شباب الفيسبوك

تحاصرنا التقنية اليوم من كل مكان فما إن تنتهي من مكالمة على الهاتف الثابت إلا وتجد مكالمة أخرى لم ترد عليها على الجوال فإذا ما قمت بالرد على المكالمة وجدت رسالة هاتفية تصل على جوالك وتحتاج منك إلى الرد فإذا ما بدأت في كتابة الرد على تلك الرسالة تفاجأ بوصول إيميل مهم يجب أن تطلع عليه وتعرف مضمونه، وهكذا تشعر وكأنك في حلقة مفرغة تبدأ وتنتهي عند نقطة واحدة وهي وسائل التقنية.
لم تقف تلك الوسائل عند هذا الحد بل تجاوزت ذلك لتخلق وسائل اتصال جديدة من خلال شبكة الإنترنت أطلق عليها وسائل الاتصال الاجتماعية ويسيطر عليها اليوم عنصران رئيسان وهما فيسبوك وتويتر، أما الفيسبوك فترجع نشأته إلى الطالب مارك جوكربيرغ وقد كان عمره عند بداية إطلاق هذا الموقع 23 عاما وهو من جامعة هارفرد الأمريكية، وكان هدفه من إقامة ذلك الموقع على شبكة الإنترنت هو أن يضم طلبة الجامعة في موقع واحد، وسرعان ما انتشرت أصداء الفكرة في جامعات أخرى، ومنذ عام 2004 وأعداد مستخدمي الموقع في ازدياد حتى وصلت في أسابيع قليلة إلى 23 مليون مستخدم، وذكرت دراسة أجريت في عدد من الجامعات الأمريكية أن 85 في المائة من الطلاب يستخدمون هذا الموقع، وقد كان في بداية إطلاقه مقتصراً على طلبة الجامعة والمدارس الثانوية حتى تم إطلاقه بعد ذلك ليصل عدد المشتركين بنهاية عام 2007م قرابة الـ 50 مليون مشترك في حين تشير الإحصائيات إلى أن عدد المشتركين اليوم يصل إلى 500 مليون مشترك.
وبطبيعة الحال فإن هذا الشاب قد قفز مباشرة بعد هذا الإنجاز من طالب في جامعة هارفارد إلى صاحب مليارات الدولارات إذ وصلت قيمة هذا الموقع اليوم قرابة الـ 50 مليار دولار وذلك وفقاً لما أشارت إليه صحيفة "نيويورك تايمز" مطلع هذا العام، وللموقع تأثير بالغ في العديد من مجالات الحياة سواءً الاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى السياسية ومثله مثل باقي الابتكارات والاختراعات التي يتم تقديمها يوماً بعد يوم، فإن للفيسبوك إيجابيات وله سلبيات، فمن إيجابياته التواصل مع الآخرين ومعرفة أخبارهم خصوصاً القدامى منهم الذين حالت الظروف دون التواصل معهم، كما أنه يعد وسيلة اتصال اقتصادية إضافة إلى إمكانية تبادل الخبرات والتعرف على معلومات جديدة وغيرها من الأمور الإيجابية الأخرى، أما السلبيات فهي لا شك موجودة مثل ضياع الوقت وانتشار بعض الأخبار في بعض الحسابات الخاطئة واللاأخلاقية بل قد يكون فيها كذب وخداع وإنشاء حسابات لأشخاص آخرين وغيرها من السلبيات التي يتم اكتشافها يوماً بعد يوم.
بغض النظر عن إيجابيات وسلبيات الموقع فإن انتشاره وقيمته تؤكد أن هناك الكثير والكثير يمكن أن يقدم من هذا الجيل، فهذا الشاب بدأ من فكرة بسيطة داخل إطار الجامعة فإذا بها تنمو وتكبر في فترة وجيزة لتكون بهذه القوة وهذه القيمة الكبيرة والقضية الرئيسية هنا هي كيف يمكننا أن نتكاتف مع جيل الفيسبوك وأن نسعى لأن نسخر هذه الوسيلة لخدمة أهدافنا الوطنية والاجتماعية والتي تساهم في تطوير مستوى معيشتنا من ناحية ومستوى الخدمات التي تقدم من ناحية أخرى، فكم من مجتمعات تجاهلت الاهتمام والتطوير لهذا الجيل فإذا بها تعيش اليوم واقعاً لا تتمناه، وكم من مجتمعات سخرت من هذا الجيل فإذا بها تعض يد الندم اليوم على هذه السخرية وعلى تجاهل ما لدى هذا الجيل من قوة تقنية كبيرة.
واجبنا اليوم أن نعمل على تطوير هذا الجيل وعلى توحيد أهدافه لتكون أهدافا تنموية تعمل على خدمة ديننا ووطننا وتسعى للارتقاء بمجتمعنا ليكون في مصاف المجتمعات المتقدمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي