رئاسة إدارات الأندية.. هل تعتمد على المال أم الفن أم العلم؟ (2 من 3)
استكمالا لما تناولناه في المقال السابق حول إدارات الأندية، فإنه من المهم الإشارة إلى ضرورة تشكيل لجنة تعنى بالشؤون المالية وشؤون التسويق، وأن يرأسها مسؤول يتمتع بالإمكانات الفكرية العالية في مجال الاقتصاد والمال والخبرة التي تؤهله إلى إدارة الجانب المالي للنادي مع التمتع بعلاقات طيبة في هذا المجال، كما أنه العصب الذي يقوى به كل قرار داخل النادي من لحظة الإعداد للقرار ومرورا بصدوره حتى تنفيذه وتقييمه، خاصة أن الانخراط في عالم الاحتراف يقودنا إلى عدم فصل الهدف الأساسي (الذي أسس من أجله النادي ـــ كناد رياضي)، عن اعتباره جزءاً من الأنشطة التي تهدف إلى الربح مثل أي نشاط استثماري تجاري.
الأندية الرياضية في عالم الاحتراف تتطلب الاختيار الدقيق لفريق عمل يرأسه أحد أعضاء مجلس الإدارة، الذي سيتولى مهمة المسؤول المالي، لأنه المعني الأول مع فريق عمله في البحث عن مصادر التمويل للنادي، وتنويع هذه المصادر، وابتكار أساليب جديدة لجمع المال حتى يتسنى لجميع أعضاء مجلس إدارة النادي بناء خططهم وبرامجهم لأنشطة النادي كافة، حسب خطط التمويل التي يقدمها المسؤول المالي، ويقوم بعد ذلك في الإشراف على إعداد الموازنة التقديرية (السنوية)، ومراقبة الإنفاق حسب الأصول المتعارف عليها دولياً ومحلياً.
ثم يأتي الدور المهم بأن يتولي باقي الإدارات الأخرى وهو أن يتولى كل قسم أو جزء في النادي جانبا من التنظيم، حيث يؤدي أو يقوم بمهام محددة متخصصة، مع مراعاة أن تكتمل جميع الأقسام أو الأجزاء العملية الإدارية للنادي ككل، ويكون ذلك في إطار ونسق واحد، حيث تتحقق النتائج المرجوة، وبالتالي لا تقل باقي الإدارات أهمية عن المالية شخصيات لها خبرة كافية وكفاءة ومهارة في أداء المهام الموكلة لهم، بل أذهب أكثر من ذلك بأن يستعين رئيس النادي بأكاديميين متخصصين في علم الإدارة الرياضية، وعلم النفس الرياضي وغيرها من التخصصات التي يحتاج إليها النادي، وذلك لمعالجة كل السلوكيات المالية والإدارية والفنية، وفق أسس علمية، وأن يتبلور المنظر العام لأعضاء مجلس الإدارة، وفقاً لمراعاة ثوابت مثل أن تكون مصلحة النادي فوق مصلحة الجميع والتوازن بين أهداف النادي والأفراد، لأنها ضرورة حتمية لا بد من العمل على تحقيقها، وهذا يساعد على تنظيم العمل والتركيز على تحقيق هذه الأهداف، وفرض الرقابة الصارمة على كل أركان العمل حتى لا يجد أصحاب النفوس المريضة الفرصة لتحقيق أهداف ذاتية أو تسخير إمكانات النادي لمصالحهم الشخصية، خاصة أننا نجد في العالم العربي بعض رؤساء الأندية العربية يختلفون عن رؤساء الأندية في أوروبا مثلا، وبالطبع نستثني إيطاليا من ذلك، فعندما نذهب إلى إسبانيا نشاهد رؤساء الأندية فقط قبل المباريات، لأن هناك تقليداً يحتم عليهم ذلك، لكن في إنجلترا أو ألمانيا فمن الصعب أن تشاهد أو حتى نسمع تصريحاً لأي رئيس من رؤساء الأندية إلا فيما ندر، لأن هدفهم هو مصلحة النادي فقط، وبالتالي لا يحتاج الظهور في الإعلام بكل أشكاله وصوره، تحديد دقيق جداً لدور رئيس النادي يعطيه حقوقاً ويفرض عليه واجبات، وهذا ما يجب أن يكون عليه الرئيس، وبالتالي يوزع مهامه عن طريق تفويض مديري الإدارات وتحميلهم المسؤوليات اليومية، وأن يكون بينه وبينهم تواصل دائم، لأنه الوسيلة التي من خلالها يتم تحقيق الترابط بين هذه الإدارات.
وحيث إن الأشخاص الذين يعملون في الأندية العربية، سواء أعضاء في مجلس الإدارة أو يعملون في الإدارات المختلفة، هم مجموعة أشخاص متطوعين لخدمة هذا النادي لحبهم له، أو من أجل مكافآت مالية رمزية، وهم في الحقيقة موظفون حكوميون كمعلمين في المدارس، أو أنهم موظفون في القطاعات الحكومية الأخرى، أو موظفون في القطاعات الأهلية، ويأتون إلى النادي في الفترات المسائية لإنجاز الأعمال المكلفين بها في النادي، وإذا علمنا بأن الوظيفة الإدارية في النادي الرياضي أيا كان مستواها في الأسلوب أو الطريقة فإنها تهدف إلى تحقيق مهام معينة بأحسن درجة ممكنة من الكفاية، ويلاحظ أن تحقيق المهام الوظيفية بأحسن درجة من الكفاية يتم من خلال إحداث تغيير في أسلوب الإداريين داخل النادي وتحسين كفاءاتهم ومهاراتهم وقدراتهم في إطار من عناصر الإدارة، وهي تعد الإدارة الوسطى وتلعب دورا مهما بين مجلس الإدارة والإدارات المباشرة، فمن اختصاصاتها متابعة السياسة العامة ومتابعة تحقيق الأهداف وترجمة الأهداف طويلة المدى إلى أهداف مرحلية قصيرة وتشمل ما يلي:
- وضع الخطط الفرعية قصيرة المدى.
- رسم السياسة التنفيذية لتحقيق الخطط الفرعية.
- وضع نظم العمل وتحديد السلطة والمسؤولية.
- تدريب وتنمية الإدارة المباشرة.
- توجيه وتنسيق الأعمال.
- بث روح الفريق.
- الرقابة ومراجعة النتائج.
- وضع معايير الأداء.
- رفع تقارير دورية للإدارة العليا.
- المساهمة الإيجابية في وضع خطط المشروع عن طريق المعلومات والبيانات والمقترحات المرفوعة للإدارة العليا، بهدف تحقيق المصلحة العليا للنادي، إن الإدارة الرياضية هي عمادة تقدم جميع الأنشطة الإنسانية اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو إنسانية، ودونها يصعب الوصول إلى التقدم الذي عليه عالمنا الآن، والرياضة واحدة من الأنشطة الإنسانية التي أخذت تتوسع وتتفرع نتيجة الاهتمام المتزايد بها، وخلال هذا التوسع، وذلك التفرع كان من الضروري التشبث بالإطار العلمي في تنظيمها، وبذلك أصبحت الإدارة أساسا لكل نجاح فيها يعكس تقدم الدول في الرياضة مدى التقدم في استخدام الإدارة الرياضية الحديثة في جميع أنشطتها الرياضية، إذ كلما ارتقى مستوى الإدارة فيها تحسن مستواها الرياضي، لذا يجب وضع آلية معينة في الأندية الرياضية لاحتراف بعض العاملين فيها، وإعطائهم دورات في إدارة الأندية الرياضية لكي يكون لديهم إلمام جيد بجميع الأعمال الإدارية وبأنظمة وقوانين ولوائح الاتحادات الرياضية، ويستطيعوا خدمة النادي، وفق خلفية كاملة عن كل ما هو متعلق بهذه اللوائح والأنظمة والقوانين بل له أدوار أخرى: إعداد خطط واقتراحات، وإعداد المعسكر، والتنسيق للمباريات الودية، والتعامل مع اللاعبين في الفريق، وتجهيز احتياجاتهم كاملة حسب العقد المتفق عليه، وتجهيز جميع الأمور الإدارية للاعبين بما في ذلك كمتابعة الظروف الأسرية لهم، وتجهيز المتطلبات الرياضية من ملابس.. إلخ، وعمل الإحصاءات اللازمة عن الإنجازات السابقة والحالية، وعقد المقارنة بينها، وتحديد نسب الصعود أو الهبوط، وعمل استمارات توضح مقاسات الملابس والأحذية ووزن اللاعب.. إلخ، وتجهيز احتياجات المدرب من اجتماعات مع اللاعبين، وعمل التنسيق اللازم مع الكادر الطبي للاحتياجات الطبية الخارجية من المستشفيات والمعدات، ووضع ومراقبة وتنفيذ اللائحة الداخلية للنادي والتزام جميع اللاعبين بها كل ذلك وغيره يحتاج إلى الموظفين الدارسين الملمين بأمور عملهم، وفق هذه الدراسات، وبذلك نضمن عملاً محترفاً يقلل نسبة الأخطاء ويزيد من فعالية دور هؤلاء الموظفين للرقي بالعمل الإداري من أجل إحداث التطوير العام للنادي، بل لتطوير الرياضة بصفة عامة في كل البلدان العربية، وهذه مهمة رئيس النادي الذي يجب أن يشرف عليها إشرافاً شخصياً، ويجب أن يعلم رؤساء الأندية بأن كرة القدم تظل دائماً مختلفة عن غيرها وتحتوي على ما هو خاص وجميل فيها دون سواها.