الخضير: تحديد قيام الليل يكون بالوقت وليس بالركعات
أوضح الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير عضو هيئة كبار العلماء، أن الاقتداء بالنبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ في صلاة الليل يحتاج من المسلم إلى التعرف على ما كان يسير عليه في هذا الجانب، وأضاف أننا في هذا نستدل بما جاء في السنة النبوية، ومن ذلك حديث عائشة ـــ رضي الله تعالى عنها ـــ وغيرها من الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن صلاة الليل للمصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام تقول عائشة ـــ رضي الله عنها ــــ أن النبي ـــ عليه الصلاة والسلام ــــ: ''ما زاد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة'' كما ثبت في الصحيح أيضاً أنه صلى 13 ركعة، وثبت أنه صلى 15 ركعة، وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ''صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل واحدة توتر له ما قد صلى''، فليس في هذا حد محدود، إلا أن الأفضل أن يصلي 11، على الوصف الذي جاء في صلاته ــــ عليه الصلاة والسلام، وأوضح أن ما جاء في وصف صلاته ـــ عليه الصلاة والسلام ــــ أنه قرأ في ركعة البقرة، ثم النساء ثم آل عمران، يعني قرأ في ركعة واحدة خمسة أجزاء، وأضاف أن بعض الناس يظن أنه يحقق الاقتداء بالنبي ــــ عليه الصلاة والسلام ـــ فيصلي 11 ركعة في 11 دقيقة، وإنها مجزئة، يعني الركعة تتصور في دقيقة واحدة، فمثل هذا هل حقق الاقتداء بالنبي ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ كماً وكيفاً هذا هو المطلوب، بل هو الأفضل إذا حقق ذلك كماً وكيفاً، أما إذا حقق الكم دون الكيف فلا، لأن القرآن دلَّ على أن القيام يحسب بالوقت، لا بالعدد ''إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ'' (المزمل: 20).
وبين فضيلته أن تحديد قيام الليل يكون بالوقت لا بالركعات كما تبين الآية السابقة، يعني من شغل ثلث الليل فأجره واحد، سواء صلى في الثلث الذي يقدر يمكن ثلاث ساعات أحياناً صلى في ثلاث ساعات 11 ركعة، أو صلى أكثر من ذلك أو أقل، إذا صلى ثلث الليل وعمر الوقت بالصلاة والذكر والدعاء حسب قيام الليل وكامل لا إشكال الثلث، وأيضاً لو صلى نصف الليل فأجره أعظم.
ومضى يقول: كل إنسان يفعل ما ينفع قلبه، ويرتاح له؛ لأن بعض الناس عنده استعداد أن يصلي 100 ركعة خفيفة، هذا عليه أن يطيل السجود وفي هذا حديث: ''أعني على نفسك بكثرة السجود''، وبعض الناس ما عنده استعداد يقوم ويقعد ويشق عليه كثرة القيام والقعود، مثل هذا يطيل القيام، ويقلل من الركعات.
وأشار الخضير إلى أنه ورد ذكر القرآن أنه أفضل الأذكار وأفضل الكلام، والسجود أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وجاءت النصوص بهذا وهذا ليختار المسلم ما ينفع قلبه ويرتاح له بدنه؛ لأنه ليس المراد من القيام ـــ قيام الليل ــــ تعذيب المكلف، وإنما المراد منه والهدف من تشريعه القرب من الله ـــ جلَّ وعلا ـــ والتلذذ بمناجاته.
ويشير إلى أن بعض الناس عنده استعداد أن يسهر الليل كله، ثم إذا أراد أن يوتر بركعة ما الذي يحصل له من الصراع في نفسه؟ أحياناً يغلبها وأحياناً تغلبه، وهي ركعة واحدة؛ لأنه ما تعود، ولا شك أن قيام الليل شاق في أول الأمر، يحتاج إلى جهاد. بعض السلف يقول: جاهدنا 20 عاما وتلذذنا بقية العمر.
فالمسألة تحتاج إلى جهاد، تحتاج إلى صدق مع الله ــــ جلَّ وعلا ــــ، مع بذل الأسباب وانتفاء الموانع، وإذا علم الله ــــ جلَّ وعلا ـــ صدق العبد أعانه، والله المستعان.