الغذاء وتقوية الذاكرة

يعتقد معظم الناس أن الغذاء يولد مع الإنسان، وينمو ويتطور ببلوغه، ولكن هناك عوامل عديدة تساعد على تطور ونمو الذكاء في الإنسان، وقبل الخوض في ذلك لابد أن نعرج على الدماغ والجهاز العصبي؛ حيث إنها شبكة من الخلايا العصبية nourones وهي خلايا تتصل ببعضها بواسطة شبكة هائلة من التوصيلات والنهايات العصبية وهي التي تساعد على تحقيق سرعة كبيرة في سريان النبضات العصبية بين خلايا المخ، ويعتقد أن التفكير يمثل نمطا من النشاط من خلال هذه الشبكة.
إن الدماغ والنهايات العصبية تتأثر تأثرا كبيرا بما يتناوله الإنسان من أغذية متنوعة؛ لذا فإن تطور وتحسن الأداء الفكري يرتبط ارتباطا قويا بالغذاء، فقد أظهرت دراسات أجريت على مجموعة من الطلبة أن نسبة الذكاء ترتفع عند الطلاب الذين أعطوا جرعات عالية من فيتامين c.
كذلك لوحظ انخفاض الأداء الفكري والتحصيل الدراسي لدى الطلبة الذين يعانون من فقر الدم (نقص مستوى الحديد في الهيموجلوبين) حيث ارتبط ارتفاع معدل الذكاء بزيادة مستوى الحديد في الدم، كما أن معدل الذكاء يزداد في حالة تناول فيتامين c حيث إن هذا الفيتامين يعمل على سرعة امتصاص الحديد في الدم، كذلك تلعب بعض العناصر الغذائية دورا مهما في تحسين مستوى الذكاء وزيادة قوة الذاكرة فوجد أن الزنك -وهو من المعادن التي يحتاج إليها الجسم بكميات ضئيلة- يساعد على زيادة القدرة على التعلم وتحسين الذاكرة، كذلك وجد أن عنصري اليود والفوسفور يساعدان على تحسين الذاكرة وتنميتها، وهذان العنصران يوجدان في الأطعمة البحرية حيث تحتوي على مادة dimethylaminoethanil، وكذلك في اللحوم والحبوب، أما الصوديوم والبوتاسيوم فهما يلعبان دورا مهما في التعلم؛ حيث يعمل التبادل الأيوني لهذين العنصرين مع الكالسيوم في الخلايا والموصلات العصبية على إفراز المواد العصبية الناقلة، ولوحظ أيضا أن الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم ترتفع لديهم معدلات الذكاء عن الأطفال الآخرين؛ وذلك لاحتواء حليب الأم على بعض الأحماض الدهنية الأساسية التي تعمل على نمو الدماغ.
إن عملية تعزيز وتحسين الذاكرة وزيادة الذكاء تحتاج إلى العديد من المغذيات الأخرى التي يجب أن يتناولها الإنسان وخاصة في المراحل الأولى من الحمل، حيث إن النقص الشديد لبعض المغذيات كحمض الفوليك من الأمور التي تؤدي إلى حدوث تشوهات في الجهاز العصبي للجنين كعدم نمو نصفي المخ الكرويين مما يؤدي إلى وفاة الطفل أو حدوث تخلف عقلي له. في المقابل هناك من العوامل التي تساعد على خفض معدلات الذكاء والذاكرة كالتسمم بالمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق، حيث إن التسمم بهذه المعادن له تأثير كبير على أنسجة المخ مما يؤدي إلى ضعف الذاكرة وخاصة في حالة تناول الأطفال أغذية ملوثة بمركبات الرصاص؛ إذ تعمل على إعاقة نموهم وإصابتهم بالتخلف العقلي، كذلك تعمل الأغذية والمشروبات الغنية بالكافيين كالقهوة ومشروبات الطاقة على خفض معدلات الذكاء وانخفاض مستوى الأداء الفكري للفرد.

*متخصصة في التغذية.