السفير الأوزبكي: السعودية تعاملت مع الأزمة المالية بحنكة وحكمة
نوه "عليشير قادروف" سفير أوزبكستان "سفير فوق العادة" في السعودية بنجاح المملكة في التعامل مع الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن القيادة والحكومة استطاعت تجاوز هذه الأزمة التي عصفت بكثير من البلدان، مشيرا إلى أن الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كونت اقتصادا قويا متينا ثابتا تستطيع به مواجهة أي تداعيات أو تحديات اقتصادية مالية عالمية. وقال إن المملكة طورت اقتصادا حقيقيا على أرض الواقع، والسياسة الاقتصادية والمالية التي نهجتها تؤكد أن هذه القيادة تملك الحكمة والحنكة في تجاوز هذه الأزمة المالية، ولهذا فنحن نتوقع أن تخرج المملكة من هذه الأزمة المالية العالمية بنتائج جيدة، مؤكدة تلك المتانة والأهمية للاقتصاد السعودي من خلال مشاركة المملكة ضمن أعمال مجموعة العشرين الاقتصادية.
وأوضح السفير الأوزبكي في حواره مع "الاقتصادية" أن الحكومة الأوزبكية تولي العلاقة مع المملكة أهمية كبرى، خاصة وأن السعودية من أولى الدول التي اعترفت باستقلال أوزبكستان. إلى نص الحوار:
كيف تصفون علاقتكم بالمملكة؟
نحن نولي موضوع تطوير العلاقات مع المملكة أهمية خاصة حيث تشهد هذه العلاقات الثنائية تنمية مستدامة من سنة إلى أخرى، وأسس لهذا التعاون اتفاقية في مجال التجارة والاقتصاد والاستثمار والأعمال الحرة، والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والرياضة، واتفاقية التعاون حول تجنب الازدواج الضريبي التي وقعت في عام 2008، واتفاقية التعاون بشأن الخدمات الجوية المبرمة في نيسان (أبريل) عام 2009. وهناك اتفاقية التعاون حول حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة على قيد الاستعداد للتوقيع إضافة إلى اتفاقية التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وغيرها من مشاريع الاتفاقيات. وتعاون المملكة العربية السعودية وجمهورية أوزبكستان في الوقت الراهن وتنسيق أعمالهما يأتي في إطار المنظمات الدولية والإقليمية أمثال هيئة الأمم المتحدة وكياناتها، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، وفريق التنسيق العربي. على وجه الخصوص، في اجتماع مجموعة التنسيق العربية الذي عقد عام 2007 في طشقند، تم التوصل إلى اتفاق على جذب الاستثمارات حجمها 800 مليون دولار لتنفيذ 20 مشروعا في مجالات الصحة والتعليم والطاقة والنقل والبنى التحتية في أوزبكستان وذلك بمساهمة الصندوق السعودي للتنمية، وقد بدأت الأعمال لتنفيذ هذه المشاريع في عام 2008. ونعتقد أن اللجنة الحكومية الأوزبكية - السعودية المشتركة التي شُكّلت بقرار القيادة العليا في المملكة العربية السعودية وأوزبكستان، تعتبر آلية مهمة لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين و من المتوقع عقد اجتماعات دورتها القادمة قريباً.
كيف ترون إمكانية التعاون الاقتصادي مع المملكة؟
بالطبع إمكانات المملكة العربية السعودية الاقتصادية كبيرة جدا، يقابلها توافر الموارد الطبيعية في أوزبكستان، وموقعها الجغرافي، وإن إنشاء الإطار القانوني للاستثمار والنشاط التجاري، يتيح فرصا كبيرة لتطوير العلاقات الثنائية مع جمهورية أوزبكستان.
في رأينا إن هذه الخطوة مثمرة ومفيدة لاتجاهات التعاون بين بلدينا خاصة أن هناك مساعي جيدة للتعاون في النظم المالية والمصرفية والاستثمارية، وتوسيع العلاقات بين المؤسسات المالية والمصارف يلعب دورا في تعزيز نمو الاستثمارات المتبادلة والتجارة.
ومن المميزات توافر المواد الخام من أوزبكستان، ويمكن للمال السعودي أن يكون هناك شراكة في مجال استكشاف واستخراج ومعالجة النفط والغاز وغيرها من المواد الخام. إضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة أيضا إلى احتمال ارتفاع فعالية جذب الاستثمارات من المملكة العربية السعودية في استخراج وتصنيع السكك الحديدية والمعادن الثمينة. كما تعلمون، في أوزبكستان هناك رواسب كبيرة من الذهب والفضة والنحاس، الموليبدينوم، التنغستن واليورانيوم والمعادن الأخرى والعقيدات المتعددة. وهناك لدينا الطبيعية والظروف المناخية، وتوافر المميزات الفريدة والتاريخية والدينية، فضلا عن الأوضاع القائمة من أجل السياحة والترفيه والرياضات الشتوية الترفيهية.
