مرصد الرياض الحضري.. يحدد مكامن القوة ومواضع الضعف في تنمية المدينة
بدأت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، خطواتها لتأسيس مرصد حضري لمدينة الرياض من شأنه العمل على توضيح الطريق وإضاءته لصناع القرار والمخططين، وتمكينهم من صياغة سياسات تقود إلى تنمية حضرية مستدامة في المدينة، مستندة في ذلك إلى برنامج ''المؤشرات الحضرية'' المعمول به في الهيئة منذ عدة أعوام، كأساس وقاعدة لتأسيس المرصد الحضري الجديد للمدينة.
تأتي هذه الخطوات تلبية لحاجة المدينة إلى وجود مرصد حضري يتعاطى مع المدينة كوحدة تحليلية شاملة، ويقوم بالتنسيق بين مصادر المعلومات المختلفة فيها، ليجمع البيانات منها، ويعالجها، ويحللها، ويديرها، ليستخلص منها نتائجه.
ففي ظل الازدياد المطرد والمتصاعد لنسبة التحضر في المملكة التي تفوق 70 في المائة، ازدادت الحاجة إلى الاهتمام بالمنظومة الحضرية لمدينة الرياض، والتعامل معها بصفتها وحدة شاملة تنصهر فيها جميع العوامل الإنمائية، سواء كانت هذه العوامل عمرانية أو سكانية أو اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية أو ثقافية، في الوقت الذي تتفاعل معها جميع القطاعات الزراعية والصناعية والحرفية والخدمية والتجارية والسكانية والإسكانية، بما يحقق التعامل مع جميع الشرائح الاجتماعية بالحيز الجغرافي المحدد، ويحسن من تنميتها، على اعتبار ذلك أحد أسس :التنمية الشاملة''.
فمدينة الرياض تحتضن أعلى نسبة من سكان المملكة، وتشهد عمليات نمو متزايدة وتوسع مستمر، ويصعب مع هذا القدر عمليات النمو والتوسع في الحجم والسكان، وضع السياسات أو اتخاذ القرارات أو رسم الخطط من دون الرجوع إلى مؤشرات دقيقة ومتكاملة لجميع العوامل الإنمائية: العمرانية منها والسكانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
فهذه المؤشرات الحضرية المتكاملة والدقيقة، تعمل على توضيح الطريق وإضاءته لصناع القرار والمخططين، وتمكينهم من صياغة سياسات تقود إلى تنمية حضرية مستدامة في المدينة.
ومن هذا المنطلق، فإن مدينة الرياض بحاجة إلى وجود مرصد حضري يأخذ المدينة كوحدة تحليلية شاملة، ويقوم بالتنسيق بين مصادر المعلومات المختلفة فيها، ليجمع البيانات منها، ويعالجها، ويحللها، ويديرها، ليستخلص منها نتائجه.
فالمرصد الحضري إلى جانب رصده الدائم لسير عمليات التنمية الحضرية لمدينة الرياض في جميع جوانبها، يعد إطاراً معلوماتياً يحول البيانات والمعلومات إلى مجموعة من المؤشرات الحضرية الشاملة لكل ما يختص بإعداد السياسات الإنمائية لمدينة الرياض كوحدة شاملة بجميع حلقاتها، في عملية حيوية ومستمرة لمقابلة المتغيرات المستجدة وذات الإيقاع السريع، فضلا عن تسهيل أعمال متابعة تطبيق الخطط والسياسات، ومراقبة الإنجاز.
#2#
#3#
وامتدادا لتجربة الهيئة في تكوين قواعد البيانات الحضرية، وتأسيس نظام معلوماتي شامل ومتجدد يكتنز بدراسات وبيانات وإحصاءات مختلف القطاعات في المدينة، فقد انطلقت في سعيها لإنشاء مرصد الرياض الحضري من حيث انتهت إليه في الجوانب المعلوماتية والتقنية، إذ جعلت الهيئة من برنامج ''المؤشرات الحضرية'' المعمول به في الهيئة منذ عدة أعوام، أساسا وقاعدة لتأسيس المرصد الحضري الجديد للمدينة.
وأصدرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، مجموعة من المؤشرات الحضرية للقطاعات السكانية والاقتصادية والعمرانية والنقل واستعمالات الأراضي في المدينة، بهدف تقديم صورة مركزة عن واقع هذه القطاعات، والنمو الذي شهدته، وذلك وفقا لتحليل دقيق للبيانات والمعلومات حول كل قطاع من القطاعات المختارة.
