فرص نادرة أمام اليابانيات لدخول منظومة الجناح التنفيذي للشركات
ليست الضوضاء الخجولة المتقطعة التي يسمع صداها في اليابان، إلا أصداء تولي رئيسة شركة السيارات بي إم دبليو في طوكيو فوميكو هاياشي (58 سنة) منصب الرئيسة التنفيذية لمحلات أسواق التجزئة العملاقة دايي Daiei، حيث تضع النساء العاملات اليابانيات آمالا عريضة على السيدة فوميكو، التي ستتولى إدارة إحدى كبرى الشركات اليابانية الرائدة، في مجتمع بسط فيه الرجال نفوذهم في أقوى اقتصاد عالمي.
ولم يخطر على بال أحد في اليابان أن تتقدم شركة دايي بعرض لفوميكو للحصول على هذا المنصب المهم، فقد وصف بعض النقاد هذه الخطوة بأنها بمثابة خطوة للأمام للشركات اليابانية، فقد قامت اليابان بالقليل لتوظيف النساء نظرا لأن العديد من الشركات تتردد في مسألة تولي النساء مناصب صناعة القرار.
فقصة فوميكو تعتبر نادرة جدا في اليابان، وعليه فإن عدم استفادة اليابان من القوة العاملة من النساء يعتبر بمثابة معضلة اقتصادية تؤثر وبشكل غير مباشر على الدين العام لليابان.
ولقد أحدثت النساء العاملات اليابانيات بعض التقدم، فلقد تم بشكل رسمي حظر ومنع التميز في المعاملة ضدهن، فالسيدات اليابانيات يوجدن يوميا في مكاتبهن وهن بزيهن الموحد الذي يشبه زي مضيفات الطائرات في السبعينيات، ومع هذا فإن هؤلاء النساء يملكن فرصا نادرة وقليلة في الدخول ضمن منظومة الجناح التنفيذي للشركات، باستثناء لعبهن لأدوار مساندة في هذه الشركات.
وأشارت منظمة كوربورت وومن دايركتورز الأمريكية CorporteWomen Directord العام الماضي، إن امرأتين فقط دخلن ضمن طاقم مجلس الشركات لأضخم 27 شركة يابانية التي اختارتهم مجلة "فورتشن" اليابانية ضمن قائمة أكبر 200 شركة عالمية. ولا يمكن مقارنة هذا الرقم بـ 78 شركة أمريكية التي دخلت القائمة، التي تضم على الأقل امرأة واحدة في مجلس إدارتها.
وقد ينتهي المطاف بالشركات اليابانية التي لا تزال تتجاهل السيدات العاملات، برجل ضرب شعره البياض ويتولى زمام الأمور إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أنه أفضل شخص حصل على هذه الوظيفة.
وسيؤدي إقصاء وإبعاد النساء العاملات إلى تفاقم التحدي طويل الأمد في مجال الديمغرافية ـ علم السكان الإحصائي ـ في بلاد الشمس، فقد انخفضت نسبة معدل الولادة للأطفال لكل أنثى لتصل إلى معدل يصل إلى 1.39 في 2003 خلافا لما كانت عليه في السبعينيات عندما وصلت هذه النسبة إلى اثنين.
وإذا لم تنعكس تلك الظاهرة فإن معدل الوفيات للدولة المتقدمة والسريعة في السن، قد تلحق وتعادل أعداد المولدين بحلول عام 2006، كما ذكرت دراسة حكومية العام الماضي، ويتم إلقاء الكثير من اللوم في هذا الجانب على ما يسمى بـ "التميز الجنسي".
وتنظر العديد من النساء إلى أن مسألة تأخير الإنجاب تعد بمثابة التمرد تجاه الآمال والتوقعات الاجتماعية التي يبدو فحواها في إنجاب الأطفال والعيش كربة منزل. حيث ترى البعض منهن أن إنجاب الأطفال سيكون بمثابة قرار نهاية الحياة الوظيفية للنساء اليابانيات الطموحات ذات التعليم الجيد، الذي سيؤدي بدوره إلى انحدار معدل نسبة الولادة التي بدورها ستحدث تخلفا في النمو الاقتصادي.
ويقول العديد من الاقتصاديين الدوليين إن اليابان تمكنت فيما مضى من بناء الطرقات والجسور والسدود وبإمكانها أن تعمل أكثر من ذلك وتعزز نموها الاقتصادي بتوظيف النساء اليابانيات.
ولحسن الحظ فلقد بدأ رجال السياسة اليابانيون في وضع أيديهم على حلول لهذه المعضلات، فقد أعلنت الحكومة برئاسة جونيتشيرو كويزومي العام الماضي أنها ستقدم العون والمساعدة للنساء من أجل إظهار كامل مواهبهن ومواجهة التحديات الجارية في قطاعات الأعمال المتعددة.
العديد من الأطفال أو المزيد من الديون
وعلى الرغم من هذا فإن رجال السياسة اليابانيين بمن فيهم رئيس الوزراء السابق بوشيرو موري، يستمرون في سخريتهم من النساء وينتقدون أنانيتهن في مسألة عدم الإنجاب مبكرا.
فعلى اليابان أن تستعين بأموال الضرائب بغرض تخفيض وتقليل تكلفة الرعاية النهارية للأطفال وتربيتهم، وإلى حين تتوافر لليابان بنية تحتية واسعة ومرنة يتم السماح بموجبها للأمهات العاملات بالرجوع إلى أماكن عملهن، فإن العديد من النساء سيكون لديهن أطفال معدودين أو حتى يكن بلا أطفال على الإطلاق, لذا على الحكومة اليابانية أن تشجع الشركات على تنويع مجلس الإدارة التنفيذي بإدخال العنصر النسائي فيه.
ويقول هيروشي أوكودي وهو رئيس المنظمة الفيدرالية للأعمال اليابانية "على الشركات أن تسهل الأمر للنساء العاملات عندما يتعلق الأمر بإنجاب الأطفال".
فعلى رجال السياسة اليابانيين الذين يديرون اليابان أن يدركوا أن مشاكلهم الاقتصادية تكمن وتظهر في التفاوت وعدم المساواة بين الجنسين، وإذا لم يبذلوا المزيد من الجهود لضخ النساء المتعلمات في القوة العاملة، فإن النمو الاقتصادي الياباني سيستمر في أدائه المقنن, إضافة إلى أن الدين العام سيستمر في تصاعده، وقد يمكن الحل في خيار بسيط: العديد من الأطفال أو المزيد من الديون.
وأشارت إحدى الإحصائيات إلى أن نسبة النساء اللاتي تسلمن مناصب كبرى في اليابان تصل إلى 9 في المائة مقارنة بـ 30 في المائة في بريطانيا و45 في المائة في أمريكا.
وأشارت الإحصاءات الرسمية، إلى أن ثلثي النساء اللاتي يأخذن إجازة أمومة يضطررن إلى الاستقالة من أعمالهن عندما تكون المرأة حاملا, فالمرأة الحامل تفضل أن تستقيل بدلا من أن تأخذ إجازة أمومة نظرا لأنهن لا يرغبن في تحميل زميلاتهن أعباء مهامهن الوظيفية خلال الإجازة، حيث تتعرض العديد من النساء اللائي يأخذن إجازة أمومة بعد رجوعهن إلى أعمالهن، إلى نظرات الازدراء من زميلاتهن في العمل نظرا لأنهن قاموا بتغطية أعمالهن بالنيابة عنهن.