مسؤول حكومي يستحق الثناء!
في أحد المنتديات قام أحد المتحاورين بالثناء والتقدير لموقف أحد المسؤولين ذوي المناصب الرفيعة، الذي لجأ إلى القنوات الرسمية للمطالبة بحقه ولم يستغل منصبه وما إن قام ذلك المحاور بالإشادة بالمسؤول إلا وفوجئ بهجوم عارم من قبل عدد من المتحاورين يحتجون على هذا الثناء ولا يرون له حقا وبعضهم رآه بأنه وسيلة رخيصة للتزلف والتسلق والبعض الآخر وجد أن هذا الأمر طبيعي ولا داعي لمدح أو ثناء لمن يتبع الوسائل النظامية، وهكذا تواصلت الاحتجاجات على الثناء على ذلك المسؤول الحكومي.
بصفة عامة نجد أن الانطباع عن إنجاز الدوائر الحكومية من قبل المراجعين يعد انطباعا سلبياً عند الغالبية، ولا تكاد تجد مسؤولا حكوميا تشعر أن الأغلبية تشيد بأدائه وبما يقدمه من إنجاز، وقد حرصت بعض إمارات المناطق في المملكة على الإعلان عن برامج متنوعة لقياس رضا الجمهور عن أداء الدوائر الحكومية ولكن لم تظهر نتائج تلك الدراسات حتى الآن، وعلى الرغم من اجتهاد بعض مناطق المملكة وحرصها على الارتقاء بمستوى الأعمال الموجودة فيها من خلال وضع مقاييس واضحة وشفافة تبين إنجاز كل دائرة حكومية موجودة في تلك المنطقة إلا أن الصورة لا تزال غير واضحة عن المستوى والانطباع لا يزال في أغلبه سلبيا.
إن تفعيل تقييم الأداء الحكومي بشكل دوري لا يساهم فقط في معرفة أداء تلك الدوائر بل يساهم أيضا في معرفة نقاط القوة والضعف الموجودة مما ينعكس بشكل مباشر على مستوى الخدمات المقدمة للجمهور. كما يساهم ذلك التقييم في إعطاء التقييم عن المسؤولين عن تلك الإدارات ومستوى أدائهم والإنصاف في تقييمهم من خلال تلك المقاييس العلمية لا من خلال ما قد تقدمه بعض الوسائل الإعلامية.
إن موضوع قياس مستوى الأداء يجب أن يرتبط بشكل مباشر بمستوى الإنجاز الفعلي، الذي تم وانعكس أثره بشكل مباشر على المواطن واستفاد من خدماته بعيدا كل البعد عما نجده عبر وسائل الإعلام من معارض وندوات وتوقيع اتفاقيات وإصدار مطبوعات فكل ذلك على الرغم من أهميته إلا أن تأثيره غير مباشر على الفرد الذي يتطلع إلى إنجازات يشعر بها ويستفيد منها وينعكس أثرها على وضعه المعيشي، ويرى من خلالها أن هناك تطويرا في مستوى ما يجده من خدمات وسرعة في الإجراءات وتنفيذا للمشاريع، خصوصا ما كان منها متعثراً واختصارا للوقت الذي كان يمتد لسنوات بل وعقود من الزمن وإنجازاً للمعاملات من خلال التعاملات الإلكترونية أو غيرها من الإنجازات التي يشعر بها الفرد فعليا.
من خلال هذا التقييم السنوي لمستوى تلك الخدمات يحق لنا بعدها أن نحكم على مستوى ذلك المسؤول أو نهاجم ونتحفظ على من يجرؤ على أن يثني على أي مسؤول حكومي.
هناك مسوؤلون حكوميون مجتهدون ويعملون بإخلاص وجد واجتهاد على الرغم من وجود العديد من الظروف الصعبة التي تقف عائقا أمام تحقيق إنجازات ملموسة سواء من خلال الصلاحيات أو الاعتمادات المالية أو الكوادر البشرية المؤهلة التي يمكن أن ينجز العمل من خلالها، وفي المقابل هناك مسوؤلون فرحوا بذلك المنصب وخلدوا إليه ولم يحركوا ساكنا وتفرغوا لمواجهة الكاميرات عن مواجهة أصحاب المعاملات ولا تكاد تشعر بأي تغيير إيجابي لهم منذ تقلدهم مناصبهم.
إننا في حاجة إلى أن نعيد الاعتبار أولا للوظيفة الحكومية وما تحمله من قيمة مهمة للناس، كما أننا في حاجة ماسة إلى أن نكون منصفين في تقييمنا للمسؤولين فنحكم عليهم من خلال مقاييس أداء منصفة ترفع سنويا وتدخل في معايير تجديد مناصبهم، كل ذلك مهم حتى لا يتم التعميم على أن جميع المسؤولين لا يستحقون الثناء أو أن جميعهم قد أصبحوا فوق الثناء.