وتشكل المؤشرات الحضرية قمة هرم قواعد المعلومات، حيث تشكل قاعدة الهرم من مرحلة جمع البيانات الخام، التي تستخلص منها الإحصائيات التي يجري استخدامها في المخططات الرئيسة والدراسات الاستراتيجية والتقارير الأولية، فيما تعلو المؤشرات قمة هرم المعلوماتية وذلك لصلتها المباشرة بإعداد السياسات التنموية ومتابعة تقويمها.
ويقصد بـ (المؤشر الحضري) ملخص المعلومات حول موضوع معين، أو الإشارة إلى إشكالية معينة، ويتصف المؤشر بمعلوماته المبسطة، وتصويره للظاهرة المراد التعبير عنها بدقة متناهية.
وتشمل المؤشرات الحضرية الصادرة لمدينة الرياض، القطاعات السكانية والاقتصادية والعمرانية والنقل، فيما سيتم إضافة المزيد من المؤشرات إلى قطاعات أخرى في المدينة مستقبلا.
ويعرف المرصد الحضري بأنه جهاز مستقل ومتخصص يعمل بمشاركة كلا من القطاعين العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لينتج إطارا للمؤشرات يعبر عن اهتمامات هذه القطاعات في مسار عملية تنمية المدن الحضرية ويساعد على تحديد أولوياتها.
ويستخلص المرصد من خلال هذا الإطار مؤشرات كمية ونوعية بعضها يقيس الأهداف، وأخرى تقيس الأداء لجميع القطاعات والفئات بهدف تحقيق المقاصد التي تلبي احتياجات السكان في المدن.
وتتمحور مهمة إدارة المرصد حول جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة لحساب المؤشرات، ومن ثم تحليلها ودراستها لتوضيح مكامن القوة ومواضع الضعف والفرص المتاحة لتنمية المدينة، وتحديد المخاطر التي تعوقها، ويجري كل ذلك لدعم عملية إعداد السياسات والخطط والبرامج للتنمية الحضرية للمدينة.
كما يتولى المرصد الحضري عملية المتابعة ومراقبة تنفيذ تلك الخطط والبرامج والمشاريع، والأداء المالي لها، عن طريق المؤشرات التي تقيس الأداء.
كما يقوم المرصد بتقييم الآثار المتوقعة وغير المتوقعة، بهدف مراجعة دورة إعداد السياسات والخطط والبرامج والميزانيات المستقبلية، في عملية حيوية ومستمرة، عن طريق توفير قاعدة معلومات للمؤشرات متجددة لمقابلة المتغيرات والتغيرات السريعة معدلاً وإيقاعاً، ليصبح تحليل هذه المؤشرات في نهاية الأمر هو المرجع الأساسي لمتخذي القرار على المستوى الحضري.
المؤشرات الحضرية
- قامت مجموعة من الخبراء فى التنمية الحضرية المستدامة برعاية من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ، بإعداد إطار يتضمن (46 مؤشرا) اساسيا، يعبر عن أهم العوامل الحضرية بكل المستويات العالمية والأقليمية والوطنية والمحلية.
- وأضيفت لها فى عام 1998 (خمسة مؤشرات) أخرى، بهدف التمكن من حساب دليل التنمية البشرية وقياس فاعلية المجتمع المدنى، وقلص بعد ذلك عدد المؤشرات إلى (32 مؤشرا) كحد أدنى وذلك لعدم تمكن عدد كبير من المدن من توفيرها وتطبيقها، ومع هذا لا يزال إطار الـ (51 مؤشرا) هو الأفضل لعكس تغيرات وتائر وأنماط التحضر الأساسية.
وأكد خبراء برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أهمية توفير حزمة معقولة العدد من المؤشرات إلى إطار المؤشرات على أن تعكس خصوصية الوضع الحضرى المعين للمدينة, أو المنطقة, أو الدولة ، أو الإقليم).
الخصائص الأساسية للمؤشرات
- أن يعبر عنها بأرقـام أو معـدلات أو نسـب، تعكس الأوضـاع والوتائر الحضريـة العمرانيـة والديموغرافية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية للمدينة.
- أن تكون ذات صلة مباشرة بإعداد السياسات والبرامج ومتابعة تنفيذها.