زراعيا .. هل هناك تعاون بين البلدين؟
أعتقد أن لدى بلدينا طاقات كبيرة للتعاون في القطاع الزراعي، وهذا القطاع يشكل ما يقرب من 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه النسبة تعتبر كبيرة بالنظر إلى أنها حدثت خلال فترة قصيرة. أوزبكستان منذ سنوات عديدة تعد كدولة واحدة من أكبر مصدري القطن والذهب، وإضافة إلى هذه الصادرات التقليدية يجب أن يضاف أن سياراتنا في الأسواق سريعة النمو في روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة الأخرى وأصبحت أكثر بيع السيارات الأجنبية. وأخيرا، أود أن أشير إلى أنه في يوم 2 كانون (ديسمبر) 2008. اعتمد إنشاء منطقة تجارة حرة في نافوي المنطقة.
- تشكل الأزمة العالمية محور الاهتمام العالمي حاليا .. هل أثرت على بلدكم؟
الركود الاقتصادي وارتفاع البطالة، وتدهور مستوى معيشة الناس هذه ليست سوى بعض "عناصر" الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وتعاني عواقبها اليوم جميع بلدان العالم تقريبا، وبطبيعة الحال، كان لها أثر سلبي في اقتصاد أوزبكستان، ولكن رغم ذلك استطاعت البلاد تجاوز تأثيرات الأزمة المالية بل إنها أنهت السنة بمؤشرات إيجابية، إذ إنه في عام 2008م زاد إجمالي المنتج الداخلي وبلغ 109 في المائة، وبلغت سرعة التطور في الصناعة 112،7 في المائة ومنها في إنتاج المواد الاستهلاكية - 117،7 في المائة، وقطاع الخدمات 21،3 في المائة.
وأوزبكستان كونها جزءا من المساحة الاقتصادية العالمية المتكاملة من إحدى الدول الأوائل التي بدأت في النصف الثاني من عام 2008م إعداد برنامج الإجراءات المضادة للأزمة آخذا بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية المعينة، حيث تم تشكيل اللجنة الحكومية والفرق في المناطق لمتابعة إنجاز البرنامج، ووُجهت مجموعة التدابير للبرنامج المضاد للأزمة إلى معالجة القضايا التالية، من خلال الإسراع في تجديد المرافق وتجهيزها الفني والتقني، وإدراج التكنولوجيا المرنة الحديثة، ويخص هذا الأمر قبل كل شيء فروع الاقتصاد الموجهة للتصدير. كذلك تحقيق الإجراءات الموجهة إلى دعم المرافق المصدِّرة في ضمان قابليتها للتنافس في الأسواق الخارجية، وأيضا رفع تنافسية المرافق على حساب تنفيذ نظام التوفير وتحفيز تخفيض المصروفات الإنتاجية وتكلفة المنتج، ومنها كذلك تحقيق الإجراءات حول تجديد الطاقة الكهربائية، تخفيض استخدام الطاقة وتطبيق نظام التوفير للطاقة، وأيضا من التدابير دعم المنتجين الوطنيين في الحفاظ على السرعة العالية للتنمية الاقتصادية من خلال تحفيز الطلب في السوق الداخلية.
ماذا عن القطاع المصرفي في أوزبكستان؟
من أهم إنجازات القطاع المصرفي الأوزبكي في العام الماضي كان الحصول على (تقييم) "مستقر" من وكالة "موديز" العالمية للتقييم في ثلاثة مواقف: استقرار النظام المصرفي المالي؛ الإيداع طويل المدى في العملة المحلية؛ الإيداع طويل المدى في العملة الأجنبية. كما جاء في تقرير الوكالة: وأعطت وكالة "موديز" تقييما إيجابيا للمصرفين وهما البنك الوطني للنشاط الاقتصادي الخارجي ومصرف "غلّا بنك"، وقيّمت وكالة أخرى وهي وكالة "فيتش" العالمية للتقييم بنوك الجمهورية مثل "بختا بنك" و"حمكار بنك" وأوزبرومستروي بنك"، و"أساكا بنك" تقييما إيجابيا.
وكذلك تجدر الإشارة إلى أن إجمالي الديون الخارجية لأوزبكستان في 1 كانون الثاني (يناير) عام 2009م يبلغ 13،3 في المائة من إجمالي المحلي ويعتبر "أقل من معتدل" حسب التصنيف العالمي، لذا فإن تحليل الأوضاع الحالية في أوزبكستان يؤكد إمكانية وأهمية حيوية لاستمرار برنامج البلاد للتجديد الموجه إلى ضمان رفاهية الشعب قبل كل شيء وتنافسية الاقتصاد الوطني في الأسواق العالمية.
