بين النساء والرجال في البنوك إلا أنها لا تستطيع تأكيد أو نفي هذه الادعاءات لعدم وجود دراسات وإحصائيات رسمية بهذا الخصوص.
ودعت العابدين الجهات المختصة إلى تسليط الضوء على هذا الموضوع وبحثه والخروج ببيانات وتقارير رسمية توضح حجم المشكلة، والبيانات الإحصائية المتعلقة بها.
إلى ذلك أكدت موظفات في قطاع حكومي وجود تباين في الأجور بين النساء والرجال خاصة في الوظائف الإدارية, مبينات أنه عند بداية التوظيف تكون الأجور متساوية إلا أن الرجل يحصل على ترقيات أسرع من المرأة التي تعمل في الوظيفة نفسها وتحمل المؤهل نفسه، موضحات أن بعض الموظفات أمضين نحو 20 عاما في العمل دون الحصول على ترقية, مطالبات بمناقشة المشكلة على المستوى الرسمي وإيجاد حلول عادلة.
في الوقت الذي نجد فيه أن الدول الغربية أقرت منذ ما يقارب 30 عاما قانونا يفرض المساواة في الأجور بين النساء والرجال، إلا أنه مازال هناك تباين لصالح الرجال في الأجور, وتحرص المؤسسات الرسمية الغربية كل عام على إصدار تقارير وإحصائيات دورية توضح حجم المشكلة ومدى التقدم الحاصل لمعالجتها.

فروق الأجور تزيد مع تقدم النساء في العمر

أشار تقرير نشر أخيرا في صحيفة "الديلي ميل" البريطانية إلى أن النساء في سن الأربعينات يحصلن على أجور تقل بنسبة 20 في المائة عن أجور نظرائهن الرجال, وأكد التقرير أن النساء في الأربعينات هن أكثر فئة تعاني بونا شاسعا في الأجور من غيرها.
وذكر تحليل من مكتب مصلحة الإحصاء البريطاني للأرقام التي خرج بها التقرير, أن فروق الأجور تزيد مع تقدم النساء في العمر بسبب توقف المرأة عن العمل لفترات خلال مسيرتها المهنية بسبب إنجاب الأطفال.
من جانبه, ذكر المتحدث الرسمي لاتحاد المساواة union Unison كيف ستكون معنويات النساء اللاتي سيدخلن سوق العمل حاليا بعد معرفتهن أنهن سيتعرضن لتفرقة في الأجور, رغم مرور 30 عاما على إقرار قانون المساواة في الأجور؟ مشددا على ضرورة منع أصحاب الأعمال من ممارسة مثل هذه التفرقة بين الموظفين".
وتبين أيضا من الإحصائيات التي نشرت في مجلة ONS أن التباين في الأجور يتناسب طرديا مع عدد الأطفال لكل سيدة.
وبينت الإحصائيات أن معدل أجور الأمهات العاملات اللاتي يعملن بدوام كامل يساوي 12.3 في المائة أقل من الأجر الذي يحصل عليه الرجل الذي يعمل في الوظيفة نفسها, وبالنسبة للسيدات اللاتي لديهن أربعة أطفال أو أكثر فإن التباين يزيد ليصل إلى نحو 35.5 في المائة.
ومن التفسيرات التي ذكرت لسبب هذا التباين أن إجازات الوضع ورعاية المولود تعوق المرأة عن مواصلة الترقي في العمل, أو أن المرأة التي لديها عدد أكثر من الأطفال قد تلجأ إلى اختيار مهنة بمتطلبات أقل حتى لو كانت أجورها قليلة.
وأشار التقرير إلى أن النساء والرجال يحصلن على أجور متساوية في بداية انخراطهن في سوق العمل بين سن 18 و21, ولكن بين سن 22 و29 يكون التباين في الأجور بنسبة 1 في المائة لصالح الرجال, فيما تحصل النساء بين سن 30 و39 يحصلن على ما معدله 7.3 في المائة أقل من الرجل.
فيما تصل نسبة التباين ذروتها بين سن 40 و49 حيث تصل إلى 20.3 في المائة ومن ثم تبدأ في التناقص إلى 18.3 في المائة بالنسبة للنساء بين سن 50 و59.
وأشار التقرير كذلك إلى أن نسبة التباين تشتد في المهن التي يسيطر عليها الرجال, حيث وجد أن بين المديرين ونواب المديرين تصل الفروق إلى 23 في المائة، بينما وجد أقل نسبة تباين في المهن التي تعتمد على المؤهل العملي مثل المهن الطبية والمتعلقة بالقانون حيث بلغت النسبة 3.8 في المائة، ووصلت في مهن المبيعات وخدمات العملاء إلى 5.9 في المائة.