- أن تكون واضحة وسهلة الفهم وتعبر بدقة عن المراد قياسه.
- أن تكون قادرة على قياس التغييرات فى العوامل الحضرية .
- ان تكون مستمدة من بيانات موثوق بها إحصائيا.
التخطيط القطاعي المنفرد
ترجع أهمية المراصد الحضرية إلى أنها البديل لما تأكد بالتجارب العالمية من فشل عملية ''التخطيط القطاعي الأحادي المنفرد'' في تنمية المدن الحضرية – سواء كان الزراعي منه، أو الصناعي، أو التجاري، أو الخدمي، أو البيئي، أو للنقل، أو للبنية التحتية، وغيرها.
وبديلا لهذا النهج، تقوم المراصد الحضرية بمعاملة المدينة، كوحدة تحليلية متكاملة متداخلة القطاعات والفئات، ومتفاعلة اقتصادياً وعمرانياً وبيئياً واجتماعياً وثقافياً في بوتقة تنصهر فيها جميع العوامل الإنمائية.
ومن هذا المنطلق يعد المرصد الحضري ''آلية تشاركية'' مع جميع القطاعات الحكومية والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية، والتي يتعين أن تعمل مجتمعة لإدارة تنمية التجمعات الحضرية بطريقة تؤدي إلى تحقيق الأهداف المقصودة لمقابلة الاحتياجـات المتجـددة والمتنامية للسكان.
وبهذا المفهوم فإن المرصد الحضري يعتبر ''آلية تنسيقية'' ونقطة التقاء وارتكاز محورية بين الجهات المنتجة للبيانات، والجهات المستفيدة والمستخدمة لهذه البيانات، بهدف أن يكون الناتج من تفاعل الشركاء (القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني) موحداً للمصالح, بطريقة مستدامة في إطار ما يعرف بعملية التخطيط المستمر.
وتتعدد مهام المراصد الحضرية الأساسية لكن أهمها يشمل:
تشجيع وتيسير عملية المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني عن طريق اجتماعات ولقاءات وحلقات نقاش متعددة، إعداد إطار لمؤشرات التنمية الحضرية يؤدي إلى تشخيص الوضع الحضري الراهن ومساره، وتطوير وتعريف المؤشرات وجمع بياناتها وحسابها وبناء قاعدة المعلومات الخاصة بها، تشجيع وتطوير سياسات التنمية الحضرية وبرامجها ومشاريعها وميزانياتها بحيث تستجيب لاحتياجات السكان الماسة ومجابهة المشاكل والمتغيرات المستجدة، إلى جانب إعداد إطار منتظم وقابل للتحديث لتحليل المؤشرات حسب المتغيرات المستجدة ويمكّن من المقارنة بين أوضاع المدن في القطر والإقليم والمستوى العالمي، إعداد الدراسات والتقارير الدورية للوضع الحضري في المدينة، والقيام بحملات توعية تعليمية وإعلامية مستمرة بكل الوسائل المتاحة؛ مقروءة ومسموعة ومرئية، ونقل وتوطين أفضل الممارسات عن طريق التواصل بشبكة المرصد الحضري العالمي التابع لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في نيروبي والمراصد الحضرية الإقليمية والوطنية والمحلية في العالم, وبالأخص ذات الصلة بالوطن العربي.
وضع خطة عمل في إطار منطقي يوضح الأنشطة، ومن يقوم بها، وبجدولة زمنية، بالإضافة إلى إعداد ميزانية للتأسيس والتشغيل.
ولكون إنشاء المرصد وتشغيله، يتطلب المشاركة والتنسيق والتعاون بين واضعي السياسات، والمختصين من القطاعين الحكومي والخاص إضافة إلى الجمعيات المدنية، شرعت الهيئة في عمليات التنسيق بين هذه الجهات بشأن المرصد، وقد جاءت ورشة العمل التعريفية بالمرصد التي نظمتها الهيئة أخيراً، كجزء من هذه العملية التشاورية التي دأبت الهيئة على اتباعها منذ تأسيسها في مختلف البرامج والخطط والمشاريع التي تقوم عليها في المدينة.
وضمت قائمة الشركاء في المراصد الحضرية من المؤسسات الحكومية ذات الصلة مؤسسات المجتمع المحلي المدنية والمنظمات الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام بهذا المجال، فيما ضمت القائمة من القطاع الخاص كلا من المعهد العربي لإنماء المدن، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.