ما خطواتكم نحو تعميق المناخ الاستثماري؟
منذ أول أيام الاستقلال في بلدنا يسير العمل المنظم لإنشاء وتكميل المناخ الاستثماري الملائم، وتهيئة ظروف مريحة لنشاط المستثمرين الأجانب وحماية حقوقهم، وبطبيعة الحال، في إطار المقال الواحد ومن المستحيل أن يقدم كلا من هذه القضايا. وسوف أشير فقط إلى بعض التشريعات والضمانات القانونية والمالية والأفضليات الضريبية المتاحة للمستثمرين الأجانب في أوزبكستان، وقبل كل شيء، تجدر الإشارة إلى أنه تم عندنا اعتماد قانون خاص «حول الضمانات والتدابير لحماية حقوق المستثمرين الأجانب»، والذي ينص على سلامة وحماية حقوق وممتلكات المستثمرين الأجانب، ويطبَّق تجاه مستثمر أجنبي لمدة 10 سنوات من تاريخ الاستثمار نفس القانون الساري في تاريخ الاستثمار. للمستثمر الأجنبي له الحق حسب رغبته في تطبيق أحكام التشريعات الجديدة التي تساعده على تحسين شروط استثماره، وعلاوة على ذلك، تُضمن حرية العودة أو إعادة استثمار الأرباح من الاستثمارات دون أي قيود.
وفضلا عن ذلك هناك شبكة واسعة من الامتيازات والأفضليات الضريبية قد خلقنا مناخا أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالمُنتج الوطني. وهكذا، فإن الشركات التي أنشئت في أوزبكستان بمشاركة رأس المال الأجنبي، تٌعفى من ضريبة الدخل من 3 إلى 7 سنوات ومن ضريبة الأملاك لمدة سنتين، وفضلا عن الرسوم الجمركية على الواردات من المعدات التكنولوجية، حيث يستطيع المستثمرون الأجانب المشاركة في خصخصة المشاريع التابعة لجميع قطاعات الاقتصاد.
على ماذا تتكئون في قضية جذب الاستثمارات؟
أوزبكستان جاذبة للاستثمار الأجنبي من حيث موقعها الجغرافي، لذلك مع الأخذ في الاعتبار موقع أوزبكستان الجغرافي الاستراتيجي في وسط آسيا الوسطى، استطاعت في وقت قصير دمج طرقها المسفلتة وسككها الحديدية مع الطرق وممرات النقل الدولي بين أوروبا وآسيا، وتم تنظيم رحلات جوية مباشرة مع جميع القارات وأكبر مدن العالم، مما يمكن أوزبكستان من أن تصبح مركزا لوجستيا ضخما لاختراق أسواق بلدان رابطة الدول المستقلة، والبلدان الأوروبية إلى جانب بلدان آسيا المركزية و جنوب آسيا، إضافة إلى أن أوزبكستان جذابة من حيث وجود الأيدي العاملة ذات الكفاءة والمهارة. إن نظام التعليم المستمر الذي تبنى به في إطار البرنامج الوطني الخاص للتدريب، أمكن توفير المعرفة بالقراءة والكتابة بنسبة 100 في المائة من السكان. وتوجد في أوزبكستان شبكة واسعة ومتطورة من المؤسسات التعليمية والعلمية بما فيها من معاهد البحوث المتخصصة فضلا عن الجامعات ذات التخصصات المتعددة التي تعتبر قاعدة قوية لتحديث و تنمية البلد وإعداد المهندسين والباحثين ذوي المؤهلات العالية.
إن هذه الإمكانيات مكنت أوزبكستان من أن تصبح بلدا أكثر جذبا للاستثمار الأجنبي في آسيا الوسطى. هناك في أوزبكستان أكثر من 3500 مشروع مشترك في الوقت الحاضر. في السنوات الثلاث الأخيرة تضاعف حجم رأس المال الأجنبي المباشر الذي تم استثماره بأربعة أضاعف. يمثل رأس المال الأجنبي المباشر المستثمر به 76 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية. ويبلغ اليوم حجم رأس المال الأجنبي المستثمر به أكثر من 20 مليار دولار أمريكي بشكل عام.
- ما التوزيع الاستثماري للأنشطة الاقتصادية؟
في التوزيع القطاعي من جميع رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة نحو 30 في المائة منها تم تخصيصها لتنفيذ المشاريع في مجال استكشاف وتطوير حقول النفط والغاز و15 في المائة لتنمية أنظمة المعلومات والمواصلات و13 في المائة لمشاريع النسيج والغزل و7 في المائة للقطاع المالي.على سبيل المثال، في عام 2008، تم استثمار نحو 1,7 مليار دولار أمريكي بزيادة قدرها 46 في المائة مقابل عام 2007. ومن المهم جدا أنه 74 في المائة من الاستثمار الأجنبي العام هو حصة الاستثمار المباشر. على الرغم من استمرار الأزمة العالمية، ويتوقع أن يزيد حجم الاستثمار الأجنبي في عام 2009 في اقتصاد بلدنا على 1,8 مليار دولار، منها أكثر من ثلاثة أرباع هو الاستثمار المباشر.