الزنجبيل لا يرفع ضغط الدم!!
أحد الزملاء وهو أستاذ وطبيب أصابته نزلة برد فذهب إلى البيت بعد صلاة الظهر، وفي صباح اليوم التالي جاء ولم يبد عليه أي أعراض مرضية، فسألته ماذا أخذت من أدوية؟ فقال لي بصراحة إني أكثرت من شرب السوائل التي تحتوي على الزنجبيل، فدخل علينا أحد الأطباء فنصحه بأخذ الزنجبيل كعلاج لزكماته المتكررة، فقال له بثقة عالية: المشكلة أن الزنجبيل يرفع ضغط الدم، فسألني الأستاذ هل هذا صحيح؟ فقلت له لم أسمع بذلك، ولكن دعني أبحث، بالطبع لم أذهب إلى المواقع الإلكترونية، حيث فيه تجارب شخصية كثيرة ومعلومات غير موثقة ومبالغات، لذا اعتمدت فقط على المقالات العلمية المنشورة في مجلات محكمة، فوجدت العجب والعجاب في تأثيرات الزنجبيل، منها أكثر من 170 مقالاً تتعلق بعلاقة الزنجبيل والأورام السرطانية، حيث وجد اليابانيون أن خلاصة الزنجبيل وكذلك بعض مكوناته الأساسية لها دور كبير في علاج السرطانات، وكذلك له مفعول ضد الالتهابات الروماتيزمية، كما أنه يرفع قوة الجهاز المناعي، ويعد أيضا مضاد للتقيؤ، إضافة إلى تأثيراته الأخرى العجيبة والمفيدة.
بخصوص تأثيره في ضغط الدم فقد كانت أغلب الدراسات قد نُشرت منذ أكثر من خمس سنوات، وجد الباحثون أن خلاصة الزنجبيل لها تأثرات مخفضة وليس رافعة لضغط الدم، حيث إن آلية ذلك المفعول كانت من عدة طرق أهمها قفل قنوات الكالسيوم (Calcium Channels Blocker)، والأخرى عن طريق معاكسته لمفعول الأنجيوتنسين (Angiotensin Antagonist) الرافع لضغط الدم.
فبعد ساعتين من هذا النقاش والبحث ذهبت لصديق استشاري وسألته عن الأشياء المفيدة ضد الإنفلونزا!! فقال لي أنصحك بأخذ الزنجبيل، ولكن الغريب في الأمر أننا جالسون في مكتب أستاذ واستشاري كبير فقال لنا هذا ليس صحيحا، فالزنجبيل يرفع ضغط الدم!!، فكان ردي في هذه المرة فيه نوع من العتاب الشديد، لأننا في مؤسسة علمية ليس فيها مجال للرأي بدون دليل، فأعطيته ملخصات الأبحاث المنشورة فلم يكن منه إلا أن قال فقط كلمة والله عجيب!! فقلت في نفسي والله العجيب ليس في عدم معرفة معلومة معينة، بل الإصرار على الإفتاء بدون دليل حتى على مستوى النخب. ومن العجيب أيضاً أن أحد كبار المفتين في الطب الشعبي وهو يحمل شهادة دكتوراه (خارج المملكة) وجدت في موقعه هذه العبارة عن الزنجبيل (يوسع الشرايين ويؤدي لزيادة السيولة في الدم ويرفع الضغط)، فلا أدري أيها السادة كيف يوسع الزنجبيل الشرايين ويرفع ضغط الدم!!
أما ذكر الزنجبيل في القرآن فقد قال تعالى: (ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً)، وهذا يدل على ضرورة مزجها بالسوائل حتى تكون مستساغة للشرب. كما قال أبو سعيد الخدري- رضي الله عـنه: أهدى ملك الروم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرة زنجبيل، فأطعم كل إنسان قطعة، وأطعمني قطعة.
فهذه القصة عن تأثيرات الزنجبيل تعبر عن واقع صحي يسمع فيه الناس الكثير من التناقض في الآراء والإفتاء بغير علم، ولكن كم هو مؤسف أن الكثير من الآراء مبنية على السماع أو تجارب غير موثقة أو مجرد عدم الاقتناع بفائدة أو مضرة شيء معين، والحل أيها السادة لا بد من التوثيق وتجنب المبالغة في الدفاع أو الهجوم.