جائزة الشارقة للإبداع العربي تصدر كتاب "فضاءات مغايرة للمعنى الشِّعري" للناقد عبدالكريم الزيباري
صدرَ عن أمانة جائزة الشارقة للإبداع العربي الإصدار الأول، الدورة 12، لسنة 2008، كتاب "فضاءات مغايرة للمعنى الشِّعري" للناقد عبدالكريم يحيى الزيباري وهو الكتاب الفائز بالمرتبة الثانية في مجال النقد الأدبي، في 300 صفحة، ويتألف الكتاب من أربعة فصول، الفصل الأول: روغان المعنى الشِّعري، ويتكون من ثلاثة مباحث هي (النُّبُّوَّة الشِّعرية، بين الممكن والممتنع، بين التناقضات والأضداد) والفصل الثاني: دورة المعنى الشِّعري، ويتكون من أربعة مباحث(المعنى عند الجاحظ، المعنى عند قدامة بن جعفر، المعنى عند الفارابي، المعنى قبل دريدا وبعده) والفصل الثالث: متاهة اللامعنى، ويتكون من أربعة مباحث(مجد الغموض، جنون المعنى العبثي، انتفاضة المعنى الضال، مغزى المعاني المكررة، والفصل الرابع: محرِّكات البحث عن المعنى، ويتكون من ثلاثة مباحث(المحرك التفكيكي، وتناول فيه الشاعر شيركو بيكس أنموذجاً، والمبحث الثاني: إشكالية العلائق المتحركة للصورة، وتناول فيه الشاعر حسن سليفاني أنموذجاً: والمبحث الثالث والأخير المعاني الاستفزازية).
ومما جاء في مقدمة الكتاب(عدا اكتشاف معانٍ جديدة ليس ثَمَّةَ ما يُدْهِشْ في القراءة، و"عدا القراءة ليس ثمَّةَ ما يدهش كالحياة"، وليس للنفسِ ثَمَّةٌ، فَتُدْرِكُها، إلا في منطقةٍ بين الشيءِ ومعناهُ، والاسم صلة الوصل بينهما:
كالْبَدْرِ، كالشَّمْسِ، كَسُحُبٍ في كَبَدِ السَّمَاءِ، كالنهَرِ، كالشَّجَرِ، كَعُشْبٍ في قاعِ الْبَحْرِ، كغيمةٍ من تلك السَّحَابِ أَمْثَالَ الْجِبَالِ تسبحُ، كخيامِ شعبٍ على هامش الْحَرْبِ تَشَرَّد...
وهكذا حيثما التفتَ، ولو أغمضتَ عينيك، أو استغرقتَ في نومٍ عميق: تُهَدِّي إليك الحياةُ صوراً تتدفَّقُ منها معانٍ متعانقة، ترتبط بعلائق وثيقة مع معانٍ أُخَرْ مُتَرسِّبَة في ذاكرة المعاني، كالمعاني المطروحة في الشارع، يحيلها الشاعر الفنّان إلى لآلئ، يوافي بها عند قبة الأفقِ، قارئاً نائلاً غيرُ وَسْنَانْ، يُلاعِبُ الدالَ، لِينحازَ لَهُ حَظُّ الدلالةِ أَجْمَعُ.
المعنى الشِّعري كالموت، حكمٌ مُؤجَّلْ، حياته في تأجيله، وقد ينقلب إلى خواطر ووساوس يختلط فيها الغثُّ بالسمين، يقول دي سوسير(اللغة لا تخطئ أبداً، بل تتبنَّى وجهة نظر مختلفة)
فردينان دي سوسير- علم اللغة العام- ترجمة د.يوئيل يوسف- سلسلة آفاق عربية- 1985- بغداد- ص206. وعلى القارئ أن يستمر في البحث عن الاختلاف، ويتذكر أنَّ جميع ما يستنبطهُ من معانٍ، لا تكفي، لأنَّها ليست كلُّ المعاني، ففي عملية الفهم هناك دائماً معانٍ أخرى، وهناك دائماً معنًى مؤجَّل أو إضافي أو غائب يَنْتَظِرُ مُغامِراً يُخْرِجُهُ من القمقم، قد يكون المعنى ما عناه الكاتب وذهب إليه، وقد يكون ما استنبطه القارئ: قد يكون متعلَّقاً بسياق النص، وغالباً ما يكون كامناً متحرِّكاً ذا علائق متشابكة، سابحاً في خفايا الكون، والمغزى الغائر ليس في الأشياء ذاتها، بل في العلاقات المتغيرة التي قد نلاحظها بين الأشياء، وإذا كان الأسلوب هو كلُّ ما يجعلُ النص الشِّعري فردياً، فإنَّ المعنى هو كل ما يجعلُ النص الشِّعري مشتركَاً مع كلِّ الأشياء الأخرى، كمثال سوسير: الشارع الذي هدمته الحرب، وأُعيد تعميره، يعتبره الناس: الشارع عينه، لأنَّ علاقته بالشوارع المحيطة لم تتغير.