لون النقاء والصفاء يغطي صعيد عرفات يوم الوقفة الكبرى
غطت جموع هائلة قدرت بنحو 2.5 مليون حاج أمس جبل عرفات في يوم الوقفة الكبرى, وذلك لقضاء الركن الأعظم من أركان الحج في يوم عرفة الذي قال عنه الرسول محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام "الحج عرفة".
وارتفعت أصوات ألوف مؤلفة بلهجات متعددة تردد "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" في موكب إيماني مهيب لتتردد تلبيتهم من فوق الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 250 مترا عن سطح الأرض بين الجبال المحيطة بعرفات.
واندفعت جموع الحجاج الذين أتوا من كل أنحاء العالم من نحو 177 دولة رجالا ونساء شيوخا وشبابا في لباس الإحرام وألسنتهم تلهج بالدعاء وطلب المغفرة وتردد بلا توقف التلبية في خشوع. وكانت عملية انتقال حجاج بيت الله الحرام من منى إلى عرفات قد تمت بسهولة وانسيابية.
وانتشر الآلاف من عناصر الأمن السعودي في المنطقة، إضافة إلى عشرات الطواقم الطبية وعدد كبير من عمال النظافة الآسيويين. وتم تجنيد نحو 60 ألفا من عناصر الأمن والصحة لمواجهة متطلبات موسم الحج لهذه السنة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألقى في يوم عرفة في التاسع من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة خطبة الوداع الشهيرة قبل نحو شهرين من وفاته.
وأدى الحجاج بعد أن انتظم عقدهم على صعيد عرفات الذي كساه بياض ثياب الإحرام، صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مسجد نمرة بعرفات اقتداء بسنة الرسول.
وغص مسجد نمرة والساحات المحيطة به بجموع المصلين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر على المسجد لأداة الصلاة والاستماع إلى الخطبة التي ألقاها الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام السعودية.
وأكد آل الشيخ في خطبته ضرورة الابتعاد عن الفهم الخاطئ لمفهوم الولاء والبراء والجهاد كما تفعل المجموعات التكفيرية التي تبني على هذه المقولة لارتكاب أعمال إرهابية أو كما يفعل الساعون إلى "إفراغ الألفاظ الشرعية من مضمونها" بدعوى محاربة الإرهاب.
وقال إن "خروج فئة من الناس عن النظام القائم موجود في كل مكان" مشيرا إلى أنه "ليس في ديننا تبرير لأي تصرف عشوائي أو أعمال إجرامية كالفساد أو ما يسمى بالإرهاب الذي هو محرم في شريعة الإسلام".
ودعا إلى "حماية الثوابت الشرعية عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجهالين".
كما دعا أهل الإفتاء إلى "اتقاء الله فيما يفتون" والحرص على شباب الأمة وتجنيبهم "الغلو والتكفير والتفجير" وتربيتهم على "منهج الوسطية".
وخاطب المرأة المسلمة مشددا على أن حريتها ليست في إلغاء الحجاب والاختلاط إنما حقها يكمن في التعليم والالتزام بالشرع.
من جهة أخرى وكما جرت عليه العادة سنويا تم صباح أمس استبدال كسوة الكعبة المشرفة بكسوة جديدة بلغت تكلفتها عشرين مليون ريال.
وكان الحجاج قد بدأوا أمس الأول أداء فريضة الحج بقضاء يوم التروية في وادي منى. ونفر الحجاج مع مغيب شمس أمس إلى المزدلفة وليبيتوا ليلتهم فيها.
وصباح اليوم الثلاثاء أول أيام عيد الأضحى المبارك يتوجه الحجاج إلى منى مرة أخرى في أول أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات ثم نحر الأضاحي قبل الطواف بالكعبة المشرفة (طواف الإفاضة) ثم الحلق أو تقصير الشعر.
وبلغت كمية المياه التي استهلكها مئات آلاف الحجاج أمس في مشعر عرفات مائة ألف متر مكعب.
وتعمل السلطات السعودية, إضافة إلى تلافي حالات التدافع التي تسببت في موسم سنة 2004 في وفاة 251 شخصا وفي 1990 في مقتل 1426 شخصا، على الوقاية من أي أمراض معدية أو أي هجمات إرهابية.
وأكدت وزارة الصحة السعودية أنها لا تخشى مرض إنفلونزا الطيور الذي أوقع ثلاثة قتلى في تركيا وأكثر من 70 قتيلا في جنوب شرق آسيا والصين منذ 2003.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن عدد الحجاج بلغ هذه السنة نحو 2.5 مليون حاج بينهم 1.755 مليون حاج قدموا من خارج السعودية.