توصيف الأطراف المعنية بالمشروع
يتمثل أحد المخاطر الرئيسية التي تؤثر سلباً على التسليم الناجح لأي مشروع في عدم القدرة على تحديد جميع الأطراف المعنية، أو توقعات النجاح أو الفشل الفعلية في إدارة ما يتوقعه طرف معين خلال فترة المشروع. ولا عجب في أن العديد من المشاريع يفشل بكل بساطة لأنه لا يلبي متطلبات وتوقعات الأطراف المعنية الرئيسية أو لأنه يقلل من أهمية تأثير هذه الأطراف على المشروع.
ويمكن أن تسفر الفورة الحالية التي يشهدها القطاع العقاري في منطقة الخليج عن العديد من المشاريع الناجحة أو الفاشلة. ومع أن عوامل عدة ستلعب دوراً في حالات النجاح أو الفشل هذه، إلا أن البحث المتأني سيقودنا إلى نتيجة واحدة مفادها أن عامل "الأطراف المعنية" هو السبب المشترك في جميع هذه الحالات. وتقوم تلك الأطراف المعنية بأدوار مختلفة وتظهر في مراحل مختلفة من حياة المشروع.
وعلى سبيل المثال، فإن الأطراف المعنية بمشروع عقاري تشمل الزبائن، الذين قد يكونون مستأجرين أو مالكين للمنشأة المنجزة؛ والهيئات الحكومية والجهات التنظيمية الأخرى؛ والاستشاريين؛ والمقاولين؛ والموردين الذين سيقومون بتصميم وبناء المشروع؛ والمؤسسات المالية التي ستمول المشروع؛ والمشاريع المنافسة؛ والصحافة والإعلام؛ ومساهمي شركة التطوير العقاري والإدارة وغيرهم.
فضلاً عن حقيقة أن احتياجات وتوقعات الأطراف المعنية تلك قد تختلف تبعاً لما يريده كل طرف من المشروع، فقد تتضارب احتياجات بعض الأطراف مع أطراف أخرى. فالمطور الذي يحاول تحقيق أعلى عائد ممكن على الاستثمار، يرى المصلحة في بيع المشروع بأعلى سعر ممكن وبنائه بأقل تكلفة ممكنة. وهذا يتعارض مع حاجة الزبون الذي يريد امتلاك أو استئجار العقار المنجز بأقل سعر ممكن من جهة، ومع المقاولين والموردين الذين سيقومون ببناء المشروع من جهة ثانية. وقد يكون هذا التضارب لمصلحة طرف ثالث، مثل المنافسين.
ومن المسائل الحساسة أيضاً التي تزيد التأثير الذي قد يكون للأطراف المعنية على نجاح المشروع، نفوذ بعض الأطراف والأفعال التي قد تمارسها هذه الأطراف على الآخرين. فالاهتمام المتزايد بامتلاك عقار في منطقة الخليج يمكن أن يعزى بشكل عام إلى تعديل قوانين الملكية العقارية. فلو بقيت تلك القوانين لا تجيز التملك الحر، لكان قرار الزبائن بالتملك تأثر بشكل كبير. يضاف إلى ذلك، أن المؤسسات المالية التي تزود الزبائن بخيارات تمويل عقاري منافسة تقدم مثالاً حياً على الأطراف المعنية التي يمكن أن تؤثر على قرار وأفعال تلك الأطراف المتملكة.
وتتطلب الإدارة الفاعلة للأطراف المعنية بالمشروع إلى أن يمتلك مدير المشروع الفهم الواضح لاحتياجات هذه الأطراف وتأثيرهم على المشروع، مما سيتيح له إدارة العلاقات مع تلك الأطراف بطريقة تقلص مخاطر الفشل.
أما الخطوة الأولى لإدارة تلك الأطراف، فتتمثل في أن يطور مدير المشروع توصيفا شاملا عن كل طرف يتم تحديده كعامل مؤثر على المشروع. وسوف يلخص هذا التوصيف التأثير الذي يمتلكه الطرف المعني على معايير نجاح المشروع، التي قد تشمل متطلبات المشروع، وعمليات المشروع، والموارد المالية وخلافها، وأداء المشروع وما إلى ذلك. وقد تختلف درجة تأثير كل طرف على متطلبات المشروع من "طفيفة" أو "معدومة" إلى "حرجة". يضاف إلى ذلك، أن التوصيف سيفصل مستوى المصلحة التي قد تكون لذلك الطرف فيما سينتج عن تسليم المشروع. وقد يتدرج مستوى المصلحة بين "منخفض" و"مرتفع".
وسيتيح التوصيف الشامل عن الأطراف المعنية لمدير المشروع اتخاذ القرار بشأن الأسلوب الأنسب لإدارة احتياجات ومتطلبات الأطراف المعنية بفاعلية وكذلك توقعاتهم من المشروع.