فجوة في الأجور حتى في أمريكا

فيما ذكر معهد سياسات المرأة أن النساء في الولايات المتحدة يحصلن 77 سنتاً فقط مقابل كل دولار واحد كسبه رجل في عام 2005، حسب معهد أبحاث سياسات المرأة. أما في البلدان النامية، فالنسبة لا تزيد على 73 سنتاً، حسب تقديرات البنك الدولي، بل إن الفجوة تصبح أكثر اتساعاً بالنسبة للنساء من البلدان الأخرى, فالنساء الأمريكيات من أصل إفريقي يكسبن 63 سنتاً والنساء من أصل لاتيني يكسبن 53 سنتاً وفق معهد أبحاث سياسات المرأة.
 ويرى مختصون أنه إذا استمرت وتيرة تضييق الفجوة في الأجور على ما هي عليه الآن، فلن تتمكن النساء في الولايات المتحدة من الوصول إلى كسب أجر متكافئ مع ما يكسبه الرجال إلا في عام 2050، حيث إن النساء يشكلن 64 في المائة ممن يعملون مقابل الحد الأدنى من الأجور في الولايات المتحدة، حسب مكتب إحصاءات العمل2007.

التجارة العالمية تسهم في خفض فجوة الأجور بين الجنسين

من ناحية أخرى, أوضح تقرير للبنك الدولي أن التجارة غالباً ما تؤدي إلى تخصيص مكافآت لذوي المهارات، حيث إن الزيادة في فجوة الأجور بين العاملين المهرة وغير المهرة قد تؤدي بدورها إلى توسيع فجوة الأجور بين الجنسين، آخذين في الاعتبار أن الرجل العادي في معظم البلدان يتمتع بمستوى أعلى من مهارات سوق العمل من المرأة العادية, وبين التقرير أن توظيف العمال غير الماهرة يتم في غالب الأحيان في الأعمال المؤقتة, لذا فإن افتقار النساء إلى المهارات مقارنة بالرجال يعمل على رفع احتمالات تشغيلهن في وظائف مؤقتة ويمنحهن قدرة محدودة على التفاوض حول الأجور أو ظروف العمل ومن شأن أي تدفق كبير للعاملات غير الماهرات إلى القوة العاملة.

التجارة الدولية تقلص الفجوة

وذكر التقرير أنه في الإمكان تقليص فجوة الأجور بين الجنسين بواسطة التجارة الدولية التي من شأنها تخفيف القيود التنظيمية على الصعيد المحلي، وزيادة المنافسة بين الشركات, وبالتالي تخفيض التكاليف التي تسفر عن تخفيض مستويات التمييز ضد النساء اللاتي يتمتعن بمهارات تضاهي مهارات الرجال، وبالتالي يكون في الإمكان التوصل إلى درجات أعلى من المساواة في الأجور, ويكون هذا التأثير قوياً على وجه الخصوص في الصناعات التي يكون فيها تركيز السوق غالباً في البداية أي في الصناعات التي تسيطر عليها عدد قليل من الشركات.

الأكثر قراءة